صعد رجل ذو ملامح غير مريحة إلي عربة السيدات بمترو الأنفاق فصرخت فيه البنات والسيدات كرد فعل تلقائيأنزل إنها عربة السيدات فرد بصلفمش نازل إحنا في ثورة!!فقالت له امرأة عجوز بصوت ضعيف حنونيا ابني انزل لحسن يدفعوك غرامة..فازداد عجرفة وقال مين دول إللي يدفعوني؟!…إحنا في ثورة يا حاجة…وظل يتمتم بكلام غير مفهوم إلا جزئيا من شاكلة هو الستات عاوزين إيه؟…اشمعني هم ليهم عربات للسيدات وإحنا مالناش عربات للرجالة؟…وكان المترو قطع مايقرب من منتصف المسافة للمحطة التالية قررت فيها الراكبات بتبادل النظرات السريعة تشكيل لوبي لإجباره علي النزول في أول محطة…واتحدت عباراتهن في المعني وأن لم تتفق في الألفاظطول ماليافطة إللي بتقول إنها مخصصة للسيدات موجودة مش هاتركبوها…اطلبوا أنها تتلغي ولما يحصل تعالوا… ثورة ولا فوضي؟!..وفعلا لم يستطع الرجل بمفرده مقاومة الاتحاد النسوي ونزل مهرولا في أول محطة.
والقضية ليست الدفاع عن تخصيص عربات للنساء فلو احترم المجتمع نساءه لما احتجن لها ولكن الأهم هو السؤال المطروح هي ثورة ولا فوضي؟ هل الثورة تعني الانفلات وأن كل واحد يظن أن له حق ينتزعه بذراعه؟!…
إنني أتحسر علي روح الثورة عندما أسير في شوارع وسط البلد فأجدها تحولت إلي ما يشبه سوق العتبة, فالباعة المفترشين شارع 26 يوليو شوهوه, لم يستولوا فقط علي الرصيف بل علي مايقرب من نصف نهر الشارع الرئيسي مسببين أزمات مرورية رهيبة ومنتشرين بشكل سرطاني حتي مداخل أنفاق المترو كل ينادي علي بضائعه بأصوات متداخلة تثير الأعصاب…أين حق أصحاب المحلات؟ أين حق المشاه؟!…أين وجه مصر الحضاري؟!!…
وبدلا من أن ننقل السلوك الذي كان ملتزما داخل محطات مترو الأنفاق للشارع ليصبح النظام والنظافة والالتزام هي السمة الرئيسية حدث العكس وغزت ثقافة الشارع المنفلت كل شئ !!…وأصبحت السيارات السائرة عكس الاتجاه هي السمة الغالبة وكسر كل القواعد هو الأساس!!
في بدايات الثورة أذهلتني روح الشباب المصري الذي صحت فيه الروح الوطنية وأصبح يختار رنات موبايله بنغمات الأغاني الوطنية ويشكل جروبات علي الفيس بوك يدعو من خلالها إلي حملات للحفاظ علي المرافق رافعين شعاراتمصر بتاعتنا وكأنهم يكتشفون حبهم الإرادي لمصر لأول مرة…أين ذهبت هذه الروح؟!!…فما بين الحرية والفوضي شعرة.
[email protected]