وافق مجلس الشورى على مشروع قانون اعتماد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2010 – 2011. وأوضح تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى عن مشروع الموازنة العامة أن قيمة المصروفات العامة فى مشروع الموازنة تبلغ حوالى 481 مليار جنيه مقابل 6,354 مليار جنيه عن السنة المالية الحالية، فيما تبلغ جملة الإيرادات حوالى 281 مليار جنيه مقابل 4,258 مليار جنيه عن السنة الحالية بزيادة نسبتها حوالى 6,8% . أما قيمة الأجور وتعويضات العاملين فتقدر بحوالى 95 مليار جنيه مقابل 86 مليارا بزيادة 10% وهى تمثل حوالى 24% من إجمالى المصروفات، وتبلغ إجمالى قيمة شراء السلع والخدمات حوالى 28 مليار جنيه بزيادة 6,2% على العام الحالى. وتبلغ قيمة العوائد المستحقة على القروض المحلية والخارجية حوالى 91 مليار جنيه مقابل 71 مليارا بزيادة 6,27% ، وتحتل القروض المحلية النسبة الكبيرة من إجمالى هذه القروض التى تبلغ 6,86 مليار جنيه.
أما قيمة الدعم فى الموازنة العامة فتبلغ حوالى 116 مليار جنيه بزيادة 8,21% عن العام الحالى ، ويمثل هذا المبلغ 24% من إجمالى الإنفاق العام. وتبلغ حصيلة الضرائب 2,197 مليار جنيه منها 5,106 مليار جنيه ضريبة عامة، و2,64 مليار ضرائب على المبيعات، بالإضافة إلى 5,15 مليار جنيه ضرائب ورسوم الجمركية، وإيرادات ضريبة أخرى حوالى 11 مليارا.
ويتوقع التقرير أن تكون حصيلة الضرائب العامة 5,106 مليار جنيه، تسهم الحكومة فيها بحوالى 48% ممثلة فى الضريبة على البترول وقناة السويس والبنك المركزى التى تخضع ضريبيا بسعر خاص متوسط 42% تليها أرباح الشركات بحوالى 20% وتبلغ مساهمة الموظفين والعمال فى ضريبة المرتبات حوالى 11 مليار جنيه، وهى أكثر من مساهمة النشاطين التجارى والمهنى مجتمعين كما يتفوق إسهام ضريبة المرتبات على ضرائب عوائد الأذون والسندات، أما النشاط المهنى فلا يكاد يسهم فى الضريبة إلا بأقل من نصف مليار جنيه.
وذكر التقرير أن هذه الأرقام تكشف عن حقيقة التفاوت فى توزيع الأعباء الضريبية بما لا يتلاءم مع القدرة التكليفية للممولين، كما يبين إلى أى مدى تعتمد الحصيلة الضريبية على الحكومة ذاتها، وكأنها الدائن والمدين فى آن واحد، مما يتطلب تعديل قانون الضريبة على الدخل على النحو الذى يحقق العدالة فى توزيع الأعباء الضريبية وفرض ضريبة على مضاربات الأموال الساخنة فى البورصة، وتكون متغيرة لتجنب الاضطرابات، كما حدث فى بورصة جنوب شرق آسيا أواخر التسعينيات من القرن الماضى. وأكد ضرورة أن تسهم قطاعات إنتاجية مهمة كشركات الأموال والمكاتب المهنية الكبرى فى الضريبة العادلة، وكذلك بذل جهد أكبر لتحصيل الضرائب المتأخرة والتى تبلغ 4,53 مليار جنيه.
وطالب تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية بضرورة استمرار الدعم العينى وعدم الانتقال للدعم النقدى إلا بصورة متدرجة وبعد دراسة واعية وتجارب عملية، وربط العلاوات الدورية للأجور بمعدلات التضخم السنوى وإنشاء صندوق لمواجهة البطالة وتبنى برامج واضحة ومحددة للنفقات الإدارية والعامة وزيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى لتقديم خدمات تعليمية وصحية للمواطنين، وإعداد دراسة تفصيلية لموقف الاقتراض الداخلى وخطورته.
وأوصى التقرير بإعادة النظر فى قانون الضريبة على الدخل وإعادة النظر فى تقييم محل الضريبة العقارية على أساس القيمة السوقية، وإعادة الربط على هذا الأساس بعد خمس سنوات. كما أوصى بالحد من التباين فى معدلات الأجور داخل الجهاز الحكومى، وتثبيت العمالة المؤقتة، وتبنى نظام معلن عنه فى شغل الوظائف الشاغرة.
