900ألف شاركوا في المهرجان…وأكثر من مائة ألف وصلوا للتصفيات النهائية
مشاركة أطفال وشباب الأقباط في أفريقيا ودول الخليج وأوربا وأمريكا
لأول مرة المسجونون والحرفيون يشتركون في المهرجان
في مهرجان هذا العام
*مسابقات المكفوفين بطريقةبرايلومسابقة الابتكارات قدمت أعمالا تستحق براءة الاختراع
لا أعرف كيف كانت ستكون الكنيسة بلا أسقفية للشباب فدورها فعال في احتضان الشباب وتنمية مواهبهم ومشاركتهم في المجتمع.
هذه الكلمات لقداسة البابا شنودة الثالث…سمعتها من قداسته منذ سنوات…وأتذكر أن يومها كانت الكنيسة تحتفل باليوبيل الفضي لأسقفية الشباب وهو ذات اليوم الذي كان قد مضي فيه خمسة وعشرون عاما علي سيامة قداسة البابا لنيافة الأنبا موسي أول أسقف للشباب..
الكلمات علقت من يومها بذاكرتي وظلت في مخزون المأثورات للبابا الحكيم الملهم المعلم إلي أن خرجت ترن في أذني وأنا جالس مع نيافة الأنبا موسي وهو يضع أمامي حصاد عام2009 وانتهي الأسبوع الماضي بإعلان أسماء الأوائل الفائزين في مهرجان الكرازة..ولكم أن تتصوروا كيف وصل المهرجان-في عامه السادس-ليس إلي كل إيبارشيات مصر بنجوعها وقراها ومدنها بل امتد إلي أبناء الكنيسة وشبابها في السودان والإمارات وهولندة والنمسا وألمانيا وأمريكا وكندا وإيطاليا وقبرص وفرنسا…الأرقام أكبر من كل الكلمات..والكلمات تعجز عن نقل مشاعر الفرحة التي كانت تملأ وجه الأسقف الشاب الذي يحمل رصيد خبرات ما يقرب من سبعين عاما,ولكنه يحمل قلب شاب يتحرك حاملا مشعل الخدمة حتي يجد كل شاب منفعة في كل نشاط يؤديه.
*سألت نيافته كيف كانت بداية مهرجان الكرازة؟!
**كنا في اجتماع المجمع المقدس…وطرح نيافة الأنبا بولا أسقف الغربية فكرة إقامة أنشطة خلال الإجازة الصيفية لكي يرتبط أولادنا بالكنيسة ويقضوا إجازة مثمرة…وكلفني قداسة البابا أن أبدأ بتنفيذ الفكرة…وقد كان…كنا مقبلين علي إجازة صيف 2004…وخططنا لنصل إلي أكبر عدد من أولادنا أينما كانوا وندعوهم للمشاركة في مجموعة من الأنشطة تتناسب مع كل المراحل العمرية من الحضانة إلي الخريجين…ولأنني أفضل العمل الجماعي كونت لجنة مركزية واخترت معي أربعة من الآباء الأساقفة-الأنبا بطرس,الأنبا دانيال,الأنبا أبرآم,والأنبا رافائيل-وكانت البذرة الأولي مجموعة من المسابقات الروحية واللغة القبطية والألحان والأنشطة الكنسية والفنون والكشافة والرياضة…وكانت كل المسابقات علي عدة مستويات لتتناسب مع الأطفال والشباب والخدام…وما كنا نتصور يومها أن البذرة الأولي ستأتي بهذا الحصاد إذ وصل المشاركين إلي أكثر من45ألفا أجريت بينهم التصفيات علي مستوي المناطق ثم علي المستوي المركزي حيث تجمعت كل الفرق الفائزة بالمراكز الأولي من كل منطقة في دير الأنبا أبرآم بالفيوم للتصفيات النهائية والتي شارك فيها يومها16ألفا,حصر منهم نحو14ألفا إلي الكاتدرائية المرقسية بالعباسية يحملون تحية من قلوبهم النابضة بالحب إلي قداسة البابا شنودة الثالث في عيد جلوسه-الثالث والثلاثين يومها-رافعين الدعوات إلي الرب أن يمد قداسته بعمر مديد ملؤه المحبة والخدمة والكرازة والتعليم…وكم كانت زهوة ونشوة 280 طفلا وطفلة وشابا وشابة-أوائل المهرجان في ذلك العام-وهم يتسلمون كؤوس الفوز من يد قداسة البابا…وكان تشجيع قداسة البابا سبب بركة لحصاد ظل يزداد عاما بعد عام.
