دعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الرئيس مبارك إلي مطالبة النائب العام ورئيسي مجلسي الشعب والشوري إلي فتح تحقيق رسمي من خلال مكتب النائب العام, أو عبر تشكيل لجنة مستقلة خاصة وذات صلاحيات قانونية أو كليهما, من أجل إجلاء حقيقة المسئولية الفعلية أو التقصيرية عن وقوع الاعتداءات الطائفية الأخيرة في نجع حمادي, علي أن يشمل التحقيق جميع الظروف المحيطة بهذه الاعتداءات, خاصة منذ أحداث فرشوط في نوفمبر 2009 وحتي أحداث نجع حمادي 6 يناير الجاري.
كما دعت المبادرة إلي إحالة المسئولين عن الاعتداءات الطائفية في كل من نجع حمادي وبهجورة وتركس في الفترة من 6 يناير الجاري إلي المحاكمة الجنائية وصرف تعويضات عادلة للمضارين من تلك الاعتداءات, وإطلاق السراح الفوري لجميع المحتجزين دون وجه حق, ومحاسبة المسئولين عن أي اعتقالات عشوائية أو حالات احتجاز غير قانونية.
وطالبت المبادرة بفتح تحقيق فوري بشأن التقارير التي تشير إلي تعرض محتجزين للتعذيب واستعمال القسوة داخل مقر مباحث أمن الدولة بنجع حمادي, وإحالة المسئولين من الضباط ومساعديهم إلي المحاكمة الجنائية بتهمة التعذيب.
وأصدرت المبادرة تقريرها عن الحادث تحت عنوان: نجع حمادي.. شهود علي الفتنة, رصدت فيه كل ما تعلق بالحادثة, ومدي ارتباطها بحادثة فرشوط, وقامت لجنة شكلتها المبادرة لتقصي حقائق ما حدث.
اعتبر التقرير تصريحات وزارة الداخلية بشأن عدم وجود أي معلومات تحذيرية قبل حادث نجع حمادي غير صحيح, خاصة أن المعلومات والشهادات والأدلة المتوفرة لدي المبادرة تخالف هذه التصريحات, كما أن أجهزة الأمن المحلية بل والمركزية كان أمامها دلائل متواترة ومتطابقة تشير إلي أن المنطقة قد تشهد أحداث عنف في ليلة عيد الميلاد, وبالتالي فإن هذه الأجهزة فشلت في التنبؤ بوقوع جرائم سواء كانت تعلم أو كان ينبغي أن تعلم بأن وقوعها مرجح في ذات الوقت والمكان اللذين وقعت فيهما تلك الجرائم.
أشار التقرير إلي أن الظروف التي أحاطت بنجع حمادي وفرشوط في الأيام السابقة لوقوع جريمة عيد الميلاد كانت علي درجة من الوضوح والتوتر, وكفيلة بلفت نظر الأمن علي أقل تقدير, وهو ما يجعل التحقيق في عدم قدرة أجهزة الأمن علي توقع تلك الجرائم والاستعداد لها واجبا ضروريا.
نوه التقرير إلي أنه في ضوء التهديدات وأجواء الحذر التي خيمت علي نجع حمادي والقري المجاورة لها, التزم كهنة كنائس نجع حمادي وتوابعها بتغيير موعد إنهاء قداس ليلة عيد الميلاد لينتهي بعد العاشرة مساء بقليل, وليس في منتصف الليل كما هو المعتاد, غير أن مغادرة أغلب الأسر لكنائس المدينة عقب انتهاء القداس لم يمنع الجناة من تنفيذ هجومهم علي من تبقي من تجمعات للشباب القبطي بجوار الكنائس.
أوضح التقرير حسب مقابلات أجريت مع المصابين وأهالي الضحايا وشهود العيان ضعف الوجود الأمني أثناء صلاة قداس العيد, وهو ما ساهم في وقوع الحادث بشكل ملفت للنظر, كما أن إطلاق النار وقع علي بعد أمتار قليلة من كنيستين ودير قبطي, ولم يعكس التعزيز الأمني الموجود في هذه المنطقة ما سبق أن صرح به مساعد وزير الداخلية اللواء عدلي فايد بشأن أن الوجود الأمني أمام الكنائس كان في المعتاد مثل الأعياد السابقة.
