إذا سألنا أنفسنا عما وصل إليه حال الأطفال في مصر..سنجد فريقا متشائما لا ينظر إلا لنصف الكوب الفارغ,وفريقا آخر يبالغ فيما تحقق له,وأكثر ما يعجبني في السفيرة مشيرة خطاب الأمينة العامة للمجلس القومي للطفلولة والأمومة أنها لا تجمل الواقع ولا تزيفه,وإنما تضع يدها علي الداء.
تفتح السفيرة ملفات الطفولة الشائكة,وتتلامس عن قرب مع مشكلات الطفولة في القري والنجوع والأحياء الشعبية بعيدا عن الصالات والقاعات المكيفة,ورغم ذلك تواجه أي نقد بصدر رحب حتي إذا صدر عن جهل من صاحبه,فتزيل غباره بثقة لتظهر الحقيقة,وترحب بكل مايقدم من اقتراحات سواء جاءت من شخصيات أو جمعيات,خاصة من الأطفال,وتأخذ الاقتراح مأخذ الجد والدراسة والمتابعة..وفي كل مرة تتحدث عن الإنجازات التي حصل عليها الطفل المصري وتعترف بأن الطريق لايزال طويلا,وأن التحديات التي تستحق التكاتف لمواجهتها لاتزال قائمة.
ومن التقرير الوطني الأخير الزي أعده المجلس مع الجمعيات الأهلية ليقدم للجنة الدولية لحقوق الطفل نستطيع أن نرصد بعض ما تحقق للطفل المصري منذ عام 2001 وحتي اليوم,ولا يخفي علينا أن أهمها وأحدثها هو إقرار تعديلات قانون الطفل لسنه 2008,والتي وفرت نظاما متكاملا لحماية الأطفال,وغيرت مفهوم الطفل المنحرف إلي الطفل المعرض للخطر,والذي يحتاج بالضرورة إلي حماية وليس إلي عقاب,وقانون الجنسية الذي أعطي أبناء الأم المصرية المتزوجة من أجنبي الجنسية المصرية,وإطللاق خط نجدة الطفل(16000)والخط الساخن لذوي الاحتياجات الخاصة(080088666)كآليات عملية للرصد والمتابعة,وإطلاق مجموعة من الاستراتيجيات في مختلف القضايا المجتمعية,المهمة من أبرزها الاستراتيجية القومية لرعاية وحماية أطفال الشوارع,وحماية النشئ من المخدرات,ومناهضة عمل الأطفال,والمبادرة القومية لتعليم الفتيات,وإنشاء محاكم الأسرة التي نص القانون المنظم لها علي حق الطفل في أن يستمع إليه في الإجراءات القضائية والإدارية.
من جانب آخر انخفض الإنفاق علي الأطفال في الموازنة العامة للدولة من 16% إلي 13%,رغم أنهم يشكلون 29% من تعداد السكان,ولا يزال الأطفال لا يشكلون أولوية في السياسة العامة,وضعف الوعي بحقوق الطفل وبالاستثمار في الطفولة,مع عدم كفاءة توزيع الخدمات بين أطفال الريف والحضر,وسوء التغذية والأنيميا وقصر القامة,وقصور الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة,ونظرة المجتمع السلبية لطفل الشارع والطفل العامل وحرمانهم من الحصول علي حقوقهم وانتهاك,الإعلام لخصوصية الأطفال.الواقع يشهد بأن المجتمع أصبح ينتفض لانتهاكات الطفولة سواء من الختان أو من ضرب أطفال المدارس,وهي خطوة مهمة لينقي نفسه من الشوائب ويلفظ الممارسات الضارة.