في السماء تبدو سحابات الدخان..تنتشر مع موسم حصاد الأرز… وبداية ظاهرة السحابة السوداء التي تزورنا كالضيف الثقيل كل عام تحتل صدور الناس بعد ما تحتل سماء القاهرة الكبري وبرغم كل الجهود المبذولة للقضاء عليها إلا أننا نحتاج نظرة إلي البحوث العلمية وتقدم أي مجتمع يعتمد علي اهتمامه بالثقافة والعلوم ولكن التقدم الواقعي يعتمد علي مايطبقه من العلم وليس مجرد المعرفة به فعلوم البيئة مجال متسع لتخصصات علمية مختلفة يمكن أن تحدث تغييرات إيجابية في مجتمعنا من هذا المنطلق كانت فكرة براءة الاختراع المسجلة بأكاديمية البحث العلمي لعام 2005 وموضوعها استخدام قش الأرز المعامل بيولوجيا في تغذية الدواجن وهو أول بحث في العالم يهييء قش الأرز بطريقة كيميائية وبيولوجية ليصبح مسحوقا يضاف إلي مواد العلف حاورنا د. مدحت عدلي ميخائيل صاحب فكرة براءة الاختراع والذي يعمل في الإدارة المركزية للتشجير والبيئة بوزارة الزراعة حول فكرة الاختراع ومدي إمكانية تطبيقها.
00 ماهي فكرة البحث؟
0 قض الأرز له تركيب مميز فهو مغلف بطبقة من الشمع تحول دون تأثره بالماء أو الظروف الجوية وسمك جدار الخلية به يصل من60 إلي70% مما يعطيه قوة تماسك عالية ذلك مع وجود نسبة مرتفعة من السيليكا بين الخلايا تضيف عليه صفة المرونة الأمر الذي معه لايمكن أن يتأثر بالمعاملات الميكانيكية مثل غيره من المخلفات الزراعية الأخري لذلك كان يجب مراعاة معاملة قش الأرز بطريقة تتلافي العوائق الناتجة عن التركيب الذي ينفرد به لذلك اعتمدت في طريقة المعاملة في بحثي علي النفع في محلول حامض مخفف لتلاشي تأثير الطبقة الشمعية المغلف بها قش الأرز ثم رفع درجة الحرارة حتي الغليان باستخدام تيار من البخار وتحت ضغط للتأثير علي جدار خلايا قش الأرز من خلال تشبعه بالماء لخفض قوة تماسك الجدار يعقبها التخلص من الماء الزائد عن طريق الكبس الهيدروليكي يتم بعد ذلك مرحلة المعاملة الميكانيكية بفرم قش الأرز مع إضافة أنزيمات لتحويل الكربوهيدرات غير الذائبة إلي كربوهيدرات ذائبة يسهل استخلاص الأيثانول منها عن طريق التخمر لمدة عشرة أيام تحت ظروف لاهوائية مع عدم وجود إضاءة لينقسم بعد ذلك إلي سوائل تخرج تحتوي علي الإيثانول الذي يتم فصله بالطرد المركزي ثم التكثيف لتتكون مادة جافة تدخل في علف الدواجن وتربة صناعية بالإضافة إلي إنتاج الأخشاب والكرتون ومن هنا نستطيع أن نحصل علي محتويات كثيرة أهمها المادة التي تدخل في علف الدواجن والتي حصلت عنها علي براءة الاختراع.
العائد الاقتصادي
00 ماهو العائد الاقتصادي لاستخدام قش الأرز المعامل بيولوجيا في تغذية الدواجن؟
0 تحويل قش الأرز المعامل بيولوجيا إلي أحد مكونات الأعلاف المركزة للدواجن وإضافته بنسبة 25% أعلي معدل تحويل غذائي بوزن يصل إلي2600 جرام بالمقارنة بوزن 2400 للطيور المغذاة علي عليقة قياسية وبكفاءة اقتصادية أفضل حيث أمكن توفير 9% من كمية الذرة المضافة للعليقة بتكلفة121.5 جنيه,16% من كسب فول الصويا بتكلفة 608 جنيهات وبذلك أمكن خفض تكلفة الجزء المستبدل من الذرة والصويا من730 جنيها إلي250 جنيها لقش الأرز المعامل بيولوجيا بتوفير ما يقرب من 480 للطن مما يؤدي إلي انخفاض في سعر كيلو اللحم بمقدار جنيه ونصف.
ومن القش تربة
00كيف يمكن استخدام قش الأرز المعامل بيولوجيا كتربة صناعية؟
0 كمية قش الأرز المتخلفة سنويا عن زراعة الأرز تبلغ 207 إلي305 ملايين طن قش أرز سنويا ينتج عنها ما يقرب من850 ألف متر مكعب تربة صناعية قابلة للزراعة مباشرة وذلك عن طريق تطبيق الطريقة المقترحة وهذه الكمية التي لايتجاوز سعر المتر المكعب منها 75 جنيها يمكن بها استصلاح ما يقرب من350 ألف فدان سنويا وتحويلها إلي مساحات خضراء وذلك بكسائها بطبقة من قش الأرز المعامل بيولوجيا يرجع ذلك للمواصفات الجيدة لهذه التربة الصناعية من ارتفاع قدرتها علي الاحتفاظ بالماء والأملاح المعدنية الضرورية للزراعة حيث سجل ارتفاع محتواها من عنصر الكالسيوم من2.% إلي 8.% كما ارتفع محتواها من عنصر الفوسفور من1.% إلي 1.5% بالإضافة إلي لونها القريب جدا من لون التربة الطبيعية ومحتواها العالي من الميكروبات النافعة وأيضا لتأثيرها الحامضي الخفيف وإمكانية علاج الأراضي القلوية.
