يعد متحف الفن الإسلامي بالقاهرة أقدم وأكبر وأضخم متحف في العالم الإسلامي إذ يحتوي علي 96 ألف تحفة نادرة لامثيل لها توكد عظمة الحضارة الإسلامية وازدهارها.. في الفترة الأخيرة أثير حوله العديد من القضايا علي أثر ما نشر بجريدة الأهرام بقلم الشاعر فاروق جويدة في عدد الجمعة الموافق 24 يونية الماضي عن اختفاء آلاف القطع الأثرية من متحف الفن الإسلامي.
من هذا المنطلق وجهت وزارة الدولة لشئون الآثار الدعوة للكاتب فاروق جويدة لزيارة المتحف ومشاهدة المقتنيات معروضة وذلك حفاظا علي سمعة الآثار والعاملين بها أمام العالم ولوضع حد نهائي وفاصل لأي تشكك في المتحف الإسلامي ومقتنياته, كما أصدرت الوزارة بيان ردا علي ما نشرة الشاعر فاروق جويدة موخرا بأن سيف تيمور باشا مازال مفقودا وليس له وجود ضمن مقتنيات المتحف الإسلامي حيث أوضح البيان أن سيف تيمور باشا موجود ضمن مقتنيات المتحف ومسجل بسجلاته كما أنه تقرر عرضه فورا بالمتحف ليراه جميع أفراد الشعب المصري.
وحول المتحف الإسلامي وحقيقة ما يتعرض له الآن من هجوم وادعاءات بسرقة محتوياته ومشروع تطويره كان لجريدة وطني هذا التحقيق.
سيف وخنجر تيمور باشا:
أوضح الدكتور محمد الكحلاوي رئيس قطاع المتاحف أن ما أثير ببعض وسائل الإعلام بشأن وجود سرقات بالمتحف الإ سلامي ليس له أي أساس من الصحة كما أشار إلي أن ما يعرض داخل المتحف الإسلامي من السجاد عدد عشر قطع فقط وباقي المجموعة الوارد ذكرها وعددها 156 قطعة موجودة بمخازن المتحف نفسه وبالنسبة لسيف وخنجر تيمور باشا موجودان في خزينة حديدية طرف أمينة العهدة وبالنسبة لمبخرة التي تخص الإمبراطورة أوجيني موجودة بقسم الحلي عهدة نفس الأمينة,وبالنسبة لمجموعات الأخشاب فهناك 20 قطعة خشبية معروضة في القاعة الأموية بالمتحف الإسلامي مؤكدا علي أنها لم تنقل أو تعار إلي أي من القصور الرئاسية أو متاحف رئاسة الجمهورية.
مشيرا إلي أن اتهامات الشاعر فاروق جويدة بفقدان واختفاء بعض مقتنيات المتحف الإسلامي هو ما دفع مجلس الإدارة لعمل مؤتمر صحفي بمقر المتحف حضره الدكتور محمد عبد المقصود أمين عام المجلس الأعلي للآثار ورئيس مجلس الإدارة ومدير المتحف ,أكد فيه بطلان ادعاء ما نشر وتم عرض القطع أمام الإعلاميين والصحافة المحلية والدولية حتي لاتعرض تلك الأخبار غير الصحيحة سمعة مصر في الداخل والخارج لمخاطر جسيمة وتجعل المواطن المصري فاقدا للثقة في آثاره والأثريين الشرفاء الذين يحفظون لمصر ثرواتها من العبث والضياع .
أقدم وأكبر متحف إسلامي:
ومن جانبه أشار أحمد عباس مدير المتحف الإسلامي إلي أن المتحف يعد أقدم وأكبر وأضخم متحف في العالم الإسلامي إذ يحتوي علي 96 ألف تحفة نادرة لامثيل لها تؤكد عظمة الحضارة الإسلامية وازدهارها والتحف الموجودة بالمتحف تم جلبها من معظم دول العالم الإسلامي أو من شخصيات غربية وعربية اقتنتها سنوات طويلة وقامت ببيعها للمتحف أو إهدائها له,ويضم المتحف تحفا ترجع إلي العام 31 هـ,وهناك تحف معدنية وخشبية وخزفية ومشكاوات وسجاجيد ومصاحف نادرة تثبت عظمة ومهارة الفنان المسلم,وقد عرض بعض تحف المتحف في معارض دولية في إنجلترا وأمريكا وفرنسا والصين فبهرت من شاهدها.
مؤكدا علي أن عدد القطع المعروضة حاليا في المتحف 2500 قطعة من أصل 30 ألف قطعة كانت معروضة في السابق موضحا أن باقي القطع سيتم عرضها في المتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة وبعض المتاحف النوعية والمخازن المتحفية موضحا أن المتحف شهد سيناريو جديدا للعرض بعد ترميمه وهذا السيناريو يسمح لعرض 2500 قطعة أثرية فقط.
