سيرباندين
قصة:فرانسيسكو جارثيا بابون
عندما دخلت المدرسة للمرحلة التعليمية الثانية, قال لي أحد الطلبة مشيرا إلي سيرباندين:
-إن والد هذا الطفل عنده حدبة كبيرة جدا في عنقه…
ونظر سيرباندين بعينيه إليأسفل كما لو كان هو أيضا عنده نفس الحدبة…
وفي الصف الأول لم يكن الحديث عن والد أي أحد سوي والد سيرباندين…
وبعد التعرف علي سيرباندين, كانت تراودني الرغبة في معرفة والده..
وكلف بعض الأطفال الكثير من الجهد لرؤية السيد الذي عنده حدبة كبيرة في عنقه, وعندما نجحوا في ذلك, جاءوا مشيرين بألسنتهم لكبر حجمها….
وبالنسبة لي أيضا, روادتني الرغبة الكبيرة جدا في رؤية حدبة والد سيرباندين, ولم أكن لأجرؤ علي قول ذلك لابنه حتي لا أغضبه…
لم أرض بتخيلي, وسألت الآخرين…لكن لم أكن أنجح في تشكيل صورة كاملة رغم الكثير مما ذكروه لي…
قلت لوالدي أن يرسم لي رجالا ذوي حدبات في العنق, ورسم لي الكثير علي الهامش وعلي حافة جريدة, لكن أم أقتنع بأحد منهم…كانت النتائج بالنسبة لي عبارة عن عدة حدبات قليلة جدا…
ذات يوم ما قال لي سيرباندين:
-لماذا لا تدعوني للعب بكرتك الجديدة في ساحة مصنعك؟
-وماذا تعطيني أنت؟
-لا أعرف…كيف لا أعطيك العلبة الفارغة للاكسين بيستو…
-قلت له لا…
-لماذا لا تعطيني حزامك المصنوع من الكتان مع العلم الجمهوري…
فأجاب لي أن ليس عنده غيره ليمسك البنطلون…
ذهبت حينئذ عندما لاحت لي فكرة هائلة…قلبت رأسي كثيرا قبل اتخاذ القرار, لكن في النهاية قلت لهبس عندما كنا نسير بجوار سياج مخزن الحبوب القديم حيث لا يوجد ضوء تقريبا…
-إذا ما حملتني لرؤية الحدبة التي عند والدك في الرقبة, ستلعب معي بكرتي…
نظر إلي سيرباندين بعيون حزينة جدا, وصمت…
كان متضايقا جدا بما قلته وقرر السير معي إلي المنزل دون أن يتكلم ببنت شفه,لكنه فجأة أخذني من ذراعي, وقال لي ناظرا إلي الأرض
-سير…اذهب أنت…
-أين؟
- إلي ما أشير إليه…هذا…
وسرنا في صمت عبورا بشارع ومروا بآخر حتي ما وصلنا إلي نهاية شارع كونيخو, حيث يمتلك والدسيرباندين تجارة لما وراء البحر صغيرة جدا..
-سير…اعبر…
دخلت باحترام كثير…ولسوء حظي كان هناك بعض الناس…نظرت إلي رجل كان يبيع الشمع لكن ليس عنده حدبة في عنقه…سألت سيرباندين بعيني:
-الآن سيخرج…
-من أين؟
-من ذلك الباب من الغرقة وراء الدكان…
فلنتظر إليها بدون طرفة عين…
وبعد نهاية لحظات خرج رجل, وبا ضخما وهو يرتدي واقية غبار صفراء وقبعة واقية للوجه…كان له وجه مزاح بعيد عن المركز بكل ملامحه وأساريره لجانب واحد, وذلك لأن كل الجانب الآخر كان حدبة وردية الشكل بقطعة وجه جديدة دون أي ملامح أو أسارير…
لم أكن أعرف أن أترك عيني لذلك المكان…كان سيرباندين ينظر إلي…
عندما لاحظنا والد سيرباندين نظر إلي نظرة ثاقبة وبعد ذلك إلي ابنه الذي كانت جفونه هابطة لأسفل, وفي الحال فهم الأمر…
أعطاني سيرناندين بالكوع وقال لي:
-ها؟
-نعم…ها؟؟
قال سيرباندين:
-إلي اللقاء يا والدي..
لكن لم يرد والده…
كل ذلك كان له أثر عندي…أتعرف؟؟