في سلسلة رسالة غلاطية الجميلة, وقفنا أمام حلقات متتابعة, نجملها فيما يلي:
ملء الزمان – الميلاد – الفداء – التبني – الملء بالروح – الميراث
ونحن الآن في الحلقتين الأخيرتين من هذه السلسلة الجميلة:
الروح… والميراث!!
الروح … وميلاد المسيح:
كان الروح القدس واضحا كل الوضوح في ميلاد السيد المسيح, بسبب بسيط وبديهي, أن الأقانيم الثلاثة في إلهنا الواحد, متمايزة ولكن غير منفصلة. وفي ميلاد الرب يسوع نجد الثلاثة أقانيم تعمل معا, إذ أن إلهنا العظيم واحد في الجوهر وإن كان مثلثا في الأقانيم:
1- الآب:
* ”لم يشفق علي ابنه, بل بذله لأجلنا أجمعين” (رو32:8).
* ”هكذا أحب الله العالم, حتي بذل ابنه الوحيد” (يو16:3).
* ”أرسل الله ابنه مولودا من امرأة, مولودا تحت الناموس” (غل4:4).
2- الابن:
* ”عظيم هو سر التقوي, الله ظهر في الجسد” (1تي16:3).
* ”والكلمة صار جسدا, وحل بيننا” (يو14:1).
* ”الذي كان من البدء, الذي سمعناه, الذي رأيناه بعيوننا, الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة, فإن الحياة أظهرت, وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية, التي كانت عند الآب وأظهرت لنا” (1يو1:1,1).
* ”الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديما, بأنواع وطرق كثيرة, كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه, الذي جعله وارثا كل شئ” (عب1:1,1).
3- الروح القدس:
”لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف, قبل أن يجتمعا, وجدت حبلي من الروح القدس” (مت18:1).
* ”لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك, لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس” (مت20:1).
* ”الروح القدس يحل عليك (الروح), وقوة العلي تظللك (الآب), لذلك فالقدوس المولود منك (الابن), يدعي ابن الله” (لو35:1).
* ”لما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها, وامتلأت أليصابات من الروح القدس” (لو41:1).
* ”وامتلأ زكريا أبوه (أبوالمعمدان) من الروح القدس وتنبأ” (لو67:1).
* ”سمعان… كان بارا تقيا… والروح القدس كان عليه… وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يري الموت قبل أن يري مسيح الرب, فأتي بالروح إلي الهيكل” (لو25:2-27).
***
الروح القدس إذن, كان له دور أساسي في ميلاد الرب وتجسده, فهو الذي:
قدس العذراء وطهرها, ليصير المولود منها ابن الله وابن الإنسان, الذي شابهنا – من جهة ناسوته – في كل شئ ما خلا الخطيئة. ولعل روح الله في أحشاء العذراء كان يقدس المادة التي تدخل من أمنا العذراء إلي الجنين الإلهي, لهذا قال الكتاب إنها وجدت حبلي من الروح القدس.
* العذراء الطاهرة كانت ممتلئة بالروح, وفي أحشائها المولود الإلهي, وكانت بمجرد أن سلمت علي أليصابات, سبب ملء لها وللجنين الذي في أحشائها, الذي أسرع يسجد في رحمها خشوعا أمام المولود المجيد.
* الروح القدس أعطي زكريا قوة وكلام النبوة, عن تجسد الرب وخلاصه المجيد.
* كما أنه أوحي إلي سمعان الشيخ, أحد مترجمي التوراة, والذي عاش فترة طويلة حين تعجب من كلمات أشعياء النبي: ”ها العذراء تحبل, وتلد ابنا… ” وأراد أن يترجمها ”الفتاة” مندهشا كيف أن عذراء تحبل؟ ولكن الرب أوصي إليه أن يكتبها كما هي, وأنه سيري هذا الحدث العجيب ثم ينطلق. كان ذلك في عصر بطليموس فيلادلفيوس, الذي طلب من سبعين شيخا من اليهود ترجمة العهد القديم من العبرية إلي اليونانية, حوالي سنة 280ق.م. وكانت هذه الترجمة تمهيدا للعهد الجديد الذي سيكتب باليونانية أيضا. فالمسيح يسوع هو مسيح العالم كله, وليس اليهود فقط. كذلك كانت المعجزة تمهيدا رائعا للمخلص الحبيب, حيث رأوا هذا الشيخ البار, يعيش هذه الفترة الطويلة, ويتحرك بالروح إلي الهيكل. ليلتقي بالمولود الإلهي, ويحمله علي ذراعيه ليتبارك منه, ثم يطلب منه قائلا: ”الآن تطلق عبدك ياسيدي حسب قولك بسلام, لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام جميع الشعوب, نورا إعلان للأمم, ومجدا لشعبك إسرائيل” (لو29:2-32).
ولاحظ أيها القارئ الحبيب كيف ذكر سمعان – بالروح – عدة حقائق:
1- أن الطفل الذي يحمله علي يديه هو السيد, وأن سمعان الشيخ البار الوقور هو العبد.
2- أن هناك وعدا برؤية الخلاص ثم الانطلاق ”حسب قولك”.
3- أن الرب هو المخلص الإلهي ”أبصرتا خلاصك”.
4- وأن الخلاص والنور هما لكل العالم ”جميع الشعوب… الأمم… إسرائيل”.