تتجه مصر حاليا إلي تدعيم وتوطيد علاقاتها بدول الشرق خاصة في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي تشهده هذه الدول, وتقوم وزارة الخارجية متمثلة في القطاع الآسيوي الذي يرأس إدارته السفير أحمد فتح الله بالعديد من الجولات والزيارات لتعزيز سبل التعاون بين مصر ودول القارة في المجالات المختلفة التي تفوقت وبرعت فيها عدد كبير من الدول الآسيوية بالإضافة إلي المشاورات السياسية التي تعقد بين الجانبين.
عن العلاقات التي تربط مصر بدول القارة الآسيوية والتجربة الآسيوية الناجحة وسبل الاستفادة منها كان لنا لقاء مع السفير أحمد فتح الله مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية.
* تنقسم القارة الآسيوية إلي مجموعة من المناطق, تتميز كل منطقة بظروف وإمكانيات معينة خاصة بها تختلف عن الأخري, فتوجد دول تنتمي للقارة تعاني من وجود اضطرابات ومشاكل داخلية كباكستان وأفغانستان وكل الدول المجاورة لها, وبالتالي سوف يكون لها تأثيرها السلبي علي دول أخري ومنها مصر وذلك بتزايد حركات التطرف والإرهاب, وبالرغم من ذلك مصر لا تتماشي مع سياسة التدخل العسكري لهذه الدول معتبرة التدخل في الشئون الداخلية من قبل دولة أخري أمرا غير مقبول يثير حساسيات الشعوب, لذلك مصر تسعي إلي القيام بتنمية هذه المجتمعات بمساعدة شعوبها علي اجتياز محنة سواء عن طريق إقامة المشروعات علي أراضيها في مجالات مختلفة والتي تساعد من جانبها علي وجود الاستقرار الذي يسمح بالتنمية البشرية والاقتصادية وأيضا إقامة المراكز الدينية التي تحض علي نشر مبادئ الدين الإسلامي الصحيح وأخري لتعليم اللغة العربية, كما تهتم مصر باستضافة الطلبة الراغبين الدراسية في مصر, هذا بجانب الدعم العيني بصوره المختلفة.
وعلي الجانب الآخر تتسم القارة أيضا بوجود العديد من الدول المتقدمة والأخري التي أظهرت تقدما سريعا خلال الفترة الأخيرة ومنها الصين وماليزيا وفيتنام وسنغافورة والهند بالرغم من وجود العديد من الصعاب والتحديات التي تعاني منها إلا أنها استطاعت أن تتغلب علي هذه الصعاب وتجعلها طريقا وسببا لنجاحها, وساعدها علي ذلك وجود نظام اجتماعي في سلوك شعبها أدي بها إلي التقدم العلمي والتكنولوجي كاليابان, كما أن اهتمام هذه الشعوب بالتعليم كان أساس وصولها إلي النهضة والرقي, وخير مثال تجمع الآسيان الذي استطاع بمجموعة الدول التي تشكله وهي دول نامية إلي تحقيق الاستقرار والاقتصادي.
فالعلاقات بيننا وبين المنطقة الآسيوية ككل بدأت تنشط ليس فقط من خلال علاقتنا بالصين لكن أيضا من خلال عدد كبير من الدول التي تساهم بقدر معين في الاستثمارات والتجارة للاقتصاد المصري, وأعتقد أن ثمة مبادرة مهمة جدا تمثل إطارا للتعاون مع الدول الآسيوية وهي مبادرة الحوار الآسيوي – الشرق أوسطي, فالعلاقات بين آسيا ودول الشرق الأوسط تتجاوز الشكل النمطي القائم إلي الانفتاح علي مجالات أخري بما فيما المجالات الثقافية.
* ما دور وزارة الخارجية في تأكيد مبادرات التعاون مع الدول الآسيوية؟
** توليد وتدعيم التعاون مع دول العالم بشكل عام يعتبر من أهم أدوار وزارة الخارجية التي تقوم بها عن باقي الوزارات والهيئات الأخري, يساعدها علي ذلك وجود السفارات والقنصليات في الخارج, فمن أهم وظائف الدبلوماسية المصرية أن تقوم بنقل رؤيتها عن البلاد المتواجدة فيها, ومتابعة كل ما يجري داخل المجتمعات, ونقل التجربة إلي مصر, فاستقرار المجتمع من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية ينعكس بالتالي علي قوته الخارجية.
ومن جانبي أقوم بعدة زيارات وجولات لدول القارة كافة سواء لعقد الاتفاقيات الثنائية التي تدعم العلاقات التجارية والاستثمارية وتعزيز التعاون في مجالات مختلفة, كما أشارك في الموائد المستديرة التي ينظمها اتحاد رجال الأعمال في البلد الذي أقوم بزيارتها, كما تتم المشاورات السياسية بين مصر ودول القارة لمناقشة أهم أوجه التعاون الثنائي وعرض موقف مصر إزاء بعض القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك, هذا بجانب زيارتي الميدانية للمشروعات الجديدة التي تقام في هذه الدول ونقل الخبرات والتجارب التي مرت بها إلي الجهات المعنية, فوزارة الخارجية هي بمثابة حلقة الوصل التي تربط مصر بدول العالم.
وعلي الجانب الآخر تعقد مصر العديد من اللجان المشتركة مع دول المنطقة فيتم حاليا الإعداد للجنة المشتركة السابعة مع أوزبكستان التي ستعقد في طشقند خلال الأشهر المقبلة, سوف يتم فيها بحث سبل تدعيم التعاون المشترك بين البلدين في ضوء تولي مصر حاليا رئاسة حركة عدم الانحياز, ومناقشة الأفكار المتعلقة بمستقبل حركة عدم الانحياز, ومن ناحية أخري تعقد اللجنة المشتركة بين مصر والهند الشهر المقبل زيارة وزير خارجية الهند لفتح علاقات جديدة مع الهند في ظل إطلاق الحوار الاستراتيجي المصري – الهندي, والذي بدأ بزيارة الرئيس مبارك للهند مؤخرا.
* كيف تساعد وزارة الخارجية مجتمع رجال الأعمال في إيجاد فرص للاستثمار؟
** وزارة الخارجية تسعي دائما إلي توسيع قاعدة المصالح بيننا وبين هذه الدول والربط بين مصر وجميع دول المنطقة وبالتالي فتح أبواب عديدة للاستثمار, فنحن نقوم بتوفير المعلومات التفصيلية عن مجالات الاستثمار في كل دولة من دول المنطقة, خاصة دول شرق آسيا التي تقوم حاليا بإقامة العديد من المشروعات في مجال الأدوية والبناء, فتقوم بنقل كافة احتياجات هذه الدول لرجال الأعمال, وهم من جانبهم عليهم أن يستفيدوا من هذه الفرص ويستثمرونها, كما أن للمكاتب التجارية دور كبير في منظومة التمثيل الخارجي.
* ماذا عن الغزو الصيني لمصر؟
** الصين من أهم الدول التي تحرص مصر علي توطيد علاقاتها بها سواء اقتصاديا أو سياسيا, فهي من الدول المحورية بالنسبة لمصر سواء من الناحية الاقتصادية فهي تشكل ثاني أكبر قوي اقتصادية ومن الناحية السياسية فالصين عضوا دائما في مجلس الأمن, فدولة الصين لها ثقلها الاقتصادي والسياسي لها دور مهم ومؤثر في منطقة الشرق الأوسط, وأصبح لها دور كبير أيضا في قارة أفريقيا.
أما من ناحية غزو الصين للأسواق المصرية فهذا يتم تحت إطار وسياسة الدولة ومظلة الانفتاح التجاري العالمي فالغزو الصيني لا يقتصر علي مصر فقط إنما في أوربا وأمريكا أيضا, لذلك علينا تحديد إمكانياتنا وتوفيرها حتي نستطيع الوقوف أمام غزو أية دولة.
ويصل حجم الميزان التجاري بين مصر والصين حوالي 5 مليارات دولار ويوجد العديد من الشركات الصينية في مصر.
* وماذا عن البرنامج النووي الإيراني؟
** الاستخدام السلمي للطاقة النووية حق مكفول لكل الدول وهوما تنص عليه معاهدة منع الانتشار النووي, لذلك من حق إيران أن تقوم بتطوير برنامجها النووي للأغراض السلمية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وتقديم كافة الضمانات لطمأنة المجتمع الدولي, فليس من مصلحتنا وجود أي تهديدات عسكرية أو تدخل من جانب أية دولة أجنبية في منطقة الخليج, الأمر الذي سوف يكون له مردوده السلبي علي منطقة الشرق الأوسط ككل, ويهدد مصالحنا السياسية والأمنية, لذلك نحن نطالب الجانب الإيراني بالتعاون مع المجتمع الدولي حفاظا علي الأمن والاستقرار في المنطقة.