*الوحدة الوطنية…شأن يمس الأمن القومي
*المواءمات والموازنات…دليل علي ضعف الحكومة
*القائمة النسبية أفضل النظم الانتخابية في المرحلة المقبلة
*اخترت الترشح في جرجا لأنها مسقط رأسي…وأشعر بتفاؤل كبير
قلبه ينبض بالمواطنة…وفكره ينضح بالليبرالية…أما انتماؤه فينحاز في المطلق لمصر الوطن والمصير…إنه السياسي والحقوقي منير فخري عبد النور سكرتير عام حزب الوفد وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وسليل العائلة الوفدية. بدأنا حوارنا معه حول ثلاثية الإصلاح في مجالات التعليم والإعلام والخطاب الديني بحثا عن حل لحالة الاحتقان الطائفي مرورا بدور الدولة والأحزاب ومناخ الديموقراطية الذي تعيشه مصر هذه الآونة, والوفد بعد الانتخابات الداخلية للحزب, واستشراف المستقبل في ضوء الانتخابات البرلمانية القادمة, والأقباط علي الساحة السياسية واختياره الترشح في مجلس الشعب عن دائرة جرجا بسوهاج, مسارات كثيرة خضناها معه عن آمال وآلام الوطن…تعالوا معنا إلي نص الحوار:
*أحداث طائفية نلمسها في الآونة الأخيرة تؤدي إلي المزيد من الاحتقان الطائفي..من المسئول عن ذلك؟
**اعتقد أن هناك أكثر من عامل يساهم في زيادة الاحتقان الطائفي علي رأسها الثقافة السائدة الناتجة عن تراكمات في السياسة الإعلامية ومناهج التعليم والخطاب الديني, وبدلا من إصلاح تلك المجالات نجد مزيدا من التطرف بداخلها, فالقضية تزداد سوءا مما يؤثر علي ثقافة المجتمع التي أصبحت ثقافة للأسف تفرز بين المنتمين إلي الأديان بل وبين الطوائف المختلفة.
*وكيف يساهم الإعلام في ترسيخ تلك الثقافة؟
**جرعة البرامج الدينية في إعلام الدولة فاق كل ما يمكن أن يقبل, هذه البرامج تبث أفكارا غريبة عن مجتمعنا المصري, فنحن نري فضائيات إسلامية توازيها وتواءمها فضائيات مسيحية تعمل كل منها علي عدم قبول الآخر وهذه كارثة أن يصبح إعلام الدولة قائما علي التفرقة بين المسلم والمسيحي.
مناهج التعليم
*وماذا عن دور المناهج التعليمية في زيادة الاحتقان الطائفي؟
**في هذا الصدد أشير إلي دراسة عظيمة قامت بها الدكتورة زينب رضوان وكلية مجلس الشعب بتكليف من المجلس القومي لحقوق الإنسان لدراسة ومراجعة المناهج التعليمية في جميع مراحل التعليم المختلفة من ابتدائي حتي الجامعة, وما تحويه من أفكار تتعارض مع قيم حقوق الإنسان عامة, وتوصلت إلي أن المناهج التعليمة تحتوي علي أفكار بتدعو إلي التمييز والتفرقة مع ثلاث فئات, التمييز بين الأبيض والأسود(تفرقة في اللون), التمييز بين الرجل والمرأة(تفرقة في الجنس), التمييز بين المسلم والمسيحي( تفرقة في الديانة).
*تنقية المناهج التعليمية من التمييز الديني بداية الطريق إلي إصلاح التعليم, مارأيك؟
**هذه دعوة أطلقناها منذ بداية التسعينيات, فقد شكلت الجمعية الوطنية للوحدة الوطنية وضمنت مجموعة من المثقفين علي رأسهم د. رفعت السعيد, د.ميلاد حنا, د.يونان لبيب رزق, المفكر خالد محمد خالد, وكنا نبحث في أسباب التوتر الطائفي ووضعنا أيدينا علي دور المناهج التعليمية, ومن وقتها ونحن ننادي بتنقية المناهج التعليمية.
