يوثق تقريرالحرية الدينية في العالم 2010, وضع الحريات الدينية (في العالم) خلال الفترة من 1 يوليو 2009 حتي 30 يونيو .2010 ويتمحور اهتمام التقرير الأساسي علي إجراءات حكومية رسمية تؤدي إلي القمع الديني أو تتساهل حيال العنف ضد الطوائف الدينية, وتدابير تعمل علي صون الحرية الدينية وتشجيعها. ويحتوي كل تقرير عن كل دولة بمفردها أقساما وفقرات حول الديموجرافية الدينية للبلاد; واحترام حكومة ذلك البلد للحرية الدينية (بما في ذلك الإطار القانوني والسياسي, والقيود علي الحرية الدينية, والإساءة للحرية الدينية, والتحسينات والتطورات الإيجابية); واحترام المجتمع للحرية الدينية, وسياسات الحكومة الأمريكية وإجراءاتها في هذا الشأن.
إن إشاعة الحرية الدينية هي هدف جوهري للسياسة الخارجية للولايات المتحدة, بحسب ما نص علي ذلك قانون الحرية الدينية في العالم للعام .1988 كما أن الدعوة الأمريكية للحرية الدينية نابعة من التزامنا بدفع عجلة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في العالم أجمع. فلدي الغالبية العظمي لسكان العالم معتقدات أو هويات دينية من نوع أو آخر. والحق في الإيمان بديانات, أو عدم الإيمان, دون الخشية من تدخل أو قيود حكومية هو حق أساسي من حقوق البشر. فهو يوفر أساسا ضروريا لمجتمع قائم علي كرامة الناس ومجتمع أهلي مفعم بالقوة, وديموقراطية مستدامة. وهذا المبدأ يحتل مكانا محوريا في الثقافة والقيم والتاريخ الأمريكي. وهو محط اهتمام عالمي كما أوضح ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويتضمن قانون الحرية الدينية في العالم إلزاما بإعداد هذا التقرير وبالمواضيع الرئيسية لهذا الملخص التنفيذي. فبعد تقدمة نظرة شاملة للتحديات التي تواجه الحريات الدينية, يحدد الجزء الأول ملامح أوضاع الحرية الدينية في بلدان مختارة فيما يعالج الجزء الثاني موضوع الإجراءات الأميركية في بلدان وصفتها وزيرة الخارجية بأنها بلدان مدعاة لقلق خاص, يوم 16 كانون الثاني/يناير, .2009 أما الجزء الثالث فيسلط أضواء علي الجهود لإشاعة الحوار بين الأديان والتفاهم في ما بينها.
التحديات التي ترعاها الحكومات أمام الحرية الدينية
يمكن تقييد الحرية الدينية بعدة أطرق, العلنية منها والضمنية. والفئات الخمس أدناه تقدم إطرا تحليلية للتعرف إلي طائفة القيود علي الحرية الدينية:
1) الحكومات المتسلطة: إن أخطر الإساءات تتم في ظل حكومات متسلطة تسعي إلي السيطرة علي كافة أشكال الفكر والتعبير الديني, كجزء من تصميمها الأكثر شمولية لضبط كافة نواحي الحياة السياسية والأهلية. وتعتبر تلك الحكومات بعض الجماعات الدينية أعداء للدولة لأنها تحتفظ بمعتقدات دينية قد تتحدي الولاء للحكام. وتستحضر الحكومات الاهتمام بالأمن السياسي كأساس لقمع الممارسة الدينية السلمية.
2) العداء تجاه جماعات الأقليات الدينية وغير التقليدية. تحصل إساءات خطيرة حينما تستعدي الدولة جماعات الأقليات الدينية وغير التقليدية. وفي حين لا تمارس بعض الحكومات سيطرة تامة علي هذه الجماعات فإنها تلجأ إلي ترهيب ومضايقة طوائف دينية وتتساهل حيال إساءات ضدها من قبل المجتمع. وفي بعض الحالات الخطيرة قد تطلب الحكومات أن يتخلي أتباع ديانات عن إيمانهم أو تجبرهم علي الانتقال من البلاد أو الفرار منها. والتقرير الحالي يلتفت بعناية إلي الأواصر بين الهوية الدينية والخلفية الإثنية لا سيما في الحالات التي تهيمن فيها علي الحكومة جماعات غالبية أثنية أو دينية وتقمع التعبير الحر للأقليات. ويتضمن هذا التقرير عددا من الحالات حيث استعدت الحكومات جماعة دينية بسبب العقيدة أو الانتماء السياسيين الحقيقيين أو المفترضين لهذه الجماعة.