وقود حيوي
00 وماذا عن إنتاج الإيثانول من قش الأرز؟
0 يحتوي قش الأرز علي عناصر غذائية غير مستغلة وذلك يرجع إلي أن كل المتعاملين معه بهدف التخلص منه وليس للتعرف علي التركيب الكيماوي وكيفية الاستفادة من هذا التركيب المميز حيث يحتوي قش الأرز علي64% كربوهيدرات التي يمكن أن تتحول إلي سكريات بسيطة تحت تأثير الإنزيمات من الذرة حيث سعر المتر المكعب من الإيثانول التجاري يتراوح مابين عشرة إلي أثني عشر ألف جنيه وهو يستخدم كوقود حيوي ويتميز بأنه غير ملوث نسبيا.
00 ما الهدف من تنوع منتجات قش الأرز؟
0 تنوع منتجات قش الأرز يعمل علي تقليل تكاليف الإنتاج حيث أن لكل منتج مجال تسويقي ومقومات وظروف توزيع بأسعار مختلفة فإنتاج الإيثانول يعمل بالتأكيد علي خفض تكاليف الإنتاج المحملة علي باقي المنتجات وله ظروف تسويق صناعية لاتتأثر بموسم معين أو بظروف جوية كما يحدث في إنتاج العلف أو التربة الصناعية من قش الأرز لذلك تنوع المنتجات المستخرجة من قش الأرز المعامل بهذه الطريقة البيولوجية.
00 كم تبلغ تكلفة إنشاء مصنع لتدوير قش الأرز؟
0إذا افترضنا أن مصنع تدوير قش الأرز يعمل بطاقة 30 طنا شهريا فإن التكلفة الثابتة لإنشائه تصل 85000 جنيه في حين أن إجمالي العائد الشهري يصل إلي 61680 جنيها وبخصم قيمة التكلفة المتغيرة يصبح صافي العائد الشهري12800 جنيه مما يعني أن صافي العائد علي تغطية قيمة التكاليف الثابتة خلال 7 أشهر مع الأخذ في الاعتبار أن المساحة اللازمة لإنتاج 30 طنا شهريا لاتزيد عن100 متر.
المعوقات
00 ما المعوقات التي تواجه الباحث في المجال العلمي؟
0 عدم وجود تسهيلات حيث يتم إجراء التجارب البحثية داخل الجامعة بتكلفة خاصة من الباحث تصل إلي 40000 جنيه ويتم التبرع بالطيور في المقابل ذلك بالإضافة إلي التكلفة العالية للتحاليل المعملية حيث ميزانية الجامعة منخفضة الأمر الذي يؤدي إلي شراء الكيماويات وفي بعض الأحيان المشاركة بين مجموعة باحثين لشراء أجهزة تحليل علي نفقتهم الخاصة من ناحية أخري عدم الاهتمام بالأفكار التطبيقية للباحث القادر علي حل مشاكل المجتمع حيث أن الباحث أكثر قدرة علي إيجاد حلول مثالية للمشاكل المحيطة أكثر فاعلية من الأفكار التي نستورد منتجاتها مقابل مبالغ يمكن استثمار جزء منها في تنشيط الأفكار المحلية الجادة,لذلك نلاحظ أن الباحث المصري عليه إجراء الأبحاث وتحليلاتها علي نفقته الخاصة ثم الترويج لها من خلال إنشاء وحدة إنتاجية لإقناع المستثمرين بالفكرة وكفاءتها الاقتصادية وبذلك أصبح الباحث المصري منفردا عن زملائه في البلاد المتقدمة حيث أنه عليه توصيل منتجات أفكاره إلي المجتمع لعل أحد المهتمين يأخذ علي عاتقه إنشاء مصنع لمثل تلك الأفكار.
00 وماهي المعوقات التي واجهتك لتطبيق مثل هذا المشروع؟
0 الشق التطبيقي في المشروع يحتاج إلي نظرة رجال الأعمال للمشروع بصفته مشروعا استثماريا وليس خدميا فقدرة المنتجات التي يقدمها مخلف زراعي مثل قش الأرز من حيث الكفاءة الاقتصادية تفوق مايمكن أن يقدمه أي محصول زراعي وسبق أن تقدمت للعديد من رجال الأعمال لتبني المشروع ولكن المفهوم الخاطئ لرجل الأعمال لمثل هذه المشروعات بأنها مشروعات غير مربحة جعلت كل محاولاتي لإقناعهم تبوء بالفشل لذا أناشد رجال الأعمال والمهتمين بالشأن البيئي تغيير هذا المفهوم الخاطئ والعمل سويا علي الاستفادة من الخبرات العلمية المصرية التي لاتقل عن مثيلتها في الدول المتقدمة سواء الاهتمام الحكومي أو منظمات المجتمع المدني أو رجال الأعمال من خلال الاستثمار في هذا المشروع القادر علي التخلص من مشكلة قش الأرز مع تقديم حلول لمشكلات أخري لاتقل أهمية مثل استصلاح الأراضي وخفض أسعار لحوم الدواجن مع الاحتفاظ بالكفاءة الاقتصادية للمشروع.