أثمرت زيارة الفريق أول سلفاكير ميارديت النائب الأول للرئيس السوداني ورئيس حكومة الجنوب – إلي القاهرة في منتصف فبراير الماضي – تفعيل العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات خاصة مجال الري والموارد المائية وملف الشئون الاجتماعية والتي تم تفعيلها بحضور وفد وزاري رافق رئيس الوزراء خلال زيارته الأخيرة لمصر والتي تعد الزيارة الثالثة له.
ومن أهم الأحداث خلال الزيارة تفعيل مذكرة التفاهم بين وزارة الري والموارد المائية المصرية ووزارة الري والموارد المائية بحكومة جنوب السودان والتي تم توقيعها العام الماضي 2007 وذلك خلال اجتماع وزاري ضم كلا من وزير الري المصري الدكتور محمود أبو زيد ونظيره الجنوبي جوزيف دوير وحضر الاجتماع عبد الغفار الديب السفير بالقنصلية المصرية بجوبا والدكتور فرمينا مكويت ممثل حكومة جنوب السودان بمصر والشرق الأوسط والقنصل المصري بجوبا خالد صلاح سليم والدكتور عبد الفتاح مطاوع رئيس قطاع مياه النيل بوزارة الري المصرية.
تناول الاجتماع تفعيل مذكرة التفاهم بين الجانبين في العديد من مشروعات الري التي تدعمها الحكومة المصرية بخبراء مصريين بمناطق الجنوب والتي بدأت أولي خطواتها في مارس 2007 بإرسال خبراء فنيين لجوبا لزيارة جميع مواقع العمل لتحديد أولويات المشروعات وهي محطتي الكهرباء فولة واحد وفولة اثنين في منطقة بحر الجبل, وهما الآن في مرحلة الدراسات وتحديد الميزانيات, وثاني المشروعات إنشاء سد متعدد الأغراض علي نهر سيوي,كذلك هناك مشروع لتطهير المجاري المائية بمنطقة بحر الغزال, وحفر حوالي 50 بئرا لمياه الشرب في بعض ولايات الجنوب العشر,بالإضافة لتدريب بعض الجنوبيين في مجالات الري والأمور الفنية والتنفيذية للعمل علي تأهيل محطات القياس الرئيسية بجنوب السودان وبناء علي ذلك وافقت الحكومة المصرية علي تمويل هذه المشروعات بحوالي 29.6 مليون دولار.
وتسعي البعثة الفنية المصرية بالجنوب للتغلب علي بعض معوقات تنفيذ هذه المشروعات والتي أهمها جيولوجيا المنطقة نفسها لبدء أول المشروعات في منتصف مارس الحالي وهو إنشاء سد متعدد الأغراض علي نهر سيوي بتكلفة مليون دولار, وتطهير المجاري المائية ببحر الغزال والتي سد الكثير منها بسبب الحرب التي استمرت أكثر من 20 عاما.
أما بالنسبة لمجالات التدريب فقد أتاحت الحكومة المصرية فترات للتدريب للجنوبيين بجامعات القاهرة عبر منح قصيرة المدة علي أن يكون هناك جزء من التدريب في جوبا لأكثر عدد موجود من الجنوبيين علي الطبيعة في ملكال.
وهناك مشروع آخر سيبدأ منتصف مارس الحالي بتطهير السدود من الحشائش ويستمر حتي يوليو المقبل.
وفي هذا السياق تحدث السيد جوزيف دوير وزير الري والموارد المائية بحكومة جنوب السودان والذي قال إن وزارة الري تم إنشاؤها بمرسوم رئاسي في أكتوبر 2005 بموجب اتفاقية السلامنيفاشاومن بين اختصاصاتها تنمية الموارد المائية وتوفير مياه الشرب للمواطنين والحيوانات وأيضا تطوير الغطاء الزراعي والري علي مستوي ولايات الجنوب, حيث إن الجنوب يعتمد في المقام الأول علي الزراعة المطرية لذا تعمل الوزارة علي تطوير وسائل ري تكميلي بجانب مياه المطر وقد عملت الوزارة منذ إنشائها علي حماية المواطنين من مياه الفيضان وذلك بإنشاء سدود علي النيل.
وأكد الوزير أن الزيارة الأخيرة إلي مصر هدفها الأول تفعيل مذكرة التفاهم بين البلدين والتي أهم بنودها تفعيل وتنمية الموارد المائية بالجنوب, وتطوير قدرات الوزارة, وتدريب الجنوبيين في مجال الري وتطهير قنوات النيل لتسهيل الملاحة النهرية وبناء مراسي وسدود صغيرة.