*أخذ نيافة الأنبا موسي ينتقل بي في بانوراما مفرحة لمهرجان الكرازة من عام إلي عام..وأستسمحكم-أعزائي القراء- أن أنتقل بكم إلي مهرجان هذا العام-2009-مكتفيا بما نقلته من المهرجان الأول لعام2004 لعل صورة المقارنة تكون واضحة أمام عيونكم وترون بها-كما رأيت-وسألته كيف جاء الحصاد بثلاثين وستين ومائة؟
**في كل عام-والكلام لنيافة الأنبا موسي-كان لكل مهرجان شعار تدور حوله المسابقات..شعار العام الأول-2004- كانأنتم نور العالموفي العام التاليمعا نفرح بالمسيحثم كل الكتاب موحي به من اللهثمكنيستي أميوالعام الماضي كانأنا وبيتي نعبد الربورأت اللجنة المركزية لمهرجان هذا العام-2009- أن يكون شعارهاتكونوا كاملين بهدف أن يكون شبابنا القبطي-بل حتي منذ الطفولة- ساعتين نحو الكمال المسيحي,وبخاصة أن يصيروا مواطنين صالحين متفاعلين مع إخوتهم في الوطن,دون انعزال مريض,ودون التخلي عن إيمانهم وعقيدتهم وسلوكياتهم المطابقة للإنجيل…واختارت اللجنة التحضيرية للمهرجان-بعد ذلك- ستة محاور لتعبر عن نواحي الكمال المسيحي المطلوبة,ليكون شبابنا ذوي شخصيات متكاملة وناضجة تتفاعل بصورة حسنة في مواطنة جيدة…أول هذه المحاورشباب مسيحي يعرف مسيحيته ويتمسك بإيمانه ويسلك بحسب الإنجيل…وثانيهاشباب كنسي يفهم أرثوذكسيته ويعيشها في حياته اليومية في تفاعل واندماج كنسي…وثالثها شباب معاصريدرك معطيات ومنجزات العصر في التواصل والإعلام والتكنولوجيا,ولا يتخلي عن تراثه وجذوره,بل يجعل من روح الماضي ودروسه تفاعلا حيا من العصر الحديث…ورابعهاشباب خادمكعضو حي في الكنيسة,يخدم بأمانة في خدمات الكنيسة المتنوعة,فلا عضو حي بدون وظيفة تسهم في بناء الجسد كله…وخاصة شباب شاهد يشهد لمسيحه ومسيحيته بأمانه في سلوكه الاجتماعي,في المنزل والكنيسة والمدرسة والشارع ويقوم بدوره كنور للعالم وملح للأرض…وسادساشباب يحيا المواطنةكمواطن صالح يسهم بنصيب في بناء الوطن من خلال علاقات المحبة مع إخوته وشركائه في الوطن مسيحيين ومسلمين,ناشرا للخير,وفاعلا في المجتمع المدني بجمعياته وأحزابه ونقاباته.
