أثارت حركة المحافظين الجدد غضب المجتمع بسبب الإصرار علي تجاهل تعيين المرأة في منصب المحافظ, خاصة بعدما ترددت أنباء في وسائل الإعلام المختلفة حول اختيار رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف, عددا من السيدات لشغل هذا المنصب, والتي انتهت بتجاهل المرأة تماما في المناصب القيادية بعد الثورة, وتهميش مشاركتها في الحياة السياسية في مصر بشكل عام.
تأثير الإرهاب السلفي
تقول الكاتبة فريدة النقاش رئيسة ملتقي تنمية المرأة: بصفة عامة جاءت تعيينات المحافظين مخيبة للآمال علي أكثر من مستوي غير عدم تضمنها نساء, فقد جاءت من نفس الوجوه القديمة التي ساهمت في الممارسات القديمة من ممارسات ضد الشعب وضد حقوق الإنسان, كما أنهم ينتموا إلي جهاز مباحث أمن الدولة, هذا الجهاز الذي تم حله فيبدو أن الحكومة تكافئ بعض رجالها بتعيينهم محافظين, وهذا ما رفضه شعب قنا. كما حصر مجلس الوزراء اختيار المحافظين علي رجال الشرطة والقوات المسلحة واستبعد منها النساء والأقباط رغم وجود محافظ قبطي واحد وكأن لا يوجد في الأقباط إلا هذا الشخص الذي يصلح لهذا المنصب وجاء وجوده كرمز وليس تعبيرا عن توسيع قاعدة الاختيار والمشاركة.
أما عن موقف الحكومة المتتالي في عدم مشاركة المرأة في كافة اللجان المشكلة أو المشاركات السياسية الأخري وضحت أن هناك موقفا ربما يكون غير مقصود ولكن النتيجة واضحة ولا نستطيع أن نقول إنها خطة دولة, وتؤكد النقاش إلي إمكانية تأثير الإرهاب الذي يمارسه الفكر السلفي والإخوان المسلمين الذين يقاومون الآن محافظ قنا علي قرارت الحكومة. فعدم تعيين امرأة ليست ظاهرة وإن كانت الحكومة تحسب لهؤلاء ألف حساب خوفا من حالة الإرهاب التي يفرضونها الآن علي المجتمع وهذا خطأ بالغ.
وتري أن علي المرأة أن تحتج بكل السبل وأن توصل ذلك للمجلس العسكري سواء برسائل أو اعتراضات بحيث تعبر أنها غير راضية عن عدم مشاركتها فقد شاركت المرأة المصرية في الثورة لمدة 18 يوما شاركت فيها في كل أعمال الثورة وعندما جاء وقت الحصاد لم نجد للنساء مكان.
شبه تعمد لتجاهل شركاء الثورة !!
تقول ميرفت أبو تيج المحامية ورئيسة جمعية أمي للحقوق والتنمية إن المطالبة بتمثيل النساء والمشاركة يأتي في إطار الكفاءات سواء للنساء أو الرجال وليس مشاركة لإثبات الوجود فإذا لم يكن لدينا سيدات مؤهلات وعلي كفاءة مثل تهاني الجبالي أو غيرها لن نطالب ونفس الشئ بالنسبة لحركة المحافظين التي جاءت وكأن لا يوجد نساء تصلحن لهذا المنصب.
وتؤكد أبو تيج علي وجود خطة للوزارة التي يرأسها دكتور عصام شرف وإن كنا لا ننكر استبعاد المرأة إلا أننا يمكن أن نرجع ذلك إلي الظروف الحالية فقد أعلنوا عن وجود سيدة في حركة المحافظين وبعد ذلك لم نجد أية امرأة فالصورة غير واضحة لدي الوزارة. فما نريده هو تحقيق مطالب الثورة من عدم التمييز والعدالة الاجتماعية وترسيخ مبادئ المواطنة وتفعيلها للوصول إلي الاستقرار فإن كان حالة الدولة هي السبب لا يمكن أن يكون مبررا أساسيا فتوجد كثير من الكفاءات وهذا ما نجده أيضا في مطالبة الجمعيات النسوية بحل المجلس القومي للمرأة وإعادة هيكلته ولم يتم ذلك حتي الآن فيوجد شبه تعمد لتجاهل المرأة والشباب ممن كانوا شركاء في الثورة وإن كان هذا ما تم في المجلس القومي لحقوق الإنسان, ولكن خرجوا علينا بوجود مفوضية للمرأة وانتهي الحال بحركة المحافظين التي لم نجد بها نساء. وهذا ما يجعل لدي بعض النساء توجس وعدم ثقة, وإن كنا نثق بالمجلس العسكري والحكومة ولكن لا نثق بالمستشارين الذين يوجهوا العملية السياسية والذي كان من الضروري أن تشكل من الرجال والنساء كما يحدث في كل الهيئات السياسية. وحتي نجعل الإحساس بالمساواة لدي الجمهور المصري وليس فقط السيدات. فالثورة لم يصنعها تيار سياسي واحد بل قام بها كل الشعب المصري
وتري أن ذلك يرجع إلي عدم اكتمال الرؤية بغياب بعض العناصر ولا يمكن أن نقول إننا لم نحاول أن نوصل صوتنا بل حاولنا وسنحاول المشاركة في كل قضايا الوطن. كما أكدت علي أهمية توعية الناس بكل القرارات وهذا يحتاج إلي جهد كبير لتحقيق كافة طموحات الثورة وأهدافها وإن كانت المسألة ستأخذ وقتا وإن كنا نريد تعجيل الأمور لن يتم إلا بالبناء والقضاء علي كل السرطانات الموجودة والمتطفلة.
الأخذ بالقوالب الجاهزة
تؤكد نهاد أبو القمصان رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة أنه مازال لدينا حالة تخبط وأن الحالة الانتقالية التي نعيش فيها الآن لا تربط مشاركة المرأة بتنمية المجتمع, فيوجد حالة فصام بين القوي الديموقراطية والقوي الظلامية, فالقوي الديموقراطية مشغولة باستقرار المجتمع فلا تضع المرأة علي أجندتها, والقوي الظلامية تضع المرأة رقم واحد في أجندتها للسيطرة علي المجتمع فتتحدث عن الحجاب والنقاب وهدم قوانين المرأة, لذا فالخلاف هنا في ترتيب الأولويات.
وترجع أبو القمصان المشكلة أننا نعمل بالطريقة القديمة فالتغييرات قبل الثورة هي ما بعد الثورة والدليل علي ذلك تعيين محافظ قنا. وتتمني ألا تكون هذه خطة الدولة وأن يعود ذلك إلي الأحداث الجارية من عدم استقرار فتلجأ الحكومة إلي الأخذ بالأشكال الجاهزة دون الاهتمام بالموضوع. لذا يجب علي القوي الديموقراطية الانتباه إلي أن قضية المرأة قضية نصف المجتمع وأن تدرك أن المرأة قوة للتنمية والاستقرار وألا يجعلوها كحصان طروادة للقضاء علي استقرار الدولة.