تدرس حاليا وزارة العدل تفعيل قانون تشكيل محكمة الغدر ودراسة التعديلات التشريعية المطلوبة عليه لتنفيذه لمحاكمة الفاسدين سياسيا, في ظل التطورات الحالية والمطالبات بسرعة تشكيلها لمحاكمة المفسدين حيث أكد المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل أنه يتم حاليا دراسة مواد قانون الغدر وما إذا كان مازال ساريا أم تم إلغاؤه وما الأدوات والتعديلات التشريعية المطلوبة لتفعيله الآن حتي يصبح واجب التنفيذ ويتم تطبيقه في تحقيقات النيابة العامة والمحاكمات أمام القضاء.فكر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر في هذا القانون عقب نجاح ثورة 23 يوليو لمحاسبة الفاسدين سياسيا خاصة وأن مواد قانون العقوبات تخلو من أي مادة لتجريم الفساد السياسي,وأوكل إلي مجموعة من شيوخ القضاة علي رأسهم المستشار عبد الرازق السنهوري صياغة هذا القانون وبالفعل قام القضاة بصياغة قانون أطلقوا عليه اسم قانون الغدر . وكانت الفكرة في سن قانون الغدر رقم 344 لسنة 1952 ثم تعديله بالقانون 173 لسنة 1953 هي أن تتم محاسبة قانونية لجرائم لم يكن المشرع قد تصورها عندما وضع القوانين السابقة.
ينص القانون علي أنه يعد مرتكبا لجريمة الغدر كل من كان موظفا عاما وزيرا أو غيره وكل من كان عضوا في أحد مجلسي الشعب أو الشوري أو أحد المجالس البلدية أو القروية أو مجالس المديريات وعلي العموم كل شخص كان مكلفا بخدمة عامة أو له صفة نيابية عامة وارتكب بعد أول سبتمبر سنة 1939 فعلا من الأفعال الآتية : إفساد الحكم أو الحياة السياسية – استغلال النفوذ و لو بطريق الإيهام للحصول علي فائدة لنفسه أو لغيره أي تصرف أو فعل من شأنه التأثير بالزيادة أو النقص في أثمان للعقارات والبضائع – التأثير في القضاة – التدخل الضار بالمصلحة العامة .
ويعاقب القانون المخالفين العزل من الوظائف العامة وسقوط العضوية في البرلمان أو المجالس البلدية أو القروية أو مجالس المديريات.والحرمان من حق الانتخاب أو الترشيح لأي مجلس من المجالس سالفة الذكر لمدة أقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم , والحرمان من تولي الوظائف العامة لمدة أقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم. و الحرمان من الانتماء إلي أي حزب سياسي مدة أقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم, والحرمان من عضوية مجالس إدارة الهيئات أو الشركات لمدة أقلها خمس سنوات, والحرمان من الاشتغال بالمهن الحرة مدة أقلها خمس سنوات, والحرمان من المعاش كله أو بعضه. ويجوز الحكم أيضا بإسقاط الجنسية المصرية عن الغادر كما يجوز الحكم برد ما أفاده من غدره وتقدر المحكمة مقدار ما يرد. ويحكم بالجزاءات ذاتها علي كل من اشترك بطريق التحريض أو الإنفاق أو المساعدة في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر .
ينص القانون علي تشكيل محكمة برئاسة مستشار من محكمة النقض وعضوية مستشارين من محكمة استئناف القاهرة يعينهم وزير العدل وأربعة ضباط عظام لاتقل رتبة كل منهم عن الصاغ يعينهم القائد العام للقوات المسلحة. ويكون مقر هذه المحكمة بمدينة القاهرة وتتولي النيابة العامة مباشرة الدعوي أمام المحكمة, ويجوز للمحكمة أن تحكم علي الغادر وشركائه بتعويض ما حدث من ضرر لأي شخص من الأشخاص الاعتبارية العامة, ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر في الدعوي بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية.
أوصت لجنة النظم الانتخابية بمؤتمر الوفاق القومي بضرورة توقيع العزل الساسي لنواب الحزب الوطني لمدة خمس سنوات, وتنظر محكمة القضاء الإداري بجلسة 25 يوليو الحالي الدعوي المقامة من المحامي شحاتة محمد شحاتة رئيس المركز المصري للنزاهة والشفافية التي طالب فيها تفعيل محكمة الغدر. وتقدم المحاميان هاني عبدالمجيد وإبراهيم طه ببلاغ للنائب العام طالبا فيه بمنع رموز وقيادات النظام السابق وأعضاء مجلسي الشعب والشوري والمجالس المحلية من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات طبقا لنص قانون الغدر وتعديلاته .