*مبادرة د.أحمد زكي بدر وزير التعليم بتنقية المناهج…هل هي خطوة جريئة وهل تتوقع له النجاح في مساعيه؟
**نحن نرحب بهذه المبادرة ولكنها ليست المحاولة الأولي, وأنا أشير إلي أن د.حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم الأسبق حاول جاهدا لمدة سنوات تحقيق ذلك لكنه واجه مقاومة شديدة من داخل أسرة التربية والتعليم ومن داخل أسرة واضعي المناهج التعليمية, وأنا أتمني النجاح للوزير الحالي ويجب أن نكرس كل جهودنا من أجل مساعدة وزير التربية والتعليم في إنجاز مساعيه ولكني أتوقع أن يجد مقاومة مثل أسلافه فأرجو أن يتسلح بمزيد من الجرأة والحزم, وبصفتي الحزبية والحقوقية وبصفتي مواطنا يؤمن بالمواطنة أقول نحن معك.
*ذكرت الإعلام, ومناهج التعليم, ماذا عن الخطاب الديني؟
**في الحقيقة هناك ظاهرتان ناتجتان عن ثقافة المجتمع, الأولي هي تأسلم المجتمع إلي حد كبير في سلوكياته وطريقه حديثه وملابسه حتي في توجهاته الفكرية, والظاهرة الثانية هي زيادة حضور الإخوان في المجتمع في كل مناحي الحياة الإعلامية والاقتصادية والسياسية والثقافية مها يؤثر بالطبع علي الأقباط وتوجداهم.
الدولة والاحتقان
*تستبعد وجود أياد خفية وراء التطرف في تلك المجالات التي ذكرتها ومن مصلحتها زيادة الاحتقان الطائفي؟
**لا أستبعد وجود أياد خفية لها مصلحة في إثارة هذه الفتنة ولا ننكر وجود حوادث فردية, لكن هناك من يستغل هذا الحدث الفردي لكي يضخمه ويبالغ فيه, ويلقي عليه أضواء إعلامية هدفها إثارة مشاعر القارئ أو المشاهد.
*ماذا عن مسئولية الدولة؟
**الوحدة الوطنية شأن يمس الأمن القومي وأعتقد أن التدخل الرئاسي في هذا الشأن مطلوب, ويجب علي رئيس الجمهورية أن يصدر تعليماته بضرورة تصحيح رسالة الإعلام والتعليم والخطاب الديني.
*جلسات الصلح هل هي تسكين للأحداث فقط؟
**جلسات الصلح بالطبع كلام فارغ وعيب في حق القانون.
*لماذا لا تتخذ الحكومة أحكاما رادعة علي المخطئ؟
**هذا مظهر من مظاهر ضعف الحكومة وضعف النظام والبحث الدائم عن حلول وسط بهدف المواءمات والموزانات, أعتقد أن أحد الحلول لمواجهة التوتر الديني هو سيادة القانون, وأن يكون القانون فاعلا وأن يأخذ المخطئ عقابه أيا كان هذا المخطئ وأن يكون العقاب رادعا, فهناك قانون ازدراء الأديان الذي يجب أن يعاقب كل من يرتكب هذه الجريمة أيا كان دينه, كذلك يجب تفعيل كل القوانين الخاصة بالحماية من التمييز.
قانون دور العبادة
*صرحت أكثر من مرة أن قانون دور العبادة الموحد ليس هو الحل, فما وجهة نظرك؟
**أنا مع إصدار قانون دور العبادة الموحد, لكن يجب ألا نعتبر هذا القانون حلا لكل المشاكل, لأن المشكلات متراكمة ومتفاقمة وليست هناك عصا سحرية تحل هذه المشكلات بإجراء واحد أو بإصدار تشريع واحد, حيث إن هناك عدة إجراءات يجب أن تتخذ بما فيها إصدار هذا القانون.
