تفاعلت منظمات حقوقية مع حادث ماسبيرو, وتم تشكيل لجنة تابعة للمجلس القومي لحقوق الإنسان وأخري لوزارة العدل, وهناك منظمات أخري ذهبت إلي موقع الأحداث وقدمت ملاحظاتها حول الحادث المؤسف.
في أول تقرير حقوقي بعد أحداث ماسبيرو رصدت مؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان في لجنة تقصي الحقائقوفاة 25 مصريا وإصابة 257 آخرين في الأحداث أمام ماسبيرو, منها 17 جثة في المستشفي القبطي و4 جثث بمستشفي شبرا, وجثة واحدة بمعهد ناصروالباقي بمستشفيات متفرقة, ورفض أهالي الضحايا المعاينة الظاهرية للطب الشرعي لجثث الضحايا وإصرارهم علي تشريحها وإصدار تقارير مفصلة عن أسباب الوفاة لكل حالة علي حدة, وأن أغلب وفيات الضحايا جاءت نتيجة الإصابة بطلق ناري وارتجاج بالرأس وتحطم لجزء من الجمجمة, وأن معظم الإصابات بأثر طلق ناري ورش, وجروح من إلقاء الطوب والحجارة, وكسور نتيجة الضرب بالعصي واصطدام سيارات بهم, وخروج 85 بالمائة منهم من المستشفيات بعد تلقي العلاج.
رصدت اللجنة مطالبة المسيحيين للحكومة بسرعة تقديم المتهمين في أحداث الاعتداء علي الكنائس في أسوان وإمبابة والقديسين للمحاكمة, ووجود حالة احتقان شديدة بين المسيحيين تهدد مستقبل الثورة ونسيج ووحدة الأمة المصرية, ورفض شهود العيان من المتظاهرين للمعاملة غير الجيدة من بعض المحافظين والتنفيذيين في بناء الكنائس, وشعور المتظاهرين بأن مشاكلهم تتكرر باستمرار دون محاسبة المعتدين.
دعا التقرير إلي ضرورة تدخل الحكومة بجدية لوضع حلول جذرية للمشكلات العالقة للمسيحين والتخلي عن أسلوب الحلول السطحية والمسكنة, ودراسة وسائل تقوية العلاقة بين المسلمين والمسيحيين, ونبذ المتظاهرين الأقباط لاستخدام العنف بكل صوره وأشكاله, وإصرار أهالي الضحايا علي إرساء قانون جاد وحقيقي لمبدأ المواطنة بين جميع المصريين, ومطالبة المتظاهرين بضرورة منحالقضاء أولوية الفصل في قضايا العنف الطائفي.
اتهم التقرير الحكومة بالقصور الشديد في أدائها, وتحملها المسئولية في أحداث الفتنة التي تهدد مصر, وضرورة صياغة رؤية جديدة بين المجلس العسكري والحكومة لإدارة المرحلة الانتقالية, كما دعا التقرير وسائل الإعلام للابتعاد علي الإثارة والتحريض والانفلات الإعلامي وأن تتحمل المسئولية الاجتماعية, فضلا عن ضعف دور التليفزيون المصري في معالجة الأحداث واستقاء المواطنين معلوماتهم الرئيسية من القنوات الفضائية المصرية والعربية.
وشكل المجلس القومي لحقوق الإنسان لجنة تقصي حقائق برئاسة محمد فائق نائب رئيس المجلس لإجراء تحقيق فوري ونشر فحوي التقرير من أجل معاقبة كل من يثبت مشاركته في الجرائم المرتكبة في أحداث ماسبيرو, ومن جانبه شكل المجلس لجنة موسعة لتقصي الحقائق وسيتم إعلان تقريرها في أقرب فرصة, كما أدان المعالجة الإعلامية التحريضية التي مارستها بعض القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية وطالب المجلس أجهزة الإعلام الرسمية أن يتصدر رسالتها إعلام المصداقية وعرض الحقائق كاملة علي المواطنين درءا للفتنة وبناء للثقة بين الإعلام وكافة المصريين.
أكد جورج إسحق عضو المجلس القومي إدانة المجلس لاستخدام العنف المفرط وبالذخيرة الحية لمواجهة المتظاهرين السلميين, وإدانة أي إساءة أو عنف ضد القوات المسلحة, وفي هذا المقام يطرح المجلس تساؤلا مهما حول التحول الذي يطرأ علي المظاهرات التي دائما ما تبدأ سلمية وتنتهي بدماء وشهداء, مؤكدا ضرورة إصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة وقانون منع التمييز والذي قام المجلس بإعدادهما وتقديمهما للجهات المسئولة منذ سنوات, وأشار إلي أن قانون منع التمييز لن يؤدي الغرض منه إذا اقتصر علي العقوبات الجنائية وإنشاء مفوضية تختص بمتابعة التنفيذ والقيام بدور إصلاحي في تعزيز مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين علي أرض الواقع, وعدم جدوي المصالحات العرفية التي تتم عقب كل حادث علي حساب دولة القانون والعدالة الناجزة وطالب بضرورة إعمال القانون وتنفيذ الأحكام القضائية علي المخالفين دون تأخر.
في هذا الإطار طالب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة النائب العام بفتح تحقيق مستقل لأحداث ماسبيرو, يتم عرض نتائجه أولا بأول علي الرأي العام, وأن يخضع المتورطون في الجرائم التي شهدتها هذه الأحداث للمساءلة والملاحقة القضائية إعمالا وتفعيلا لمبدأ سيادة القانون, ومناهضة لثقافة الإفلات من العقاب.
رفض المركز إلقاء اللوم بشأن هذه الأحداث علي عناصر خارجية أو غير ذلك من الأسباب, وتحميل المسئولية الكاملة, علي الملفات الساخنة في مصر بعد ثورة 25 يناير, تلك الملفات وإن كانت صنيعة النظام السابق, وسواء كانت من تدبيره أو نتاج سياساته الخاطئة, وأنه آن الأوان كي يتم التعاطي مع هذه الملفات وفق رؤية واستراتيجية جديدة, ووفق منهج حقوقي يعلي من شأن قيم التسامح وقبول الآخر, ويحول مبادئ وثقافة حقوق الانسان من مجرد شعارات إلي ثقافة وطريقة وأسلوب حياة, ويعلي في ذات الوقت من مبدأ سيادة القانون.
من ناحية أخري طالب مركز القاهرة للتنمية كلا من المجلس العسكري والحكومة القيام بدورهما المنوطين به وتفعيل القانون وسرعة ضبط الجناة المسئولين عن الأحداث وإصدار مرسوم بقانون موحد لدور العبادة ومرسوم آخر بقانون منع التمييز بين المواطنين والتحقيق فيما نسب للتليفزيون الرسمي من تحريض علي المتظاهرين السلميين واتهامهم بإطلاق الرصاص علي قوات الجيش ونفي وزير الإعلام لهذا الخبر فيما بعد.
كما طالب القيادات الدينية في المجتمع المصري القبطية والإسلامية بالعمل علي احتواء الموقف وإنهاء الأزمة, وتشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة من منظمات حقوق الإنسان المصرية للوقوف علي المتسببين في اشتعال هذه الأحداث, معرباعن رفضه الشديد للعنف غير المبرر والأحداث المؤسفة التي وقعت أمام مبني ماسبيرو.