أما مشروع قانون الخطة والموازنة فإن أهم ملامحه هو تحقيق نمو اقتصادى يبلغ 8,5% ، وزيادة معدل الاستثمار إلى 6,18% من الناتج المحلى الإجمالى، وتنشيط الطلب الاستهلاكى لتفادى الركود. وتهدف الخطة إلى تنمية الموارد القومية لتصل إلى 1799 مليار جنيه بزيادة 15% على العام المالى الحالى وارتفاع معدل نمو الصادرات وزيادة الإدخار المحلى وزيادة الناتج المحلى الإجمالى إلى 2122 مليارا، وزيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص فى الإنتاج المحلى ليصل إلى 67% . وتستهدف السياسة المالية الاستمرار فى تطبيق السياسة المحفزة للنمو ومواصلة الإصلاحات المالية والضريبية لتحسين مستوى الأداء والارتفاع بكفاءة الإنفاق العام، وضخ استثمارات للحفاظ على معدل النمو الاقتصادى.
وتهدف الخطة إلى الاهتمام بالعنصر البشرى الأساسى، العنصر الأساسى فى التنمية الاقتصادية وزيادة متوسط الدخل القومى بنحو 4% ليرتفع إلى 7,11 ألف جنيه وزيادة معدل الاستهلاك النقدى وزيادة الأجور وخفض معدل الفقر من 5,22% إلى نحو 18% وتنمية القدرة الاستيعابية لسوق العمل وزيادة أعداد المشتغلين.
وأوصت لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى عن مشروع الموازنة العامة بزيادة الاستثمارات وتفعيل قانون حماية المستهلك وضبط الأسعار وتوزان المنافسة بين حقوق المستهلكين ومصلحة المنتجين، وأكدت تأييدها لقرار وزارة الصحة بتخفيض أسعار بعض الأدوية.
وطالبت اللجنة بوضع حد أدنى للأجور مع ضمان مراجعته دوريا بما يتوافق مع معدلات التضخم والاهتمام بالاستثمارات الجديدة والقضاء على البيروقراطية والمصالح الخاصة، والاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة وضبط آلية دعم الصادرات، والاهتمام بالقطاع التعاونى وتنمية المحافظات وجذب المزيد من الاستثمارات فى مجال الطاقة خاصة الشمسية.
أشار صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى إلى أن مناقشات النواب أثمرت عن ضرورة مواصلة الحكومة دورها لمواجهة الأزمة المالية العالمية والاستمرار فى دعم الأولويات الخاصة بقضايا الإنتاج ودعم الفلاحين والعمال، فضلا عن رفع مستوى الدخل فى إطار أزمة مالية. وأشار إلى أن البرنامج الانتخابى للرئيس مبارك هدف إلى توفير فرص العمل ووحدات إسكانية ورعاية اجتماعية. وطالب الشريف – فى كلمة له فى بداية مناقشة مشروعى قانون خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة – بإيضاح أثر مضاعفات الأزمة المالية العالمية والركود الاقتصادى العالمى على عوائد الصادرات وقناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج والسياحة فى إطار شفافية تطرح الحقائق مجردة من خلال كشف حساب شامل تعرض فيه الحكومة الحقائق، وما تحققه بالفعل وما سيحقق فى ضوء خطة التنمية وهى تدخل عامها الرابع من الخطة الخمسية.
وقال إن المسئولية الوطنية والنيابية تحتم على المجلس كذلك التأكد من أن تمثل الموازنة العامة ترجمة واقعية لتوجيهات وبرامج طرحها الرئيس مبارك فى بيانه أمام مجلسى الشعب والشورى، والذى طرح فيه برنامج عمل قوميا يتضمن التزامات ثابتة تجاه البسطاء والفقراء ومحدودى الدخل والمحافظة على بند الدعم وترشيد استخدامه، والتزامات ثابتة تجاه الفلاحين والعمال وأبناء الطبقة الوسطى وكل مصرى، ومواصلة العلم لبناء اقتصاد قوى.
وتتضمن الالتزامات توفير فرص العمل ورعاية القرى الأكثر احتياجا وتطوير التعليم بجميع مراحله، بالإضافة إلى الخدمات الصحية للمواطنين علاوة على احتواء تداعيات الركود المالى والاقتصادى العالمى وزيادة موارد الدولة.
وأكد صفوت الشريف أن أهم هذه الالتزامات يتمثل فى ضرورة توفير الموارد للحفاظ على الأمن القومى من خلال دعم القوات المسلحة وتأهيلها دائما لتحمل مسئولياتها المقدسة فى الدفاع عن أمن الوطن واستقراره.
