تشهد عدة مدن وولايات أمريكية عودة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون مرة أخري لعرض أهم قطع من مقتنياته قبل عودته نهائيا إلي مصر, حيث بدأت هذه الجولة في ديسمبر عام 2005 فكانت المحطة الأولي في مدينة بازل السويسرية, ثم انتقل بعد ذلك إلي مدينة بون الألمانية ومنها إلي أربع مدن أمريكية, انتقل بعدها إلي معرض لندن ليعرض بعدها في مدينة فيينا النمساوية ليعود مرة أخري ليعرض بالولايات المتحدة الأمريكية.
وأعلن فاروق حسني وزير الثقافة عن انتقال معرض توت عنخ آمون – الملك الذهبي والفرعون العظيم من متحف مركز بويزفيوليت جونز أتلانتا سيفيك بمدينة بولاية جورجيا الأمريكية إلي متحف أنديانابوليس للطفل بمدينة أنديانابوليس بولايا أنديانا, وتمتد هذه الجولة من أول يوليو وجتي أول نوفمبر 2009, وتضم مدن وولايات أمريكية خلال الفترة من منتصف نوفمبر 2008 وحتي نهاية ديسمبر .2012
وصرح دكتور زاهي حواس رئيس المجلس الأعلي للآثار بأن المعرض يضم 149قطعة أثرية من مقتنيات المتحف المصري وأنه يأتي استجابة للطلب المقدم من مؤسسة الفنون والمعارض الدولية بولاية أوهايو الأمريكية, والجمعية الجغرافية الوطنية, ومؤسسة AEG للمعارض بلوس أنجلوس بشأن إقامة المعرض المشار إليه بعد انتهاء عرض بالنمسا ليعرض تحت عنوان توت عنخ آمون – الملك الذهبي والفرعون العظيم بعدد سبع مدن بالولايات المتحدة الأمريكية بنفس عدد القطع الأثرية.
الملك توت عنخ آمون
ويشير دكتور خالد غريب مدرس بقسم الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة القاهرة إلي أن الملك توت عنخ آمون يعود إلي الأسرة الثامنة عشرة وكان فرعون مصر من 1334 إلي 1325 ق.م في عصر الدولة الحديثة, وكان عمره وقتها تسع سنوات, ويعني اسمه باللغة المصرية القديمة الصورة الحية للإله آمون, كبير الآلهة المصرية القديمة, عاش توت عنخ آمون في فترة انتقالية في تاريخ مصر القديمة, حيث أتي بعد أخناتون الذي حاول توحيد آلهة مصر القديمة في شكل الإله الواحد, وتم في عهده العودة إلي عبادة آلهة مصر القديمة المتعددة.
ويعد الفرعون الذهبي من أشهر الفراعنة, لأسباب لا تتعلق بإنجازات حققها أو حروب انتصر فيها, وإنما لأسباب أخري من أبرزها اكتشاف مقبرته وكنوزه بالكامل دون أي تلف, إضافة إلي اللغز الذي أحاط بظروف وفاته في سن مبكرة وعمره لم يتجاوز العشرين عاما, خاصة مع وجود آثار لكسور في عظمي الفخد والجمجمة إلي جانب زواج وزيره من أرملته وتنصيب نفسه فرعونا, الأمر الذي جعل الكثيرين يظنون أنه لم يمت وإنما تم قتله في عملية اغتيال.
ويذكر دكتور غريب أن الدكتور زاهي حواس صرح في 8 مارس 2005 أنه بقضل استخدام التصوير الثلاثي الأبعاد علي مومياء توت عنخ آمون, تم التأكد من أنه لا توجد أي أدلة علي أن الفرعون الذهبي قد تعرض إلي عملية اغتيال, وأضاف أن الفتحة الموجودة في جمجمته لا تعود لسبب تلقية صربة رأس كما كان يعتقد في السابق, وإنما تم إحداثها بعد الموت لغرض التحنيط, وأكد أن سبب الوفاة هو تسمم الدم نتيجة كسر في عظم الفخذ تعرض له توت عنخ آمون قبل موته.
اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون
ويوضح دكتور غريب أن مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون تم اكتشافها في عام 1922, من قبل عالم الآثارالبريطاني والمتخصص في تاريخ مصر القديمة هوارد كارتر, عندما كان يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلي قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر, فلاحظ وجود قبو كبير واستمر التنقيب الدقيق إل أن دخل إلي الغرفة التي تضم ضريح توت عنخ آمون, وكانت علي جدران الغرفة التي تحوي الضريح رسوم رائعة تحكي شكل صور قصة رحيل توت عنخ امون إلي عالم الأموات, وقد أحدث هذا الاكتشاف ضجة إعلامية واسعة النطاق في العالم, نظرا للتوصل إلي مومياء الفرعون الصغير كاملة المحتويات وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكلها من الذهب الخالص والأبنوس.
