بعد أن تحدثنا عن: ما هو الإيدز؟ وما أعراضه؟ وما وسائل انتشاره؟ نتحدث عن:
رابعا: أسباب خطورة الإيدز:
تنبع خطورة الإيدز من ثلاثة عوامل:
1- الانتشار العالمي السريع:
ففي مطار نيوارك بالولايات المتحدة كنا نجد لافتة ضخمة تقول: 6 أشخاص كل دقيقة, يصابون بفيروس الإيدز.
وتقول الإحصائيات إن ربع أفريقيا السوداء يحملون هذا الفيروس, وبعضهم مريض فعلا, والكثير منهم يموتون يوميا.
وفي زيمبابوي ثلاثة أرباع الشعب يحملون هذا الفيروس الخطير.
ونحن لا نحكم علي حاملي الفيروس بأنهم منحرفون أخلاقيا: في الجنس أو المخدرات, فمن المعروف أن هذا الفيروس – بالإضافة إلي هذين العاملين – ينتشر بسبب الوراثة, إذ يرث الجنين البرئ المرض من أمه, التي أخذته – في كثير من الأحيان – من زوجها.. أو من خلال نقل الدم أو الخدوش أو الوشم أو غير ذلك, كما تحدثنا سابقا.
2- لا وقاية.. حتي الآن:
وهذا هو السبب الثاني في خطورة الإيدز… فحتي الآن لا يوجد مصل واق مضمون, يمنع الإصابة بالإيدز… وهناك بحوث جبارة تصرف أموالا طائلة بهدف إيجاد إمكانيات للوقاية, ولكن ثمارها حتي الآن غير فعالة, وحتي الواقي الذكري غير مضمون!
3- لا علاج حقيقي.. حتي الآن:
وهذا هو السبب الثالث لخطورة الإيدز.. فمع أن هناك محاولات جبارة يقوم بها العلماء والأطباء, بغية الوصول إلي علاج فعال لهذا المرض, فحتي الآن لا توجد سوي بشائر قليلة, غير أكيدة, تمنع تفاقمه. وهذه الأدوية باهظة الثمن, وبخاصة في الدول الأفريقية الفقيرة, مما دعي بعض المرضي والمنظمات غير الحكومية, إلي رفع دعاوي قضائية تتهم فيها الحكومات في مواجهة شركات الأدوية العالمية, وذلك بسبب ضيق ذات اليد, وحتميات قوانين العرض والطلب, والاحتكار…. إلخ.
من هنا تصبح مقولة الوقاية خير من العلاج, منطبقة علي موضوع الإيدز, أكثر من أي شيء آخر… فما أغنانا عن هذه المعاناة البدنية والنفسية والمالية.. وذلك بأن نتحاشي السقوط في براثن هذا العدو الذي لا يرحم!!
خامسا: الدرعان الواقيان:
1- دور الحياة الروحية في الوقاية من الإيدز:
إنها الدرع الواقي الأول في هذا الموضوع, حيث إن الالتزام بقواعد الحياة الطاهرة في المسيح, والعلاقات المقدسة داخل الزواج, أمر جوهري في عدم الإصابة بهذا الفيروس الخطير. وهذا يلزمه:
أ- الإشباع الروحي: حين نشبع بمقومات الحياة الروحية مثل: الصلاة – والصوم – وقراءة الكتب المقدسة – والتعرف علي وصايا الله – والتمسك بالفضائل – وحضور الاجتماعات الدينية – وقراءة الكتب الروحية, وحفظ الألحان والتسبحة, والهوايات كالرياضة والكشافة – وملازمة الأصدقاء الأطهار ضرورة مهمة. لأن الالتزام ببرنامج يومي مشبع للروح, التي تتصل بالرب, فلا تجوع إلي السلبيات والشهوات والخطايا. ولذلك يقول الكتاب المقدس: النفس الشبعانة تدوس العسل (أم 27: 7), فحتي لو بدت الخطيئة حلوة كالعسل, لكنها العسل المسموم!! والإنسان الشبعان بالروحيات المقدسة, يدوس علي الشهواب والدنايا.. أما الإنسان الجائع روحيا فعنده كل شيء مر, يكون حلوا.
ب- حفظ الحواس والعلاقات: فمهما كان الإشباع الروحي, يضيع كل هذا الأثر, إذا ما أطلقنا العنان لحواسنا بطريقة خاطئة, فالحواس هي منافذ الإنسان. ولذلك علينا أن نحفظ حواسنا: ماذا نري؟ وماذا نسمع؟ وماذا نشاهد علي شاشات التليفزيون والكمبيوتر؟ ومن هم أصدقاؤنا؟ وفي أي الموضوعات تدور أحاديثنا؟ إن التدقيق المستمر في الحواس والعلاقات, أمر أساسي في حفظ الإنسان من الخطيئة والدنس, وبالتالي في حمايته من هذا المرض الخطير.
ج- مقاومة الخطيئة: فالشبع الروحي, والتدقيق في الحواس العلاقات, لا يمنعان الشيطان من أن يحاربنا بالفكر والتصور والخيالات الشريرة, لكي نسقط في الخطيئة. من هنا كانت مقاومة الخطيئة أمر مهم عن طريق العفة والفضيلة. الرسول يوصينا قائلا: لم تقاوموا بعد حتي الدم مجاهدين ضد الخطيئة (عب 12: 4).. نعم فالموت الجسدي ليس هو المشكلة, لأن الإنسان سيقوم في يوم القيامة, أما المصير الأبدي فهو الأخطر بما لا يقاس. لهذا جاهد القديسون في طريق الفضيلة حتي ولو أدي ذلك إلي موتهم أو استشهادهم, طلبا للخلود الأبدي مع الله…
2- دور العلم في الوقاية من الإيدز:
ونحن نصلي من أجل العلماء, أن يرشدهم الرب إلي النجاح في بحوثهم من أجل الوقاية والعلاج, من هذا المرض الخطير. وإن كان ملايين المصابين قد انحرفوا عن طريق الفضيلة, إلا أن معهم ملايين آخرين هم أبرياء من ذلك, والجميع يستحقون العطف والرعاية والعلاج, فهم إخوة لنا في المسيح والوطن.
لذلك فعلينا جميعا: رجال الإكليروس, والأطباء, والمربين, والوالدين, واجب مهم, أن نقوم بتوعية أبنائنا بخطورة ها المرض, وطرق انتشاره, وطرق الوقاية منه, وبخاصة سلوك حياة القداسة حتي لا يسقطوا صرعي هذا الفيروس الخطير.. الذي مازال يستعصي علي المقاومة والعلاج.