وقال إن المحك الحقيقى لجدوى أية موازنة هو أن تعكس طموحات الغالبية الساحقة من المواطنين، وأن تجسد بنودها دعم موارد الموازنة وتوفير مستوى معيشى لائق يوفر للمواطن العادى السلع والخدمات اللازمة بأسعار فى حدود طاقته فى إطار استقرار يحميه من تقلبات السوق وجشع المتلاعبين بالأموال وإجراءات فورية وحاسمة لضبط الأسواق والأسعار تحول دون انفلاتها لخدمة فئات طفيلية تعيش على الأزمات وتزدهر على معاناة المواطنين.
وأكد الدكتور محمد رجب ممثل الأغلبية ضرورة الاستمرار فى الدعم العينى، وأن يتم الانتقال إلى الدعم النقدى بصورة تدريجية بعد دراسة هذا الأمر بصورة متعمقة، مطالبا بوقفة اتجاه دعم المنتجات البترولية التى وصلت إلى 67 مليار جنيه وضرورة أن تباع المنتجات البترولية للمشروعات الصناعية بالسعر الحقيقى .
من جهته قال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع إن زيادة الأجور وصلت إلى 8 % فيما بلغت نسبة التضخم إلى 4 أمثال ذلك، مطالبا بتحديد نسبة التضخم والتى يوجد لها 3أرقام مختلفة، وانتقد ارتفاع نسبة الدين العام، مطالبا بفرض ضرائب تصاعدية على الدخل وعدم استيراد سلع لها مثيل محلى.
وحذر الدكتور عبدالمنعم الأعصر رئيس حزب الخضر من خطورة الاستمرار فى الحلقة الجهنمية من الاقتراض وسداد الدين بفوائد باهظة، موضحا أن جملة المصروفات 5,394 مليار جنيه بالإضافة إلى 5,86 مليار قيمة حيازة الأصول المالية المحلية والأجنبية ليزداد جملة الاستخدامات إلى 481 مليار جنيه وتبقى قيمة الإيرادات 293 مليار ليصل العجز إلى 5,187 مليار جنيه. وطالب بإعادة النظر فى منظومة الضريبة على الدخل وفرض ضريبة تصاعدية.
وانتقد ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل ازدياد قيمة الدين العام الداخلى والخارجى الذى وصل إلى 1,1 تريليون جنيه أى قيمة الناتج القومى المحلى، ووصف الموازنة بأنها “إشهار إفلاس” ولا تنفع ولذا لا أوافق عليها، مؤكدا أن الموازنة لم تقدم رؤية لكيفية مضاعفة إيرادات مصر من خلال إنتاج حقيقى بدلا من اللجوء إلى السندات لبيعها فى الخارج وهذا لا يجعل من مصر دولة واعدة. وطالب الشهابى بفرض رسم قيمة على مياه النيل التى وصلت إلى منتجعات الأكابر فى الطريق الصحراوى.
وعقب الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية على مناقشات الأعضاء فأوضح أن إصدار السندات الدولارية التى طرحتها مصر فى الخارج بقيمة 5,1 مليار دولار يعتبر نجاحا للسياسة المصرية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لافتا إلى أن هذه السندات تزيد على سعر سندات الحكومة الأمريكية بنقطتين مئويتين فقط وهذا يعكس الثقة فى الاقتصاد المصرى، كما سينعكس على زيادة تدفقات الاستثمار المباشر لمصر.
وأوضح أن مصر اقترضت مليار جنيه عام 2001 منذ 10 سنوات بفائدة 75,8% وهو رقم عال لعدم الثقة الكبيرة فى الاقتصاد وتكرر هذا الاقتراض هذا العام بفائدة 75,5% مما يعكس الثقة التى يتمتع بها الاقتصاد.
وقال غالى “إنه تم اقتراض نصف مليار على 30 سنه وهذا فى حد ذاته شهادة تقدير للنظام المصرى ككل، ولو لم يشعر المستثمر بأنه واثق فى النظام السياسى والاجتماعى والاقتصادى للدولة لما أقدم على شراء هذه السندات، مؤكدا أن سعر السند المصرى فى الخارج أقل 50 نقطة من سعر السند فى الداخل، وهذا دليل جديد على ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى.
وبالنسبة للأجور أوضح وزير المالية أن قيمة الأجور كانت 5,1 مليار جنيه عام 1980/1981 ووصلت إلى 94 مليار جنيه الآن، وذلك يعنى أن معدل الزيادة 5,12% فى حين كان متوسط معدل التضخم فى هذه السنوات 5,7.
==
س.س