وسجل التقرير الاعتداءات الجماعية علي الأقباط في نجع حمادي وبهجورة وعزبة تركس, خاصة أن هذه الاعتداءات اندلعت أثناء تشييع جنازات القتلي وطالت الاعتداءات منازل وممتلكات الأقباط, وقامت مجموعات تحمل أسلحة بيضاء وعصيا وأوعية من البنزين بكسر أبواب المحال التجارية وسرقتها وإشعال النيران فيها, كما حاولوا فتح أبواب المنازل عنوة والتهجم علي سكانها كما حدث في منطقة الساحل والسوق بمدينة نجع حمادي.
وأجمعت الشهادات التي حصلت عليها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وسجلها التقرير – علي فشل الأجهزة الأمنية في حماية الأقباط وصد الاعتداءات علي ممتلكاتهم, حيث غاب التواجد الأمني عن الشوارع والمناطق الملتهبة, التي كانت مرشحة للانفجار في أي وقت, ولاحظت بعثة تقصي الحقائق التابعة للمبادرة آثار التدمير والتخريب علي المحال التجارية والمنازل فيها, وحالة الخوف والرعب التي تسيطر علي الأهالي خشية تكرار هذه الاعتداءات.
وحسب روايات الضحايا وشهود العيان تعرضت بعض متاجر الأقباط للسرقة والحرق في نهار يوم عيد الميلاد, حيث قامت جماعات من المسلمين بكسر المحال وسرقتها, وأن بعض من قاد هذه الجماعات جيران مسلمون لأصحاب المحال التجارية, وسجل التقرير أيضا خروج مجموعة من المسلمين بعزبة تركس في بهجورة وأشعلوا النيران في منازل ومحال تجارية وكانت الخسائر فادحة.
أشار التقرير إلي أنه في الوقت الذي فشلت فيه أجهزة الأمن في التنبؤ باعتداءات نجع حمادي, وفي التصدي للمهاجمين أثناء تنفيذها, وفي حماية منازل وممتلكات الأقباط من النهب والإحراق والتدمير, فإنها عوضت هذا الفشل بانتهاج النمط المعهود من الانتهاكات التي دأبت علي ارتكابها في أعقاب أحداث العنف الطائفي من اعتقالات عشوائية فردية وجماعية من الطرفين, استعمال قانون الطوارئ, والتعذيب وإساءة معاملة المحتجزين, وتقييد حرية ممثلي الإعلام ونشطاء المجتمع المدني.
وحصلت المبادرة علي العديد من الشهادات المتطابقة حول عمليات توقيف واحتجاز عشوائية قامت بها قوات الأمن في مراحل مختلفة من صباح 7 يناير وحتي 10 يناير الجاري, ووقع أغلب هذه الاعتقالات في أماكن وأوقات بعيدة عن أحداث العنف والاعتداءات التي لم تقم قوات الأمن خلالها بواجبها في وقفها والقبض علي المتورطين فيها.
كما توافرت لدي المبادرة شهادات متطابقة ترجح تعرض بعض المحتجزين من الأقباط علي الأقل للتعذيب وإساءة المعاملة بمقر مباحث أمن الدولة بمدينة نجع حمادي, وتضمنت أساليب التعذيب وإساءة المعاملة الواردة في الشهادات كلا من الضرب المبرح, والركل بالأرجل, وإجبار المحتجزين علي خلع أغلب أو جميع ملابسهم مع تغمية أعينهم, وتوجيه الإهانات الدينية والسباب لهم, وقيام أحد ضباط مباحث أمن الدولة بصعق بعض المحتجزين بالكهرباء في أماكن مختلفة من أجسادهم بما فيها أعضاؤهم التناسلية.