طول عمري لا أحب شراء السعف المجدول واستمتع متعة كبيرة بجدل السعف بنفس إذ أشعر أن لي بيصمتي الخاصة من حيث التصميم والتزيين بورود القرنفل التي أعشقها.
كان يصطحبني والدي منذ طفولتي لشراء السعف وكنت أراقب اختياره للسعف الأبيض عريض الأوراق ونعود للمنزل لنلتف أنا وأخي حوله وهو يجدل لنا سعفتين رائعتين بعد أن يحتجز بعض أوراق السعف جانبا ليصنع منها جحشا لا يجيد الكثيرون جدله, ظللت سنوات طفولتي أراقب الطريقة التي يجدل بها أي السعف وكيف يبتكر لنا في كل مرة شكلا جديد. ظلت ليلة أحد السعف محفورة في ذاكرتي ونقلتها كتراث لأسرتي الصغيرة ورغم انشغالي بترتيبات العيد عندما يحل أحد السعف, إلا أنني أتوق لمسك أوراق السعف وعمل بعض المشغولات منه مستدعية مشاعر الطفولة التي تطمسها الأيام والسنون, منقبة عن أحاسيس الفرحة التي عشتها أيام طفولتنا في الأعياد. الجميل في ليلة أحد السعف أنه أثناء قضاء الوقت في جدله لا ننقل فقط تراثا نتمني ألا يندثر وإنما نتحدث عن اليوم وهذه المناسبة, وتمثل السعفة وسيلة من وسائل الإيضاح التي تجذب الأطفال, فربما لا يلتفت الطفل لمن يحكي له أحداث أحد الشعانين ودخول المسيح ملكا واستقبال الناس له بالتهليل, وإنما تقترن وقائع الموضوع بشئ ملموس في يده ومحبب لديه ترسخ المعاني في ذهنه… ومنذ القدم أراد الرب ألا ينسي شعبه ما فعل معهم عندما أخرجهم بذراع قوية من تحت وطأة فرعون فطلب منهم تقديم خروف الفصح علي أن يحكي الآباء للأبناء كيف فعل بهم الرب ورحمهم… وهذا ما نود أن نحرص عليه في أسرنا فيجمعنا أحد السعف ويعيد لنا الدفء الأسري والحوار المفتقد ولو اجتمعنا حول سعف النخيل… وكل أسرة بكل خير.
[email protected]