تنتابنا أحيانا موجات تفاؤل,نظن فيها أن الأمور تسير نحو الأفضل,وأن الجهود المبذولة في طريقها لإتيان الثمار,وأن العقول أصبحت أكثر استيعابا وأنفتاحية إلي أن نصطدم بالواقع المرير الذي يفضح الباطن ويكشف اللون الأسود…هذا ما إنتابني عندما قرأت ما نشر عن مناقشة دارت بلجنة الصحة في مجلس الشعب تطرقت إلي قضية ختان الإناث ودور وزارة الصحة في مكافحة هذه العادة السيئة,فإذا بأعضاء من المجلس يثورون ويقتضرون علي مكافحة ختان البنات!!…في نفس الأسبوع إلتقيت بأستاذ جامعي في إحدي القاعات بمبني الإذاعة والتليفزيون,وكنا ننتظر الدخول للإستديو-كل في قضيته-في برنامج مباشر من القاهرةعلي قناة النيل للأخبار,وتبادلنا أطراف الحوار إلي أن وصلنا إلي التعديلات المقترحة علي قانون الطفل والتي تقترح تجريم ختان البنات,فأفزعتني الآراء التي قيلت لتسطح من هذه الجريمة وتستهين بتداعيتها وآثارها السلبية علي البنت,بل تصفها بدعوة أجنبية أو بتوجه رسمي!!أو بالموضة الجديدة!!
يا سادة..المطالبة والدعوة إلي مكافحة ختان البنات لها جذور وطنية بحته من الجمعيات الأهلية في الخمسينيات من القرن الماضي…ولكن الصوت كان ضعيفا يغلفه الاستحياء لأن هذه القضية كانت في عداد الأمور المسكوت عنها..وعندما خرجت الاتفاقية الدولية بإلغاء أشكال التمييز ضد المرأة وحمايتها من العنف وصدقت عليها مصر,بدأت المناقشات تتشجع ويشتد صوتها,وعندما كشفت CNN الأخبارية عن بشاعة ختان البنات في مصر عرضت فيلما عنه أيام انعقاد المؤتمر الدولي للسكان بالقاهرة1940,حولنا الشعور بالمرارة إلي جهود علي أرض الواقع تحمي بناتنا في عمر الزهور.
وكانت النتيجة رائعة بامتناع قري بأكملها في قلب الصعيد عن عادة ختان البنات والخروج بوثائق شعبية تناهض الختان بعد أن ثبت أن المقاطعة الفردية لعادة متأصلة تعد أمرا صعبا مالم يكن مستحيلا إذ يحتاج إلي تكاتف يقوي كلمةلا..وبدأت البنات تشعر بالأمان وبالآدمية…وبقي أن يحمي الواقع قانونا مستينرا يحول دون موتبدورأخري من جراء عادة ليس لها سند ديني ولا طبي.
الواقع المدير يكشف أن المحتاج إلي وعي هو عضو مجلس الشعب الذي اختاره الشعب ليعبر عنه…ويبدو أنها معركة صعبة لكنها ليست مستحيلة.
[email protected]