القصر والصياد والأنبا بلامون السائح
يحتفظ لنا تاريخ مصر بصفحات عديدة مزينة بالحب والانتماء تجعل الإنسان المصري يمشي علي الأرض مغتزا بمصريته التي جعلها الله ملجأ لكل حائر ومنارا يهدي كل تائه أنني في ذات يوم كنت مستقلا سيارتي ومعي الأسرة قادما من أسوان مارا بقنا ثم نجع حمادي وعند مفترق طرق وجدت نفسي تائها يا تري أي الطرق أسلك لكي أستمر في طريقي إلي القاهرة وفوجئت أثناء حيرتي بلافتة مكتوب عليها القصر والصياد ودير القديس بلامون السائح وبدون تردد جعلت ما دعتني إليه اللافتة هدفا فهذا كان في يوم من الأيام اشتياقي أن أتعرف علي هذا المكان الذي له تاريخ ولم يعرفه البعض من الناس فقلت إنها فرصة أنال فيها بركة المكان وسلكت الطريق وأثناء مسلكي شاهدت صعيد مصر البسيط والمحب وذا اليد الممدودة بالكرم لكل غريب شاهدت التاريخ مقروءا علي وجوه أهل القصر والصياد. هذه القرية التي تتبع مركز نجع حمادي إداريا وهو واحد من مراكز محافظة قنا الأحد عشر, هذه المحافظة التي أنشئت بموجب القانون رقم 124 لعام1960 ويضمها إقليم جنوب الصعيد ويحدها من الشمال محافظة سوهاج ومن الجنوب محافظة أسوان ومن الغرب الوادي الجديد ومن الشرق محافظة البحر الأحمر وتبعد عن القاهرة بمسافة600كم وقرية القصر والصياد التي قصدتها تبعد بمسافة11كم من نجع حمادي علي الطريق الشرقي المعروف بطريق أسيوط قنا كما عرفت أن القرية تتبع إيبارشية دشنا وتوابعها كنسيا,وعندما وصلت إلي الدير شعرت بعبق التاريخ وبركة شفيع المكان ومن هنا بدأت أبحث عن تاريخ القصر والصياد ومعني الاسم وما يحمله من عمق تاريخي.
فكتب عن القصر والصياد محمد رمزي في قاموسههي من القري القديمة ذكرها جوتييه في قاموسه فقال:اسمهاhat hor أي قصر الإله هوريسولكن كان معروف اسمها في العصور الأولي بالقبطي chenesit كما أسماها الفراعنة(حات أورت أمنمحات)أي أنها الحصن الكبير لأمنمحات وبعد ذلك قال إملينو في جغرافيته إن اسمها العربي شاناسات وأنها تقع علي شاطئ النيل الشرقي في(هو) بالقرب من فاو أم الروم فقالوا اسمها(شينوبسيكا) واطلقوا عليها أيضا(شنوفسيكون)ومعناه(المكان أو المحل) الذي يرعي فيه الأوز وهذا يعني أن الترجمة للاسم القبطي أنه المكان الذي يسمن فيه الأوز,ويحكي أن أيام الفراعنة كانت تقدر عليها الضريبة السنوية بخمسمائة وزة فالوز كان من المظاهر الحياتية في القصر والصياد.واتفق كل من جوتييه واملينو أن هذه الأسماء لقرية واحدة هي القصر والصياد التابعة لمركز نجع حمادي أما بالنسبة للتقسيم الإداري جاء عنها في كتاب(جرجس القبرصي)أن اسمها كنتو بوليس وجيستيا بوليس نسبة إلي الإمبراطور الروماني(جوستنيانوس) وفي معجم البلدان سميت بقصر كليب ويقال عنها قصر بني كليب قرية في صعيد مصر علي شرق النيل قرب فاو وجاء عنها في الطالع السعيد تحت اسم قصر بني شادي وفي تحفة الإرشاد وفي قوانين ابن مماتي جاء عنها قصر كليب وقصر بني كليب وقصر بني شادي.
تاريخها الفرعوني يقول أن الملك بيبي الثاني من الأسرة السادسة بني مقابره وأسرته في القصر والصياد ويوجد مجموعة من المقابر الفرعونية منها مقبرة إيدو ومقبرة وزاوتا من الأسرة السادسة.
أما تاريخها المسيحي فيرجع إلي القرون الأولي للمسيحية كما أشارت تلك البرديات التي تم العثور عليها عام1945م بمدافن القرية بجوار الدير والتي يرجع تاريخها إلي القرن الرابع الميلادي وهي مكتوبة باللغة القبطية وباللهجة الصعيدية والمحفوظة الآن بالمتحف القبطي وتحتوي علي مجموعة من الأناجيل غير المعترف بها كما عثروا أيضا علي برديات تحوي فصولا من جمهورية أفلاطون كما يذكر لنا تاريخ الكنيسة القبطية أن هذه القرية تعبد القديس الأنبا بلامون السائح الذي تتلمذ علي يديه كثير من الآباء الرهبان منهم القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة الذي شاركه الأنبا بلامون السائح في إقامة الدير الذي يحمل اسم الأنبا باخوميوس أب الشركة ورجع بعد ذلك متعبدا في قلايته متوحدا بقرية القصر والصياد وتتلمذ علي يديه أيضا الأنبا تادرس والأنبا بضابا أسقف فقط ويذكر لنا سنكسار الكنيسة أنه تنيح في عام316م أما سيرته وجهاده مدونة في السنكسار تحت اليوم الخامس والعشرين من شهر أبيب القبطي.
يعتبر دير الأنبا بلامون هو الدير الوحيد في العالم الذي يحمل اسمه كما جاء عنه في كتاب تحفة السائلين تحت رقم63 بمديرية قنا فيه كنيسة يصلون فيها الآن جاء عنها في سجل الكنائس القديمة التابعة لكرسي قنا وخبرنا عنها جاورجي باخوم ويقصد دير القديس الأنبا بلامون بالجبل الشرقي بحاجر القصر والصياد والزائر للدير يجده محاطا بسور وفي الداخل لا يوجد أثر للكنيسة الأثرية للأنبا بلامون فدخل عليها التحديث وأعيد بناء كنيسة حديثة فوق الكنيسة القديمة والكنيسة الأثرية الوحيدة الباقية من الدير القديم كنيسة القديسة دميانة المكونة من هيكل واحد وحجرة جانبية صغيرة وصحن صغير وهي منخفضة حوالي مترين عن الأرض ويوجد كنيسة لمارجرجس وكنيسة للقديس أبي سيفين والقس عبد المسيح المقاري وكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل.
حقا إنه تاريخ ناصع للقصر والصياد تقدس بدموع التوبة المستمرة للقديس بلامون السائح وحول المكان من عبادة أوثان إلي مكان فيه تقام الصلوات والتسابيح.. لقد كانت زيارني لهذا المكان تدبيرا إلهيا لنتعرف من خلالها علي معالم وقديسين ولنحصل علي بركة بشفاعة هذا القديس العظيم.
يقام احتفال كبير بتذكار نياحة الأنبا بلامون السائح في يوم25أبيب الموافق الأول من أغسطس في كل عام وتذهب إليه إعداد كبيرة من محبي القديس من كل البلاد المجاورة والمحافظات.
المصادر:سنكسار الكنيسة القبطية-تحفة السائلين-الكنائس والأديرة القديمة-الرياضة الروحية-بعض المواقع علي الإنترنت-بحث غير منشور(لوقا لطفي متري) الرحمانية قبلي-نجح حمادي.
EIKomo rofaeel [email protected]