مشيرا إلي أن التفكير في إنشاء متحف الفن الإسلامي يعود إلي العام 1880م عندما جمعت الحكومة المصرية جميع التحف الفنية الموجودة في المساجد والمباني الأثرية وقامت بحفظها في الإريوان الشرقي من جامع الحاكم ثم عرضت تلك التحف في متحف صغير تم بناؤه خصيصا في صحن جامع الحاكم وأطلق عليه اسمدار الآثار العربيةوبقيت التحف موجودة في ذلك المتحف الصغير إلي أن تم تشييد المبني الحالي للمتحف في ميدان باب الخلق في وسط القاهرة بجوار منطقة الأزهر وافتتح في28 ديسمبر 1903م,وفي العام 1952 تغير اسم المتحف مندار الآثار العربيةإليمتحف الفن الإسلامي ونظرا لأهمية المتحف من الناحية المعمارية القيمة وتميزه بواجهات غنية بزخافها الإسلامية المستوحاة من العمارة الإسلامية من جميع البلدان أسرع المجلس الأعلي للآثار بالقيام بإعداد مشروع لترميمه وتطويره.
مشروع ترميم وتطوير المتحف:
ومن جانبه أضاف المهندسفاخر صبحي بشايمدير عام الشئون الهندسية لمشروعات المتاحف قائلا إن مشروع ترميم وتطوير متحف الفن الإسلامي بدأ منذ عام2003 ويتضمن تأمين الناحية الإنشائية نظرا لمرور أكثر من مائة عام علي المبني,هذا بالإضافة إلي المبني الذي تم بناؤه بالدور العلوي من المتحف ليستخدم كدار كتب, تزويد المتحف بجميع الأنظمة الحديثة التي تؤمنه من الحريق أو السرقة,إعادة تصميم الحديقة المتحفية وإعادة توزيع القطع الأثرية القيمة بها بصورة تظهر جمالها,هذا إلي جانب إنشاء مبني إداري بجوار الحديقة.
مشيرا إلي أن عدد التحف الفنية الموجودة في المتحف تضاعف عدة مرات منذ إنشائه حتي اليوم حيث ارتفع عدد التحف من 7082 تحفة عند افتتاح المتحف العام 1903مإلي78 ألف تحفة العام 1978م ويصل عدد التحف حاليا في المتحف إلي 96 ألف تحفة,وقد تم جلب تحف المتحف من مصادر كثيرة أهمها حفائر مدينة الفسطاط ورشيد والبهنسا وتنيس وأسوان,إلي جانب ما اقتناه المتحف من تحف عن طريق الشراء أو الإهداء من شخصيات ودول عربية وإسلامية… ويوجد في المتحف حاليا تحف نادرة لامثيل لها في العالم أجمع مثل مجموعات المشكاوات المصنوعة من الزجاج المموه بالمينا,والخزف المصري والأحجار ذات الكتابات والمنسوجات ,وأيضا مجموعات الخزف الإيراني والتركي.
موضحا أن المتحف يحتوي علي مجموعة كبيرة من القطع الفنية النادرة التي تعد من أغني ممتلكات المتحف وهي إبريق من البرونز عثر عليه في قرية أبو صير في الفيوم ضمن محتويات مقبرة مروان بن محمد آخر خلفاء بن أمية,أما العصر الفاطمي نجد تحفا معدنية نادرة منها قطع من الحلي,أبرزها خاتم من الذهب خال من الزخارف وعليه ثلاثة أسطر من الكتابة الرقيقة,وتحف معدنية شكلت علي هيئة حيوانات ظبي من البرونز رائع الشكل,ويحظي المتحف بتحف نادرة من العصر المملوكي منها ثريات لإضاءة المساجد من البرونز مثمنة الأضلاع ومكتوب عليها اسم السلطان حسن حيث جلبت من مدرسته المنشأة في العام 764هـ1362م.