*إلغاء خانة الديانة مثلا؟
**إلغاء خانة الديانة أمر ملح بالطبع, بحيث يكون القبول والتعيين علي أساس الكفاءة وليس الدين, لكني أؤكد مجددا أن ذلك أيضا ليس حلا للمشكلات التي نواجهها…
*فما الحل إذن؟
**نحن في حاجة إلي تغيير وتصحيح الحالة الثقافية ولن يتم ذلك إلا بتغيير رسائل الإعلام والتعليم والخطاب الديني وتغيير اللوائح الإدارية.
*هل تمثل المادة الثانية من الدستورأن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع حجر عثرة أمام المواطنة؟
**إلغاؤها أو عدم إلغائها لن يغير من الأمر فمن الناحية البحتة يجب أن نتكلم عن مرجعية دينية عامة أرستها كل الأديان السماوية, وقد أضفنا كلمة المواطنة في المادة الأولي من الدستور لكن إضافتها لن تغير شيئا فالتوتر الطائفي موجود, وعدم المساواة بين المواطنين موجود, فالقضية ليست تغيير نص في الدستور, لكن القضية تغيير ثقافة مجتمع كما قلت بما يتيح مزيدا من الشعور بالمساواة والمواطنة.
*لماذا لا يلمس المواطن المصري أجندات واضحة للأحزاب تعالج مشكلات وقضايا المجتمع المصري؟
**سوف يلمس المواطن أجندات واضحة للأحزاب. عندما يكون هناك دستور يتيح التداول في السلطة, وقانون ينظم الحياة الحزبية ويمنحها الحرية…نحن في حاجة إلي تغيير المناخ الذي نعيشه فالدولة مندمجة في الحزب الحاكم ولاتترك أي هوامش للأحزاب الأخري.
*نقصد سيادة مناخ ليبرالي ديموقراطي؟
**نعم, ومن الممكن أن يتحقق عندما تكون قواعد اللعبة السياسية في مصر ديموقراطية وعندما تتسع الحريات وعندما يحترم حقوق الإنسان وأولها حق التعبير والمشاركة السياسية, أيضا الفصل بين السلطات بحيث يسمح المناخ بتداول السلطة بين التيارات السياسية المختلفة وبين الأحزاب السياسية المختلفة وهذا هو في رأيي مفتاح الدستور المنشود.
*تشهد الساحة السياسية حركات سياسية عديدة, هل هذا تعبير عن مناخ ديموقراطي؟
**هذا يدل علي أن مصر تمر بمرحلة انتقالية ومن وضع سياسي إلي آخر جديد, وطبيعي أن يحدث هذا التطوير مع تولي جيل جديد قيادة العمل العام سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية لأن هذا الجيل يملك إمكانيات لا يملكها الجيل القديم وهو أكثر انفتاحا علي العالم بحكم التطور التكنولوجي الهائل وهذا سيؤدي إلي تغيير في أسلوب إدارة المجتمع.
*هل تعبر هذه الحركات عن نهاية الأحزاب؟
**بدون أحزاب لا توجد حياة سياسية ومن أكبر الحركات الاحتجاجية التي عرفها التاريخ الحديث ثورة 1968 في فرنسا حيث تظاهر الطلبة والشباب واجتاحوا الشوارع في باريس لمدة شهرين متتالين وظهرت زعامات شبابية, فظن الناس أنها نهاية الأحزاب, والذي حدث أن الحركات انتهت والأحزاب بقيت, فالحركات السياسية تقوم احتجاجا علي حدث معين أو لتحقيق مطلب معين وتنتهي بمجرد انتهاء الحدث أو تحقيق المطلب, لكن الحزب له برنامج يلتزم بوضعه ويحاول أن يضع ويقترح حلولا.
ثوابت الوفد
*إجراء انتخابات نزيهة داخل الوفد…هل هي خطوة نحو إصلاح الوفد؟
**ضربنا مثلا للمجتمع المصري كله بإجراء انتخابات نزيهة, وقد كنت المسئول عن إدارة العملية الانتخابية التي تمت في حزب الوفد, واتضح أن إدارة انتخابات نزيهة أسهل بكثير من تزوير الانتخابات.