واستند مقدمو البلاغ إلي قانون الغدر ذلك أنه لم يتم تفعيله في كثير من القضايا , وأوضح البلاغ أنه بسقوط الرتب العسكرية المذكورة تمثل المحكمة بالتشكيل المدني أو ما يعادلها من الرتب الحالية . وتقدم هاني عبد المجيد عضو الجبهة الشعبية لتطهير القضاء وعضو اللجنة القانونية بائتلاف شباب الثورة ببلاغ إلي النائب العام رقم 7740 بتاريخ 2011/5/21 لتفعيل قانون الغدر والذي مازال قائما ولم يتم العمل به .وأكد أن رموز النظام السابق لابد أن يحاكموا بإسقاط الجنسية المصرية بتهمة الغدر والخيانة . كما تقدم المستشار حسن حسين عيسي, رئيس محكمة استئناف المنصورة, ببلاغ إلي المجلس العسكري, طالب فيه بتقديم المستشار ممدوح مرعي, وزير العدل السابق, إلي محكمة الغدر. واتهم عيسي وزير العدل السابق بتزوير الانتخابات لـحماية كراسي النظام السابق, مستشهدا بـتعليمات شفوية نقلها المستشار يسري عبد الكريم, رئيس اجتماع القضاة المنتدبين للإشراف علي انتخابات الرئاسة بمحافظة المنصورة عام 2005, عن وزير العدل السابق, مفادها السماح للمواطنين الذين لا يحملون بطاقة انتخابية بالإدلاء بأصواتهم في لجان المغتربين بحجة تسهيل إدلاء المغتربين عن دوائرهم الانتخابية بأصواتهم. وقال عيسي إنه رفض, وعدد من زملائه أثناء الاجتماع, هذه التعليمات بسبب مخالفتها القانون والدستور ولكونها تؤدي إلي زيادة وهمية في عدد الناخبين, وإمكانية الإدلاء بصوتهم أكثر من مرة في الدائرة الواحدة, مشيرا إلي أن موقفه دفع مرعي إلي إلغاء ندبه للإشراف علي الانتخابات.وذكر عيسي في بلاغه أن وزير العدل السابق, أثناء توليه إدارة التفتيش القضائي ألزم القضاة بضرورة إخطار مدير التفتيش القضائي بأي قضية أو خصومة يكون أحد أطرافها شخصية من الشخصيات العامة . كما تقدم أسامة محمد الحسيني المحامي بخطاب للمجلس العسكري كل هذا حرصا منا علي الحياة السياسية في مصر التي نستشرق المستقبل بالحياة السياسية الجديدة .نستبعد المفسدين ونأتي بالشرفاء الوطنيين الذين يحبون الله ورسوله والوطن .
أكد رجال القضاء أن تفعيل المحكمة في الوقت الحالي يجب أن يتضمن تعديلا تشريعيا لقانون إنشاء المحكمة لتغيير تشكيلها بحيث يكون كل أعضائها من القضاة المدنيين , ولا تضم ضباطا من القوات المسلحة. واختلف الخبراء حول إمكانية تطبيق نص قانون الغدر أو اتباع النظم القانونية العادية لمحاكمتهم .
أكد المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة سابقا أن محاكم الغدر محاكم سياسية . والغرض من بحث إعادة تفعيل تلك المحاكم هو إعادة هيكلة المحاكم لتضم عددا من القضاة القانونيين العاديين وعمل ضمانات حتي لا تضم ساسيين ولا خصوم سياسيين, لتصبح محاكم مدنية عادية وليست عسكرية أو سياسية, وقال إن محاكم الغدر كان من أهم رؤسائها السابقين كمال غالي وخالد محي الدين وعبدالطيف البغدادي .والغرض من تعديل قانون إنشاء محكمة الغدر هو عدم تزييف إرادة الشعب والأمة , لتصل البلاد إلي بر الأمان والحد من حالات الفساد مستقبلا.
أوضح المستشار حسن عبد الصبور رئيس استئناف بمحكمة شمال القاهرة بقوله: لسنا في حاجة إلي إنشاء محاكم جديدة لمحاكمة الفاسدين , بل تطبيق القانون الحالي بشكل سليم , وفي ظل استغلال كامل للقضاء كاف بشكل كامل لمحاكمة رموز النظام الفاسد. والمطلوب حاليا وضع ضوابط وشروط لمحاكمة الفاسدين سياسيا. واقترح إنشاء ##محكمة الثورة ## مهمتها محاكمة الفاسدين وتوقيع العقوبة عليهم دون اللجوء إلي محاكم تضيع الوقت وتهدر الأموال .