مقتنيات نادرة لاتقدر بثمن:
وأشارت سهير سليم المهندسة المسئولة عن إدارة متابعة مشروعات المتاحف إلي أن المتحف يحتوي أيضا علي مجموعات خزفية نادرة تؤكد مدي ازدهار صناعة الخزف في العالم الإسلامي منذ وقت مبكر,ويحتل الخزف العراقي ذو الزخارف البارزة ثم الخزف العباسي ذو البريق المعدني مكانة بارزة داخل المتحف,ومن نماذج هذا النوع من الخزف في المتحف صحن يجمع بين العناصر الخزفية المختلفة يرجع إلي القرن الثالث الهجري… ويحتوي المتحف علي نماذج نادرة من الخزف ذي البريق المعدني ومن نماذج هذا النوع,صحن عليه كتابة بالخط الكوفي وهو يرجع للقرن الثالث الهجري, ويضم المتحف عددا من الصحون الأندلسية من الخزف ذي البريق المعدني كما نري أنواعا مختلفة من الخزف الإيراني مثل الخزف اللقبي والجيري وتقليد البورسلين الصيني والإيراني… وتستطيع من خلال مشاهدة الخزف الموجود في المتحف متابعة تطور صناعة الخزف في مصر وبلاد الشام من خلال القطع المعروضة,فنري الفخار المطلي بالمنيا,ونري من الخزف المملوكي تقليد قطع الخزف الصيني وخصوصا أواني السيلادون, وكذلك تقليدات الخزف الصيني ذي الزخارف الزرقاء علي أرضية بيضاء ويحتفظ المتحف بالكثير من القطع الخزفية العثمانية التي صنعت في مدن تركية والكثير من رسومات الحرمين علي بلاطات القاشاني أبرزها لوحة نادرة تعود إلي العام 1139هـ,ومن أندر مقتنيات المتحف قطع من الصيني صنعها فنانون صينيون مسلمون علي بعضها كتابات عربية منها علبة من البورسلين عليها كتابة بارزة.
مؤكدة علي أن المتحف يحتوي علي تحف خشبية مزخرفة نادرة, حيث إن هذا الفن قد وصل إلي قمته في العصر الفاطمي… ونري في المتحف الزخارف الخشبية تحفر علي مستويين مختلفين,وهو أسلوب يدل علي مقدرة الفنان ومهارته,كما في حشوات عثر عليها في مجموعة السلطان المنصور قلاوون ونشاهد في المتحف الكثير من التحف المملوكية والعثمانية المطعمة بالصدف والعاج,ومن أمثلة ذلك صندوق مصحف وكرسي بديعان كانا محفوظين في جامع أم السلطان شعبان,وكتاب جمع كل فنون الخشب من خرط وتجميع وحفر وزخارف نباتية وهندسية يعود للعصر العثماني تم نقلها للمتحف من مدينة رشيد,ويتميز بمجموعة من المشكاوات المملكوية غير موجودة بالمتاحف العالمية ويتجاوز عدد المشكاوات المعروضة الخمسين وهي مصابيح من الزجاج المموه بالمينا تستخدم في إضاءة المساجد,والمشكاة عبارة عن إناء يوضع فيه مصباح النار لحفظه من هبات الهواء ولتوزيع الإضاءة في المكان وأقدم المشكاوات التي يحتفظ بها المتحف ترجع لعصر خليل بن قلاوون وصاحب أكبر عدد من المشكاوات هو السلطان الناصر حسن بن قلاوون حيث يبلغ عددها نحو 19 مشكاة علي بعضها كتابات باسمه,بالإضافة إلي مشكاوات السلاطين… يوجد في القاعة أيضا عدد من مشكاوات الأمراء مثل مشكاة الأميرالماس الحاجب ومشكاة الأمير شيخو الناصري.
المصاحف والسجاجيد:
وتحدث دكتور فهمي عبد العليم رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقطبية السابق عن المصاحف التي تم تخصيص قاعة بالمتحف لها,حيث إن المعروض منها يرجع معظمه إلي العصر العثماني,وهي مزخرفة بالذهب وبخاصة الصفحات الأولي منها,وعلي بعض هذه المصاحف توقيعات للخطاطين,ونشاهد علي أحدها في أول صفحتين رسمين أحدهما يمثل المسجد النبوي والآخر يمثل المسجد الحرام,ويضم المتحف كذلك مجموعة من الأدوات العلمية,كالأدوات الطبية مثل المشارط ,والمقصات,وخيوط الجراحة والأدوات الفلكية, ومعظمها صنعت في مصر وإيران أو العراق أو تركيا أو الهند,كما يحتفظ المتحف بأكبر مجموعة من السجاجيد الإسلامية من حيث الثراء والتنوع في العالم,ومنها سجادة تمتاز بأن إطارها الذي يتألف من ثلاثة أشرطة أعرضها هو الأوسط الذي يضم صورا فيها كتابات عبارة عن أبيات من الشعر الفارسي مكتوبة بخط صغير.
موضحا أن المتحف يحتوي علي مجموعة كبيرة من السجاجيد التركية المصنوعة في مدن عدة,هذا بالإضافة إلي قاعة
أخري لعرض المسكوكات مثل الأختام والمكاييل التي صنعت من الزجاج والنياشين والأنواط التي كانت تمنح في مناسبات اجتماعية واقتصادية وسياسية وجلها يرجع لعصر أسرة محمد علي, وأبرز مافي هذه القاعة مجموعة العملات الإسلامية وأقدمها دينار أموي يرجع للعام 77هـ ودينار أموي آخر ضرب في الحجاز ,ورتبت العملات بحيث تعطي الزائر فكرة عامة عن تطور كتابات وزخارف الدنانير الذهبية والدراهم الفضية في العالم الإسلامي كله وحتي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.