*كيف صار المهرجات لتطبيق هذا الشعار من خلال هذه المحاور؟
**ما حدث كان بركة كبيرة فالذين شاركوا في مهرجان هذا العام أكثر من900ألف وهذا عدد ضخم بالمقارنة بالسنوات السابقة والتي بدأت في عام2004 بنحو 45ألفا وظلت تزداد عاما بعد عام…ويرجع هذا إلي تشجيع أصحاب النيافة الأحبار الأجلاء المشتركين في كل مراحل التسابق,وبخاصة مباركتهم بحضورهم للتصفيات النهائية,وقد اتسعت اللجنة المركزية وصارت تضم مع ضعفي-قالها نيافة الأنبا موسي بكل تواضع-الأنبا باخوميوس مطران البحيرة,وأصحاب النيافة الأساقفة الأنبا بولا,الأنبا مرقس,الأنبا بطرس,الأنبا إبرام,الأنبا دانيال,الأنبا بيمن ,الأنبا رافائيل,الأنبا تاوضروس,الأنبا مارتيروس,الأنبا داود,الأنبا مكاريوس,والأنبا أرميا سكرتير قداسة البابا.
*وأيضا كان لابد من انضمام عدد كبير من الخدام والخادمات المتخصصين إلي لجان التحكيم خاصة بعد إضافة أربع مسابقات جديدة هذا العام وهي مسابقة الابتكارات الهندسية-والتي أقبل عليها عدد كبير من الشباب وصل منهم للتصفيات النهائية80مشتركا بأعمال يرقي بعضها للحصول علي براءة الاختراع-ومسابقة أسرةالقديسين بولس وسيلاللمسجونين,وبها وصل المهرجان إلي داخل السجون بالتعاون مع لجنة الرعاية والخدمة ومقررها نيافة الأنبا باخوميوس ومجموعة من الآباء الكهنة والخدام,وهو ما رحبت به أجهزة الدولة وأسعدها اهتمام الكنيسة بالأحباء المحكوم عليهم في السجون,وتم وضع منهج خاص بهم وتوزيع المسابقة عليهم,ومسابقة الحرفيين وكان من الملاحظ إقبال الكثيرين,عليها فوصل منهم إلي التصفيات النهائية 741 مشتركا,ومسابقة جري التتابع الابتدائي والتي أضيفت هذا العام إلي المسابقات الرياضية…وإلي جانب ذلك تلاحظ هذا العام زيادة أعداد الفئات الخاصة المشتركة في المهرجان وخصوصا فئة ذوي القدرات الخاصة إذ وصل المشاركين في التصفيات النهائية لـ 2087 متسابقا…وفئة تعليم الكبار فوصل عدد المشاركون في التصفيات النهائية1612 متسابقا,وهذا يرجع لاهتمام الكثير من الكنائس والخدام بهذه الفئات وافتتاح مراكز متخصصة لها,وأيضا المكفوفين -أسرة القديس ديديموس البصير-إذ شارك الكثير من الأطفال المكفوفين بمواهبهم المختلفة,وكانت أسئلة الامتحانات في المسابقات الدراسية واللغة القبطية والكتاب المقدس مطبوعة بطريقة برايل مما سهل علي المتسابقين القراءة وحقق لهم الخصوصية,كما تلاحظ اشتراك عدد كبير منهم في المسابقة الإلكترونية,وكان هناك أيضا إقبال غير عادي علي كرة الهدف أو ما تعرف بكرة الجرس…وإجماليا بلغ عدد الذين وصلوا إلي التصفيات النهائية في كل أنشطة المهرجان 106 آلاف و57متسابقا.
*مع كل هذه المسابقات وهذه الأعداد من المتسابقين داخل مصر وخارجها…كيف أمكن تنسيق العمل ليصل إلي هذا النجاح المبهر؟!
**مسابقات المهرجان تبدأ مع الإجازة الصيفية إلا أننا نعمل طوال العام,حيث عقدت اللجنة المركزية عدة لقاءات وملتقيات قبل أن يبدأ المهرجان بشهور,كان أولها ملتقي منسقي الإيبارشيات والأحياء من الآباء الكهنة ومن يساعدونهم من الخدام والخادمات والذي عقد في نوفمبر من العام الماضي وتبعه في شهر مارس من هذا العام ملتقي خدام الطفولة,وملتقي خدام المراحل-إعدادي,ثانوي,جامعة,خريجين – وملتقي رابع لخدام الأنشطة,وخامس لخدام الفئات الخاصة-ذوي القدرات الخاصة,الصم والبكم,المكفوفين,فصول تعليم الكبار-كما قامت لجنة خدمة الطفولة بشرح دروس المهرجان لمراحل الحضانة والابتدائي علي شكل بانوراما علي مسرح العرائس أسعدت الأطفال كثيرا.