وستعمل الوزارة خلال المرحلة القادمة علي حل مشاكل مياه الشرب بالريف لأن 60% من المواطنين لايجدون مياها نقية وسنعمل علي القضاء علي هذه المشاكل بمساعدة مصر فقد مدت يد المساعدة بأكثر من 26 مليون دولار منحة للأنشطة المختلفة بالجنوب.
ملف الشئون الاجتماعية
بجانب تفعيل مشروعات الري بين البلدين شهدت الزيارة أيضا توقيع مذكرة تفاهم جديدة بين مصر وحكومة الجنوب في مجال الرعاية الاجتماعية والتي وقعها كل من الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي المصري والسيدة ميري كيران وزيرة الرعاية الاجتماعية بحكومة جنوب السودان وذلك للتعاون المشترك بين البلدين في العديد من المشروعات الخدمية في مختلف مجالات الرعاية الاجتماعية, وقد جاء ذلك تقديرا منهما للروابط التاريخية بين مصر والسودان وإيمانا منهما بالحاجة إلي تنمية وتعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مجالات العمل الاجتماعي ورغبة في تعزيز التعاون بينهما خاصة في مجالات السياسات الاجتماعية المتكاملة ودعم القدرات والبرامج الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والمصابين في العمليات الحربية. لذلك اتفق الطرفان علي إقامة وتقوية التعاون علي أساس المنفعة المتبادلة
وسيقوم الطرفان خلال الفترة المقبلة علي تشكيل لجنة عمل مشتركة علي مستوي كبار المسئولين من الوزارتين من أجل العمل علي تنفيذ ماتتضمنه مذكرة التفاهم بينهما علي أن ينعقد اللقاء بينهما مرة أو أكثر كل عام بالتناوب بين مصر والجنوب.
ومن بين أهم أولويات مذكرة التفاهم بين البلدين حماية الفئات المهمشة والأولي بالرعاية وتمكينها وتحسين مستوي جودة الخدمات العامة وكفاءتها وإتاحتها بما في ذلك الصحة والتعليم والإسكان والاحتياجات الأساسية بالإضافة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية وعدالة توزيع الفرص.
في هذا السياق تتحدث السيدة ميري كيدان كمبو وزيرة الرعاية الاجتماعية بحكومة جنوب السودان فتقول إن مصر دائما تقف بجانب المناطق النامية خاصة جنوب السودان الذي عاني شعبه ويلات الحرب لأكثر من عقدين, خاصة وأن مصر لديها كوادر وخبرات تقدمها للآخرين وتدعم التنمية البشرية التي هي أساس الإعمار.
لذا قمنا بتوقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين بهدف إعداد برامج تدريبية للعاملين في الحقل الاجتماعي وتبادل الخبرات والمعلومات التي تهدف لتنمية المهارات المرتبطة بالعمل وتلك الخاصة بالوصول إلي الموارد والأسواق.
وأيضا يتم وضع برامج مشتركة خلال الفترة القادمة وتبادل الخبرات لتعزيز القدرة علي تلبية احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة, بالإضافة إلي تأهيلهم ودمجهم في المجتمع.
وقد أنشأت وزارة الرعاية الاجتماعية لضمان حياة كريمة لمواطني الجنوب الذين ظلوا في حروب مدة 50 عاما من أجل الحصول علي الاستقلال وبالتالي فإن الجنوب بمثابة بلد جديدة تحتاج لكافة الخدمات من صحة وتعليم ومياه وكل مايتعلق بالمعيشة خاصة الفقراء وغير القادرين والمعاقين.
كذللك تهتم الوزارة بتنمية المرأة في كافة نواحي الحياة من أجل الاعتماد علي النفس والكسب بجهدها الشخصي بقيامها بمشروعات صغيرة كالطبع وأعمال الحياكة بالتعاون مع المنظمات الخيرية الإقليمية والدولية
وتهتم الوزارة أيضا برعاية الأطفال والشباب خاصة فاقدي التعليم بدعمهم ماليا وتدريبهم في الكثير من المجالات الفنية كالكهرباء والميكانيكا والصيانة وتضع الوزارة في الاعتبار المهتمين وغير القادرين بالتعاون مع الهيئة الدولية للصليب الأحمر.
ومصر دائما تتعاون معنا لأنها معطاءة منذ القدم وتعتبر بمثابة الوطن الثاني لنا بعد السودان فالعلاقات بين البلدين عميقة بدليل أن كثيرا من وزراء حكومة الجنوب أخذوا التعليم الجامعي في الجامعات المصرية.