يفتخر كل مصري بوطنه الأم مصر التي نشأ في أحضانها وتمتع بكل خيراتها وانتمي إلي تاريخها الحافل بالكرم والشهامة والشجاعة والتدين حقا قالوا عنها إنها أم الدنيا لأنها بلد الخير والمعجزات وحباها الله من عنده لتكون مأوي لكل غريب وسندا لكل ضعيف وأرض شبع لكل جائع وارتواء لكل عطشان…فكم من سجلات سطرت لنا تاريخا لكل حفنة من ترابها وشبر من أرضها,وها نحن الآن بصدد جزء من أرض مصر عرف طريق الأمجاد والبطولات منذ فجر التاريخ واستقبل الأنبياء فاتحا ذراعيه مرحبا وحاميا معلنا مجد الله في ظهوراته المختلفة ومسجلا مواقع الالتقاء بين الله والبشر تاركا للتاريخ والإنسانية مواقف غلبت عليها أشعة القداسة والبركة وفرحة الانتصار إنها برية سيناء أرض الفيروز.
سيناء
عرف المصري القديم هذه القطعة من الأرض وأطلق عليها في الهيروغليفية القديمةتوشريتأي الأرض المكشوفة والعراء وسميت أيضا أرض المناجمبياوو أوبياوالبعض قديما أطلقوا عليها رينووفي الدولة الحديثة أطلقوا عليهاخاست مفكات أو دومفكاتوهذه التسمية المراد بها أنها أرض الفيروز…وكثير من الباحثين رجح أن تسمية سيناء ترجع إلي سين وهو إله القمر الذي كان يعبده أهل بابل القديمة وكانت عبادته منتشرة في غرب آسيا وكان يشاركهم أهل فلسطين فيها…وذكرت بعض المراجع أن كلمة سيناء معناها الحجر وترجع هذه التسمية نسبة إلي الجبال الحجرية المنتشرة علي هذه البقعة من أرض مصر الغالية.ويقول علماء الكتاب المقدس إن كلمة سيناء وردت في العهد القديم 35 مرة ووردت تحت اسم حوريب 17 مرة في العهد القديم أيضا بمعني مكان قفر أو أرض جرداء وهي التي قيل عنها في سفر الخروجوأما موسي فكان يرعي غنم يثرون حميه كاهن مديان فساق الغنم إلي وراء البرية جبل الله حوريب وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترقخر3:1-2 أما العرب فوردت في مصادرهم تحت اسم الطور وهي كلمة آرامية معناها الجبل أي جبل القمر وربما نتجت هذه التسمية عن الضوء الشديد الذي كان متوهجا فوق جبالها حينما كلم الله موسي والذي ترك آثاره حتي الآن فوق الكتل الصخرية الموجودة في برية سيناء أي بمعني أن الله الذي يشار إليه بالشمس سطع بنوره فوق كوكب سيناء فصار الكوكب نورا يتلألأ كالقمر كما جاء في سفر التثنيةجاء الرب من سيناء وأشرق لهم من جبل سعير وتلألأ من جبل فارانتث33:2 ويقول البعض إن تسمية سيناء مأخوذة عن العربيةسناوهي كلمة تعني الضوء الشديد أي أرض الضوء الشديد.
الموقع
سيناء جزء يابس من الأرض معروف بشبه الجزيرة علي شكل هضبة مثلثة قاعدتها تقع علي البحر الأبيض المتوسط ويبلغ طولها 120كم شمالا ورأسها جنوبا في منطقة رأس محمد وخليج السويس والبحر الأحمر في الجنوب الغربي بطول 240كم وخليج العقبة من الجنوب الشرقي بطول 150كم وهذه الهضبة المثلثة تربط بأطرافها قارتي آسيا وإفريقيا ويقع في شمالها العريش الذي يبعد عن القاهرة بمسافة 381كم ومحافظة شمال سيناء وفي جنوبها الطور الذي يبعد عن القاهرة بمسافة 450كم ومحافظة جنوب سيناء وتبلغ مساحة سيناء61000 كم مربع وهي تمثل6% من مساحة مصر ويقطن علي أرضها 380000 نسمة تقريبا…وتنقسم سيناء في تضاريسها إلي ثلاثة أقسام الجنوبي منها عبارة عن منطقة وعرة أرضها شديدة الصلابة مكونة من جبال جرانيتية مرتفعة جدا أهمها جبل سانت كاترين الذي يصل ارتفاعه إلي 2637م فوق سطح البحر ويعتبر أعلي جبال مصر,وفي وسط سيناء هضبة التيه المنحدرة تدريجيا نحو البحر المتوسط,وأما المنطقة الشمالية من سيناء فهي مشهورة بالموارد المائية الكثيرة وهي عبارة عن سهل يضم المنطقة التي بين البحر المتوسط شمالا وهضبة التيه جنوبا وتذكر لنا التوراة في أكثر من موضع تسمية ومكان سيناء التي عبر إليها موسي النبي وشعب بني إسرائيل في القديم ونستطيع أن نقول:لقد كانت شبه جزيرة سيناء من حيث موقعها الاستراتيجي تمثل أهمية كبري بالنسبة لمصر,فهي المعبر الذي كان يقصده أعداء مصر من هذه المنطقة,كما كانت ساحة متميزة لمعارك كثيرة عبر العصور المختلفة لذلك بنيت فيها الحصون المشددة والتي لاتزال آثارها باقية إلي الآن.والبقية في الحلقة القادمة.