ولاشك أن هذه خطوة نحو إصلاح الوفد واستعادة دوره السياسي فالمؤسسة نفسها حدثت من وسائلها ومن خطابها.
*وما حكاية حملة الدفاع عن ثوابت الوفد والتي تشاركون فيها؟
**هناك داخل الوفد من عبروا عن تحفظهم علي زيارة الدكتور السيد البدوي للإخوان المسلمين, وإعلانه أن حزب الوفد ليس حزبا علمانيا, وتحفظهم علي كثير من كتابات جريدة الوفد, وعلي دخول الدكتورة سعاد صالح وتصريحاتها حول مواطنة الأقباط عامة, هؤلاء عملوا حركة تحت شعار الدفاع عن ثوابت الوفد وحمايته من الارتداد عن مبادئه التي تقوم علي مبدأ الوحدة الوطنية ونحن بالطبع نرحب بهذه الحركة.
*الوحدة الوطنية إذن أحد المبادئ الأساسية للوفد, فهل تحوي قائمته علي أقباطا للترشيح في الانتخابات؟
**أحب أن أقول إن الوفد من أكثر الأحزاب التي تضم عددا كثيرا جدا من الأقباط, وأيضا الوفد من أكثر الأحزاب التي ترشح أقباطا في الانتخابات, وهو الحزب الوحيد الذي يضم قبطيا في منصب السكرتير العام, وهو المنصب الثاني في الأهمية بعد رئيس الحزب كذلك لدينا كوادر ورؤساء لجان مركزية داخل الوفد من الأقباط.
*سياسة التعيين وكوتة الأقباط…وسائل لتمثيل الأقباط فما رأيك؟
**أنا ضد سياسة التعيين وتحديد كوتة للأقباط لأن كلا منهما مهانة للأقباط, ويأتي بأفراد ليس لهم تاريخ سياسي وبالتالي أفراد ليس لهم دور سياسي ملموس في الدولة.
القائمة الوفدية
*مارأيك في القائمة النسبية؟
**القائمة النسبية هي جزء لا يتجزأ من برنامجنا, فهو أفضل النظم الانتخابية في المرحلة المقبلة لأنه يؤدي إلي تقوية الأحزاب, وأن تكون المنافسة حول أفكار وليس أشخاص والتقليل من تأثير المال وقوته واستخدام العنف في الانتخابات, فضلا عن أنه نظام انتخابي سيجذب الأشخاص الذين لديهم قيمة علمية ممن يستبعدون من العملية الانتخابية وأيضا يتيح أماكن كثيرة للمرأة والأقباط بحيث يكون علي رأس كل قائمة واحد أو اثنان من الأقباط والأمر ينطبق علي المرأة.
*توقعاتك للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
**لقد أدلي د.صفوت الشريف بتصريحات تؤكد علي ترشيح الرئيس مبارك للانتخابات الرئاسية المقبلة وهذا متوقع.
مسقط رأسي
*ماذا بعد ترشحك في جرجا في الانتخابات البرلمانية؟
**رشحت نفسي في دائرة جرجا بمحافظة سوهاج لأنها مسقط رأسي, وكنت بصدد اختيار دائرة الوايلي بالقاهرة ولكني فضلت جرجا, وأجد ترحيبا كبيرا من أبناء الدائرة, وأشعر بتفاؤل وفرصتي في النجاح كبيرة, وأشعر بأنني سأقدم العديد من الخدمات بأبناء الدائرة, ولدي اشتياق لتعديل الأوضاع في جرجا بما يليق لأبناء الصعيد.
*ماذا عن وجود مرشح منافس من نفس الحزب؟
**هناك تنسيق داخل حزب الوفد ولا يوجد مرشح لحزب الوفد في دائرة جرجا سوي منير فخري عبد النور, وما يتم تداوله في وسائل الإعلام غير صحيح.