أكد علي عدم الاستفادة من إنشاء محكمة الغدر. بسبب التطورات المتلاحقة لمصر وخاصة ونحن في المرحلة الانتقالية بعد الثورة . وأكد أنه لا يجوز الرجوع إلي الخلف وتطبيق إجراءات استثنائية لمحاكمة بعض الفاسدين فلابد من اتباع الإجراءات العادية والمحاكمة المدنية لمن يتهم بالفساد. فمحكمة الغدر محكمة استثنائية فلا يجوز أن نطبق إجراءات استثنائية ونحن نريد تفعيل الديموقراطية.
من جانبه قال المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق:لسنا في حاجة إلي محكمة الغدر وإنما المطلوب هو إصدار تشريع يتضمن عزلا سياسيا لكل من شارك الحزب السابق في إدارة البلاد وعلي رأسهم أعضاء الحزب الوطني المنحل. وأنه يجب الإسراع بإصدار قانون العزل السياسي وسرعة تطبيقه علي رموز النظام السابق ممن لم يحاكموا جنائيا.
وأضاف بقوله: استقرت الآراء علي تفعيل قانون الغدر فإن ما نحتاجه هو إعادة تشكيلها من جديد برئاسة مستشار بمحكمة القضاء وعضوية مستشارين من محكمة استئناف القاهرة يعينهم وزير العدل,إضافة إلي 4 ضباط يعينهم القائد العام للقوات المسلحة ويكون مقرها القاهرة وتحاكم رموز الفساد علي مستوي الجمهورية, مطالبا بتوقيع أقصي عقوبة ينص عليها قانون الغدر وهي حرمان جميع أعضاء الحزب الوطني ورموزه من العمل السياسي لمدة 5سنوات وأنه لا مانع من عودتهم للعمل بعد مرور مدة العقوبة حيث تكون أوضاع البلاد قداستقرت وحققت الثورة أهدافها.
وأوضح أنه لا حاجة لتطبيق قانون الغدر علي الوزراء السابقين الذين صدرت ضدهم أحكام جنائية لأن الحكم الجنائي يتضمن عقوبة الغدر وهي العزل من الوظيفة والحرمان من العمل السياسي لمدة 5 سنوات لبعض الوزراء مشيرا إلي أن قانون الغدر يجب أن يطبق علي رموز النظام السابق في جميع المؤسسات الحكومية والهيئات والمصالح.
ومن جانبها أكدت المستشارة تهاني الجبالي نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا أنه بتشكيل محكمة غدر مدنية لمحاكمة الفاسدين, التي يطالب بها كثيرون تحتاج إلي قرار سيادي, والأمر بسيط ويمكن تطبيقه بسهولة . وأن قانون الغدر موجود بالفعل في القوانين المصرية القائمة, وأنه يتضمن كل المواد التي من شأنها إطفاء نار الشعب المصري الذي يحترق جراء عدم محاكمة رموز النظام السابق في قضايا الفساد السياسي . ومحاكمة رموز النظام السابق تتم الآن في قضايا الفساد المالي فقط دون قضايا الفساد السياسي, وأنه بالنظر إلي القضايا فلا نجد ما يثبت إدانتهم, وهو ما يكشف عن الفساد السياسي الذي أدي إلي القوانين القائمة التي لا تدين أعضاء النظام السابق, ولذا لابد من تطبيق قانون الغدر.
وأعلن المستشار أحمد وجدي نائب رئيس مجلس الدولة وعضو قسم التشريع بالمجلس أن الغرض من تصريحات وزير العدل الأخيرة عن دراسته لكيفية تطبيق نصوص قانون الغدر وما إذا كان مازال ساريا أم تم إلغاؤه هو مجرد تهدئة الثوار وامتصاص غضبهم مشددا أن وزير العدل يعرف جيدا أن قانون الغدر مازالت مواده سارية ولم يصدر مايفيد إلغاؤه بأي شكل من الأشكال, ويقترح استبدال النص الخاص بعضوية الضباط إلي عضوية رؤساء هيئات قضائية سابقين في عضوية تلك المحكمة لتضم شخصيات قضائية فقط حتي لا تدخل تلك المحكمة ضمن أشكال القضاء الاستثنائي,وأنه من الطبيعي ألا تبادر حكومة شرف التي تضم في عضويتها أعضاء بارزين بالحزب الوطني في تطبيق مثل هذا القانون الذي يترتب علي تفعيله عزلهم من مناصبهم وحرمانهم من الترشح لأي دور سياسي فترة لا تقل عن 5 سنوات .
