هيئة نظافة القاهرة: 152رقما ساخنا مجانيا للإبلاغ عن مخلفات البناء.
المواطنون: أين الشرطة والمحليات من النقل والكارو التي تلقي بأطنان المخلفات؟!
تحقيق: ماريانا عبده
مشهد مستفز يتكرر كل يوم بلا رادع لأبطاله, فمن الذي يمنع عربة كارو بمخلفات مواد البناء والهدم من طوب, زلط, دبش من إلقائها, ولا مانع من كميات كبيرة من كسر السيراميك والزجاج. كل ذلك علي أحد جوانب الشوارع الرئيسية والحيوية مثل شارع بورسعيد, أو طريق مثل الكيلو 4.5 المؤدي إلي بعض المناطق الراقية مثل القاهرة الجديدة والقطامية هايتس, أو إحدي المناطق بوسط البلد مثل شارع المبتديان… حقا إنها أزمة صحية وبصرية وحضارية. اتجهنا إلي أمين الخيال رئيس الإدارة المركزية للمخلفات بوزارة البيئة فقال,من حق أي فرد أن يجدد منزله, يغير الأرضيات الحوائط وغيرها ولكن ليس من حقه أن يلقي بالمخلفات الناتجة بالشوارع, وما يحدث يتعلق بالسلوك العشوائي للأفراد, لذلك علي المتضررين من وجود مقالب مواد البناء والهدم بالقرب من منازلهم -مما يؤدي إلي إفساد المظهر العام وانتشار الحشرات والقوارض- إبلاغ هيئة نظافة القاهرة,والتي قامت بتخصيص خطوط ساخنة للإبلاغ عن تلك المقالب.
كما أن المحليات تقوم بعمل مخلفات لكل من يتم ضبطه ملقيا بتلك المخلفات, مما دفع الكثير للتخلص منها في أوقات متأخرة من الليل للفرار من العقوبة أو إلقائها في المقالب العمومية, قطع الأراضي الفضاء, أطراف المدن أو حتي حول الترع والمصارف, وللأسف تلك الظاهرة تمثل صداعا بيئيا خاصة في وسط العاصمة (القاهرة).
أرقام ساخنة
بالرجوع إلي هيئة نظافة القاهرة وجدنا 152خطا ساخنا للهيئة لاتصال المواطن في حالة رغبته في جلب سيارة لحمل مخلفات البناء التي يجمعها في حالة قيامه بعمل تجديدات في منزله, تقدمها الهيئة مجانا للمواطن, وكذلك أرقام الهواتف الخاصة بكل منطقة, وهي 22406242 للمنطقة الشرقية و22792604 للمنطقة الغربية و26859173 للمنطقة الشمالية من العاصمة.
أما بالنسبة لسكان بعض الأحياء مثل منطقة سكة الوايلي والتي تجري فيها أعمال إنشاء كوبري الزاوية فيشكون من انتشار مقالب البناء والهدم بشكل عشوائي, علي جانبي المنطقة,مما أدي إلي إفساد الشوارع وتضييقها واتساخ الطرق وتلف السيارات المارة,نظرا لنوعية المخلفات من طوب وزلط وسيراميك وزجاج, ويطالب أحد السكان بالتنسيق بين المحافظة أو الحي مع الشرطة لمطاردة سيارات النقل والكارو التي تلقي بتلك المخلفات ومعاقبة مستقليها, ويتساءل:أين دور هذه الجهات إذا فر كل المخالفين بأفعالهم؟.
إعادة التدوير
ولكن هذا الكم من المخلفات التي تصل للأطنان ألا توجد وسيلة لاستخدامها وإعادة تدويرها مرة أخري والاستفادة منها, في هذا المجال سألنا الدكتور جورج باسيلي الأستاذ المتفرغ بمركز بحوث البناء والإسكان -بمعهد المنشآت والعوامل البيئية المحيطة- فقال: وجود هذا الكم المهدر من مخلفات البناء دليل علي إهدار للطاقة الصناعية لأن تصنيع تلك المنتجات من طوب وسيراميك وأسمنت يحتاج إلي طاقة إنتاجية هائلة, تذهب هباء بسبب عدم ترشيدا لاستخدام أثناء إتمام الأعمال الإنشائية, كما أنها تحتوي علي نسب عالية من الرصاص والكادميوم وبعض المواد المشعة, مما يؤثر علي صحة المحيطين بها, ولكن إذا كان الواقع يفرض وجودها فيمكن الاستفادة منها كمواد ردم جيدة لمدافن النفايات الطبية والخطرة أو خلطها بمواد مثبتة وإدخالها في مواد رصف الشوارع مع إضافة قطع الكاوتشوك والتي تمثل نسبة عالية من المخلفات, مما يزيد جودة الأسفلت وقوة تحمله, وهذه الطريقة مستخدمة بفاعلية في أستراليا وألمانيا.
ويستكمل د. جورج قائلا: في هذا الصدد قمت بإعداد بحث عن كيفية استخدام الزجاج المهدر وإدخاله مع مواد البناء مثل الأسمنت,مما يزيد مقاومتها ويعكس الحرارة, كذلك قام المركز بعمل بعض الأبحاث عن التراب الأسمنتي الذي يمكن استخدامه في صناعة أغطية البالوعات بالشوارع بدلا من الزهر أو عمل ألواح بدلا من الرخام الذي يوضع بالشوارع ويكون قابلا للسرقة.
يضيف الدكتور جورج: أيضا يتسبب انتشار بعض المصانع التي تقوم بإنتاج مواد بناء سيئة, أي غير مكتملة الاحتراق مثلل الطوب والسيراميك الدرجتين الثالثة والرابعة الذي ينكسر ويفسد سريعا في إهدار كميات كبيرة فيزيد من حجم المشكلة.
داخل مركز بحوث البناء والإسكان التقينا الدكتورة حنان النوحي مدرس بمعهد المواد وضبط الجودة والتي كانت رسالة الدكتوراه التي أعدتها حول إعادة استخدام الطوب المهدر, إذ أعدت ماكينة يدوية بسيطة لتكسير وخلط الطوب مع بعض من المواد المهدرة الأخري وإنتاج وحدات من الطوب الأسمنتي ذوي المتانة العالية, ولكن تبقي المشكلة, فكل تلك المحاولات فردية وضئيلة ولابد من جهات مسئولة تساعد في تمويل تلك الأفكار المدفونة, وتتبني إعداد الكواد, كما يجب إعداد أكواد ومواصفات جديدة من الجهات المعنية والمعتمدة لمواد البناء المعاد تدويرها لتشجيع العاملين في الحقل المعماري لاستخدامها والثقة في جودتها.