أهمية كنوز الملك
ويؤكد دكتور غريب أن مجموعة الملك توت عنخ آمون ترجع أهميتها إلي العديد من الأسباب, أولها أن تلك الأمتعة ترجع إلي الأسرة الثامنة عشرة, أزهي عصور مصر القديمة, حيث انفتحت البلاد علي أقاليم الشرق الأدني القديم, بفضل الحملات العسكرية والعلاقات التجارية, من تصدير واستيراد للمواد والمنتجات المصنعة, ونشاط أهل الحرف والفنانين. السبب الثاني أن كنز توت عنخ آمون هو أكمل كنز ملكي عثر عليه, ولا نظير له. إذ يتألف من ثلاثمائة وثمان وخمسين قطعة تشمل القناع الذهبي الرائع, وثلاثة توابيت علي هيئة الإنسان, أحدها من الذهب الخالص, والآخران من خشب مذهب. أما السبب الثالث فهو وجود أمتعة الحياة اليومية كالدمي واللعب, ثم مجموعة من أثاث مكتمل وأدوات ومعدات حربية, فضلا عن رموز أخري وتماثيل للأرباب تتعلق بمدفن الملك وما يؤدي له من شعائر. هذا بالإضافة إلي السبب الرابع وهو أن هذا الكنز نعلم منه حياة الملك, مثل حبة للصيد وعلاقته السعيدة بزوجته عنخ آسن آمون وحاشيته الذين زودوه بالتماثيل التي تقوم بإنجاز الأعمال بالنيابة عن المتوفي في العالم الآخر.
أهم محتويات المقبرة
ويضيف دكتور غريب أن أهم محتويات المقبرة تتمثل في كرسي العرش الوحيد الذي وصل لنا من حضارة المصريين القدماء والأسرة والعجلات التي تجرها الخيول وأدوات القتال من سيوف وخناجر, والتابوت الذهبي للملك الي يزن أكثر من 110كيلوجرامات, والقناع الذهبي المرصع بالأحجار شبه الكريمة الذي كان يغطي وجه المومياء. كما يوجد تابوتان آخران من الخشب المغطي بالذهب, وهناك 314 تمثالا كانت توضع في المقبرة لكي تقوم بالعمل بدلا من الملك في العالم الآخر. كما يوجد 32تمثالا للملك وآلهة العالم الآخر من الخشب المذهب.
كما عثر أيضا في المقبرة علي كثير من الصناديق المزخرفة بالمناظر الحربية ومناظر الصيد والترفيه والمقاصير الكبيرة من الخشب المذهب ونقشت عليه مناظر من كتب العالم السفلي تصور علاقة الملك مع الشمس والمعبودات المختلفة. وكذلك مجموعة من 143 قطعة من الحلي الذهبية المرصعة بأحجار شبه الكريمة أغلبها يمثل معبود الشمس بأشكاله المختلفة والقمر أيضا, فهناك الأساور والأقراط والخواتم والصدريات والدلايات, بل هناك درع صنع للملك من الذهب ورصع بالأحجار والزجاج الملون وزخرف بأشكال المعبودات التي تحمي الملك وترعاه في حياته وبعد وفاته, كما عثر هناك علي مجموعة هائلة من الأواني التي صنعت من الألبستر أهمها بالطبع ذلك الإناء الذي يمثل علامة الوحدة بين شطري البلاد يربطهما معبود النيل.
وينهي دكتور غريب حديثه معبرا عن أن مجموعة مجوهرات توت عنخ آمون تعد من أشهر وأندر مجوهرات ملوك مصر الفرعونية, حيث تضم هذه المجموعة عددا كبيرا من القلادات والأقراط والتيجان, من بينها القلادة الصدرية المزخرفة والمصنوعةمن الذهب والفضة والعقيق الأبيض والأحمر وحجر الكالسيت واللازورد والفيروز وحجر الأوبسيديان والزجاج الأبيض والأسود والأخضر والأحمر والأزرق. والتكوين الزخرفي لهذه القلادة شديدة الدقة, حيث يتكون الجزءالسفلي منها من زخارف نباتية وزهرية, في حين يتكون الجزء الأوسط من شكل زخرفي علي صورة صقر مصنوع من الذهب المرصع وباسط جناحيه, بالإضافة إلي الرمزين النباتيين زهرة اللوتس للوجه البحري ونبات السعاد للوجه القبلي.