وشدد علي أن أهمية تطبيق القانون للقضاء علي جسم النظام السابق المتمدد في جميع الجهات والهيئات الحكومية وبسؤاله عن جدوي إقرار هذا القانون بالنسبة لنزلاء سجن طرة ولمبارك الذين عزلوا بالفعل من مناصبهم وعقوبات القانون تصل إلي حد إسقاط الجنسية المصرية عن مبارك وجميع وزرائه الذين خانوا بلادهم وقاموا بعمل صفقات مريبة.
أما الدكتور أسامة الشناوي الأستاذ بكلية الحقوق جامعة القاهرة أوضح بقوله : ضرورة وجود محكمة تحاسب الفاسدين سياسيا والذين أدانهم الشعب بإفساد الحياة السياسية وهم رموز النظام السابق, بجانب وضع آلية لتنفيذ القانون وإنشاء المحكمة لنظر المخالفات التي تطرق لها بصورة مباشرة وغير مباشرة .
أوضح المستشار أمير رمزي عضو لجنة العدالة الوطنية بمجلس الوزراء أن محاكم الغدر وقانون الغدر كان استثنائيا, وكانت محاكم الثورة هي التي تقضي به, وكان قانونا مؤقتا لمرحلة انتقالية وانتهي تفعيله والعمل به بانتهاء هذه الفترة ولذلك فإن هذا القانون لا يصلح للعمل به حاليا لانتهاء العمل به منذ أكثر من خمسين عاما ولم يطبق إلا من خلال محاكم عسكرية وهو الأمر الذي لا يتفق مع ما ينادي به الكثيرون بعدم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية لذلك لا يصلح نهائيا العمل به الآن.
كما لا يصلح أن ينص علي قانون جديد يصدر خصيصا لجرائم الفساد السياسي لأنه من المعلوم لدي المجتمع بأن القانون لا يسري بأثر رجعي.
أما عند محاكمة الفاسدين من رجال السياسة في عهد مبارك فلا محل لدينا عند محاكمتهم مدنيا أمام القضاء العادي أن يحاكموا عن طريق قانون العقوبات الحالي حسبما يتم التحقيق معهم ويحاكمون بما اقترفوه من أفعال أهانت وأذلت وأساءت للشعب وأفسدت حياته السياسية.
وأضاف المستشار أمير رمزي أنه يري أنه لا مانع من محاكمة الفاسدين السياسيين أمام المحاكم العسكرية عن تهمة إفساد الحياة السياسية وإهانة وضياع حقوق الشعب المصري بشرط ثبوت هذه الاتهامات ضدهم, وتوحيدها جميعا في اتهامات واحدة متجمعة لإنهاء هذا العهد البائد.
وأوضح ماجد حنا المحامي بالنقض أن كل مواد قانون الغدر تنطبق علي الرئيس مبارك وحاشية الحزب الوطني , وخاصة إفساد الحياة الساسية والحكم , وذكر أن القانون يبين أن كل أروقة النظام حصلوا علي مميزات بدليل أن الكسب غير المشروع قام بحبس أغلبهم لثبوت ادعاءات استغلال النفوذ والتربح من المناصب وقتل المتظاهرين . وفساد الحياة الساسية تشويه لصورة البلد أمام العالم كله . وذكر أنه يجب قبل احالة أي فرد لمحكمة الغدر يجب صدور حكم يؤكد أن هذا الشخص ينطبق عليه أية مواد في قانون الغدر وبالتالي تحويله لمحكمة الغدر .وطالب بتطبيق القانون فورا , وتعديل تكوين المحكمة لتكون كلها من قضاة محكمة النقض فقط. حتي المحكمة لها ثقلها أحكامها غير مشكوك فيها وعادلة , لأن أحكام محكمة الغدر لا يمكن الطعن عليها .
نوه المستشار محمود درويش المحامي بالنقض إلي أن الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر هو من أصدر هذا القانون بإنشاء المحكمة لمحاكمة الوزراء السابقين والموظفين العموميين وأعضاء المجالس البرلمانية والمحلية الذين أدانتهم لجان التطهير بعد ثورة يوليو لإفساد الحياة السياسية أو استغلال النفوذ .وقرار تشكيل المحكمة كان ينص علي أنها محكمة استثنائية سياسية موقوتة بقيد زمني مرتبط بظروف إنشائها وطبيعة الجرائم التي تنظرها.إلا أنه لم يصدر قرار بإنهاء العمل بقانون إنشاء المحكمة مما يجعله ساريا حتي الآن مع ضرورة تعديله ليصبح نافذا. وأنه يجب تعديل ما نص عليه القانون من قصر المحاكمات علي من ارتكب بعد أول سبتمبر 1939 فعلا آثما بنص القانون.