مصر والسودان,شعب واحد يعيش في بلدين,عمرهما من عمر وادي النيل, كان من المفترض أن تثمر هذه العلاقة التاريخية عن المزيد من التحالف والاتحاد لخلق تعاون اقتصادي قوي,فالعالم كله يشهد تحولات كبري واتجاهات نحو الشراكة والتكامل,ولاتزال هذه الشراكة بين البلدين تسبح بخطوات بطيئة, في الوقت الذي تتنافس فيها الدول للاستثمار في السودان مثل الولايات المتحدة الأمريكية ,السعودية,الصين,الهند,الإمارات والعديد من الدول التي تطمح في المزيد من المشروعات خاصة وأن السودان سوق جاذبة للاستثمارات.
والسؤال الذي يفرض نفسه هل هذه الدول أقرب من مصر في دخول السودان؟
ولماذا لم تهتم مصر بالتعاون والاستثمار في السودان؟
قال الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن السبب في تراجع الاستثمارات المصرية في السودان يعتبر سياسيا في المقام الأول ,فالعلاقات بين نظامي الحكم ليست في أحسن حالاتها,وهناك توتر مكتوم في العلاقات يدل علي ذلك الزيارات المتبادلة علي مستوي الرئاسة والتي تكاد تكون معدومة,باستثناء الزيارة الأخيرة للرئيس مبارك للسودان,والتي تبشر بعلاقات أقوي بين البلدين علي الصعيدين السياسي والاقتصادي فقضية السودان بالنسبة لمصر هينكون أو لانكونفي عهد الرئيسين السادات وعبد الناصر,كان هناك اهتمام بالملف السوداني أكثر من هذه الأيام.
وأوضح جودة أنه علي مستوي العلاقات الاقتصادية,توجد العديد من العوائق منها ضعف البنية التحتية في السودان وضعف النقل البحري بين البلدين.
وأشار جودة إلي أن الاستثمار في السودان يحتاج إلي بذل المزيد من قبل الجانب المصري,خاصة أنه علي مستوي العلاقات الإنسانية بين البلدين نجد أن السودانيين يحبون المصريين,وينظرون لهم نظرة خاصة جدا كما أن الشعب السوداني يتمتع بأدب جم ورقي ووعي سياسي رغم الظروف التي تمر بها السودان.
من جانبه أوضح حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين أن دولة السودان تستحق أن نوليها الاهتمام ,فرجال الأعمال تأخروا كثيرا في الاستثمار هناك كالصين وماليزيا ومعهما الولايات المتحدة وهذه البلدان استثمرت بقوة في السودان وهذا أحد أسباب نجاحها,أما الشعب المصري لايقبل المخاطرة,علي الرغم من أن السودان لديها فرص جيدة جدا,من شأنها أن تحسن من وضع الاقتصاد المصري.
الاستثمار في الجنوب
وقالالمهندس نبيل نجيب من مستثمري جنوب السودان إن الاستثمار في الجنوب جيد جدا,ولايخفي علي أي شخص في العالم أن يستثمر كافة أمواله في مشروعات بالجنوب,فهناك مجالات مفتوحة في جميع الاستثمارات ولكن للأسف هذه الاستثمارات لاتفيد السودان ,فكل مستثمر يفيد نفسه فقط,فمثلا الذي يقوم بتغيير العملة,بعض الأشخاص الصوماليين,وأيضا بعض محطات البنزين,والهنود أقاموا مشروعات خاصة مثلالماركتوالفنادق وبالنسبة لمصر لايوجد أي استثمار, وباستثناء قطاع المقاولات.
واستطرد نجيب قائلا مما لاشك فيه أن هناك العديد من المعوقات أهمها ارتفاع أسعار المعيشة هناك,كما أن العيادات هناك باهظة الثمن,حتي الإقامة فالفندق العادي تتكلف الإقامة به نحو 200 دولار يوميا فضلا عن عدم توفر وسائل المواصلات .
وحول السبب في عدم إقدام الكثيرين من رجال الأعمال علي الاستثمار هناك أشار إلي أن رأس المال جبانويتطلب المثابرة والاستمرارية ,لذا أنادي رجال الأعمال والشباب للاستثمار هناك فالسودان يحتاج إلي الخبرة المصرية في العديد من مجالات البنية الأساسية والتكنولوجيا الحديثة.
وأوضح المهندس حسن البياع مدير فرع السودان بإحدي الشركات الكبري للمقاولات والأسمنت أن هذه الشركة كانت الوحيدة منذ سنة 1948 وحتي 1990 وقامت بإنشاء العديد من الأبنية المهمة هناك منها علي سبيل المثال مصنع أسمنت عطبرة,جامعة القاهرة,وكلية العلوم,وكلية الآداب وبنك بركة ,والعمارات الكويتية ومحطة مياه الخرطوم الجديدة.
وأضاف البياع أنه في الماضي كان أي خلاف سياسي ينعكس علي الاستثمار هناك,ولكن منذ عام 2002 اختلف الوضع تماما ,والاستثمار هناك أصبح أفضل بكثير ولكن مازلنا متأخرين جدا بالنسبة لبعض الدول مثل الصين وتركيا والسبب يرجع إلي أن حكومات هذه الدول هي التي تقوم بالتمويل ,أما في مصر فالعبء كله يقع علي رجل الأعمال,الأمر الذي يزيد من صعوبة الاستثمار هناك لذا يجب علي الحكومة أن تدخل بقوة في تمويل المشروعات العملاقة هناك مثل بقية الدول هناك.