*أحسست أن الحديث عن مهرجان الكرازة لن ينتهي فنحن أمام أكثر من تسعمائة ألف متسابق من أطفال في الحضانة إلي شابات وشباب في الجامعات,وأيضا خريجين,مرورا بالفئات الخاصة والمكفوفين والحرفيين والمسجونين…وأمام مسابقات عدة تبدأ من البحوث وتنتهي بالرياضة مرورا بالألحان واللغة القبطية والفنون التشكيلية والابتكارات الهندسية وغيرها العديد…أشفقت علي نيافة الأنبا موسي من حديث يمتد ليحكي فيه جهد عام كامل من أجل احتضان أبناء الكنيسة في نشاط مفيد ومثمر…سألت نيافته سؤالي الأخير:ما أكثر ما أسعدك في مهرجان هذا العام؟!
**أسعدني أعداد الأطفال المشتركين فمن سن الحضانة وحتي الصف السادس الابتدائي شارك في التصفيات النهائية 50273 طفلا وطفلة,كم كان جميلا في التصفيات النهائية بدير العزب بالفيوم أن نفاجأ في اليوم الأول بوجود 12ألف طفل وفي اليوم الثاني 8آلاف طفل,كم كان جميلا حقا أن تشاهد عيناك هؤلاء الملائكة وهم يغطون كل شبر في أرض دير الأنبا إبرآم,حقيقي إنه أمرشغلأجهزة الأمن ولكن كل شئ تم والحمد لله بسلام…وما أسعدني أيضا وصول المهرجان إلي كثير من دول العالم حيث تنتشر الكرازة المرقسية,اشتركت السودان للعام الرابع ولكن المهم أنه تلاحظ هذا العام ارتفاع مستوي الفرق والأفراد واشتراك غالبية الكنائس في إيبارشيتي أم درمان والخرطوم,ولثاني مرة اشتركت معنا إيبارشية النمسا-فيينا وجراتس- وبعد أن قامت بترجمة المسابقات إلي اللغة الألمانية,وأقيمت أيضا تصفيات من مرحلة الحضانة إلي الثانوي للمشتركين من الأماكن القريبة من ديرنا القبطي بألمانيا,ولأول مرة أقيمت التصفيات النهائية بكنائس هولندة بدعوة من القمص أرسانيوس البراموسي,وتمت أيضا التصفيات النهائية في كنائس كندا وأمريكا وأرسلوا لنا شرائط فيديو وأسطوانات مدمجة لتقييم الأنشطة التي أقيمت هناك واشترك أيضا العديد من كنائسنا في إيطاليا وقبرص وأستراليا وفرنسا وأفريقيا,وأيضا عدد كبير من كنائس دول الخليج-البحرين والإمارات وأبو ظبي-وقد حضرت حفلا كبيرا أقامته كنائس أبو ظبي قدم فيه أبناؤها أنشطتهم في المهرجان وأذيع علي الهواء مباشرة.
*أنهيت حديثي مع نيافة الأنبا موسي…وعاد صوت قداسة البابا يرن في أذني كيف كان سيكون حال الكنيسة بلا أسقفية للشباب؟!حقا إنه بنعمة من الله وبرعاية وبصلوات قداسة البابا شنودة الثالث وبجهد شاق لأسقف ترعاه العناية الإلهية ويعاونه خدام وخادمات ومكرسون ومكرسات أمناء تفرعت أغصان الكرمة وصار الحصاد كثيرا.