3) الإحجام عن معالجة عدم تسامح المجتمع. تحجم بعض الدول عن معالجة قوي عدم التسامح أو التعصب ضد جماعات دينية معينة. في هذه البلدان قد تثني القوانين المرعية أفرادا عن التمييز الديني أو الاضطهاد الديني لكن المسؤولين فيها يمتنعون عن منع الهجمات والمضايقة أو أية أفعال مؤذية ضد أفراد أو جماعات دينية معينة. والذود عن الحرية الدينية يقتضي أكثر من مجرد إصدار قوانين أو إرساء سياسات حميدة. إذ تقع علي عاتق الحكومات كذلك مسؤولية العمل علي جميع المستويات والأصعدة لمنع الإساءات وتقديم مرتكبي جرائم العنف أو ممن يتورطون في التمييز المخل بالقوانين إلي العدالة, وتوفير سبل رفع التظلم عن الضحايا حينما يكون ذلك مناسبا ولتشجيع مناخ يسوده الاحترام لجميع الناس والتسامح تجاههم.
4) التحيز المؤسساتي: أحيانا تقيد الحكومات الحريات الدينية من خلال سنها تشريعات أو اتخاذها تدابير أساسية تحابي ديانة أو اكثر ضد أخري. وغالبا ما تؤول هذه الظروف إلي هيمنة تاريخية من قبل جماعة دينية معينة يمكن أن تؤدي إلي تحامل مؤسساتي ضد جاليات وديانات حديثة العهد أو مقموعة تاريخيا. يسلط هذا التقرير أضواء علي حالات حيث تتبني حكومات تأويلا معينا لمبادئ ديانة مما ينتج عنه من قيود علي أتباع تلك الديانة ممن يتمسكون بتأويلات مغايرة.
5) عدم الشرعية. تميز بعض الحكومات ضد جماعات معينة, مشددة علي حقيقة أنها غير مشروعة أو خطرة بالنسبة لأفراد أو نظام مجتمعي. وتصف هذه الحكومات جماعات من هذا القبيل بفرق أو طوائف دينية, وبالتالي يؤدي ذلك إلي ديمومة إضفاء العار علي تلك الجماعات وتشجيع, أو التغاضي ضمنيا, عن أعمال عنف ضدها. وهذه الممارسة شائعة نسبيا حتي في بلدان تحترم فيها الحرية الدينية.
التحديات المتعددة الجنسيات والإقليمية والعالمية للحرية الدينية
إضافة إلي هذه المشاغل في كل دولة علي حدة فإن الطائفة العريضة من الجهود التي تتحدي الحرية الدينية تطال المنتديات المتعددة الجنسيات الإقليمية والعالمية. مثلا, علي مدي العقد الماضي عملت عدة دول تسكنها أغلبيات مسلمة أو أعداد لا يستهان بها منهم من خلال نظام الأمم المتحدة للترويج لمفهوم ##تشويه سمعة الديانات##من خلال طرحها قرارات سنوية تتناول هذه القضية في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وفي الجمعية العامة. وفي حين تستنكر الولايات المتحدة أفعالا تظهر عدم احترام المعتقدات الدينية الراسخة بما فيها الدين الإسلامي فإننا لا نوافق مع مفهموم ##تشويه سمعة الديانات## لأنه يمكن لهذا المفهوم أن يسخر لتقويض الحريات الدينية الأساسية والتعبير الديني.
وتتفهم الولايات المتحدة الشغل الشاغل للقرار وهو رسم صورة نمطية سلبية عن أتباع جماعات دينية والتمييز ضدهم. بيد أن الولايات المتحدة تعتبر أنه عوضا عن تحريم الكلام فإن السبيل الأمثل للحكومات كي تعالج هذه المسائل هو من خلال تطوير أنظمة قضائية فاعلة لمعالجة أعمال التمييز والجرائم التي تقترف علي خلفية تحيز, وإدانة العقائد الحاقدة والتواصل بنشاط مع جميع الطوائف الدينية لا سيما الأقليات منها, والدفاع بحماس عن حقوق الأفراد بممارسة دياناتهم بحرية وممارسة حريتهم بالتعبير. وتعمل الولايات المتحدة مع شركاء لها في الأمم المتحدة لإيجاد بديل كي يمكن معالجة قضية التعصب والتمييز الدينيين.
إن الاتجاه المتنامي بإعادة أفراد قسرا من بلد آخر ليواجهوا الاضطهاد أو سوء المعاملة في أوطانهم انتقاما من نشاطهم الديني هو مدعي قلق بالغ للولايات المتجحدة. وقد وردت تقارير موثوق منها أفادت أن حكومة الصين حاولت إرغام إعادة مسلمي الويغور وبوذيي التبت من بلدان أخري بسبب ما يقومون به من نشاطات دينية فيها أو إطلاق دعوات للحرية الدينية. وعلي غرار ذلك واصلت حكومة أوزبكستان ترحيل أعضاء يزعم بأنهم أعضاء جماعات دينية اعتبرتهم متطرفين إسلاميين من بلدان أخري, بالأخص روسيا, رغم أنه لم تحصل عمليات إبعاد خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير.