تصفحت مؤخرا أكثر من دليل من الكتيبات التي أصدرتها مؤخرا بعض منظمات حقوق الإنسان الخاصة بالتدريب حول مراقبة الانتخابات وفوجئت أن كل هذه الكتيبات تزعم أنها أول دليل تدريب لمراقبة الانتخابات, وتناسي أصحاب هذه الريادة المزعومة…أن أول دليل للتدريب علي المراقبة, وأول تقرير صدر كان عن اللجنة الوطنية المصرية المستقلة لمتابعة الانتخابات التي تأسست بمبادرة من مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية عبر مقترح قدم لأستاذي الدكتور سعد الدين إبراهيم في رواق ابن خلدون الذي كان يديره الدكتور أحمد صبحي منصور, وقدم ذلك الاقتراح كل من الدكتور رفعت السعيد أمين عام حزب التجمع حينذاك, والرحل الكريم عادل حسين أمين عام حزب العمل, والأستاذ منير فخري عبد النور السكرتير العام لحزب الوفد, والباحث البارز نبيل عبد الفتاح رئيس وحدة الشئون الاجتماعية والجنائية بمركز دراسات الأهرام حينذاك. وبعد حوار مع القوي الوطنية عبر مركز ابن خلدون تم الاتفاق علي ألا يشارك الأحزاب في عمل اللجنة حرصا علي استقلاليتها, كما اشترطت الأحزاب ألا تمول هذه اللجنة من تمويلات خارجية حرصا علي عدم التجريح في شهادتها مع كامل احترامنا للتمويل الخارجي.
ودارت عجلة الحوار وتنادي مركز ابن خلدون مع مؤسسات أخري بادرت بالمشاركة في اللجنة وهي: جماعة تنمية الديموقراطية, والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان, ومركز هشام مبارك لحقوق الإنسان, ومركز المحروسة, ومركز الكلمة لحقوق الإنسان, بالإضافة لمركز ابن خلدون. كما شارك بعض الشخصيات العامة المرموقة مثل د.ميلاد حنا, وأ.سلامة أحمد سلامة وأ. رضا هلال وآخرون.
وترأس اللجنة الراحل الكريم د.سعيد النجار وشغل موقع السكرتير العام ومسئول التدريب د.سعد الدين إبراهيم, والسكرتارية الإدارية للجنة كاتب هذه السطور, وقام ابن خلدون تحت إشراف د.سعد الدين إبراهيم بعمل أول دليل تدريبي لباحثي المراكز الستة المشاركة الذين انطلقوا التدريب أكثر من(2000) مراقب علي مراقبة الثلاث مراحل للعملية الانتخابية من الحملات للتصويت وللفرز..وشارك في وضع المعايير المصرية والعربية والدولية نخبة لامعة من الخبراء والباحثين المصريين والعرب والأجانب, وصدر عن هذه اللجنة أول تقرير مصري عن مراقبة الانتخابات كان حصاد كل جهود الألفين مراقب,وسبق ذلك أن بادر أكثر من (250)مرشحا من مختلف الأحزاب بعمل توكيلات في الشهر العقاري لمزيد من الشرعية…ولم تجد الحكومة مفرا من الاعتراف باللجنة حتي أن بعض مرشحي الحزب الوطني وكلوا اللجنة لمراقبة دوائرهم. ونال التقرير احترام كل أوساط الرأي العام المصري والعربي والدولي حتي أن (مركز كارتر للمراقبة) والرئيس الراحل ياسر عرفات خاطبا د.سعد الدين إبراهيم بصفته السكرتير العام للجنة حول إمكانية قيام المركز بالتدريب لأعضاء اللجنة المركزية الفلسطينية المستقلة…وتم ذلك بالفعل عبر لغط وهجوم لمركز ابن خلدون واتهامه ورئيسه سعد الدين إبراهيم بالتطبيع..ولكن لا اللجنة ولا المركز فقد ريادته حول ذلك الأمر وسافر وفد من مركز ابن خلدون برئاستي للمراقبة ليكون أول وفد مصري وعربي أهلي لمراقبة الانتخابات الفلسطينية الرئاسية والتشريعية, وعلي أثر ذلك أصدر المركز التقرير الخاص بالانتخابات الفلسطينية في كتاب بعنوان رحلة لفلسطين…قدم له الإخوة في قيادة اللجنة الفلسطينية المركزية المستقلة والذين أشادوا بتلك التجربة…كل ذلك التاريخ الريادي تم إغفاله أو إسقاطه عن عمد أو عن جهل من قبل المتصدرين للتدريب علي المراقبة الآن…والمحزن أن كل ذلك إضافة إلي العديد من التقارير والأبحاث والكتب والوثائق والملاحق والإحصائيات والمطبوعات الصادرة عن مركز ابن خلدون تم نهبها علي غرار نهب مقابر القدماء المصريين في مطلع القرن المنصرم!! وبالطبع لا يساورني أي شك في أن من يقومون بذلك لا يشعرون بأي تأنيب ضمير مهني لأن ثقافة النهب والفهلوة صارت من أساسيات البحث العلمي سواء في الجامعات المصرية أو حتي من يطلقون علي أنفسهم وحدات البحث في أغلب مراكز المجتمع المدني…وعلي سبيل المثال لا الحصر كل إحصائيات العنف الطائفي الخاصة بوحدة معلومات مركز ابن خلدون تم نهبها وإسنادها إلي العديد من المصادر الزائفة فيما أطلق عليه:غسيل مصادر بحثية!!وذلك لأن أغلب وحدات البحث هي مجرد وحدات توثيق تهتم بالتدريب علي جمع المعلومات تحت زعم البحث, وهذا هو الأمر الذي ينسحب علي عملية المراقبة الآن!
لست أدافع بالطبع عن قضية شخصية وعن تاريخ مضي ولكنني أدافع عن ذاكرة المجتمع المدني التي أرسي معالمها كمصطلح وقضية مركز ابن خلدون وجميعة النداء الجديد إبان ترأسهما د.سعد الدين إبراهيم مثل أن يحول نفسه من عالم وأستاذ جليل إلي داعية وسياسي مع احترامي له, وكذلك قبل أن يرحل عن عالمنا شيخ الليبراليين العالم الجليل د.سعيد النجار الذي عاني كثيرا من أجل أن يثبت دعائم فكرة المراقبة في مصر…وكنت أتمني علي سبيل الوفاء لهذا الرجل أن يهدي إليه أن مطبوع يصدر عن هؤلاء المراقبين الجدد!!وبالطبع لا أستطيع أن أسقط حقوق القائمين الآن علي عملية المراقبة مع ضرورة أن يأخذوا في الاعتبار:
أولا: أن عملية المراقبة ليست عملية سياسية لمعارضة أي تيار سياسي أو اجتماعي وإلا سقطت تلك العملية قبل أن تبدأ.
ثانيا: عدم خوض المراقبين(لأنهم قضاة) في الحديث لوسائل الإعلام حتي صدور تقرير المراقبة النهائي.
ثالثا: مع احترامي للتمويل الخارجي في كافة المجالات لا يليق أن تمول عمليات التدريب باستثناء الدعم الفني أو عمليات المراقبة من أي جهات خارجية خاصة الجهات الحكومية الغربية!!.
رحم الله د.سعيد النجار وهشام مبارك وأطال الله عمر د.سعد الدين إبراهيم ونجاد البرعي وحافظ أبو سعده وفريد زهران وآخرين شاركوا في إرساء فكرة المراقبة في مصر في مرحلة نبيلة لنبلاء المجتمع المدني قبل أن يسيطر عليه المقاولون وأغنياء المجتمع المدني الجدد!!
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولهم.