قامت الثورة 25 يناير ومازالت أزمات الماضي تلقي بظلالها علي التعايش المشترك, ومازال بناء كنيسة أو وضع صليب أمرا يثير مشاعر واستفزار المسلمين حسب تصريحاتهم وهذا ما ينطبق علي أزمة تفجرت بقرية المريناب التابعة لمركز إدفو بأسوان إثر تجمهر أعداد من مسلمي القرية مساء الثلاثاء الماضي للمطالبة بإزالة قباب كنيسة مارجرجس بالقرية التي تم إعادة إحلالها وتجديدها بنفس الموقع طبقا لترخيص رسمي رقم 42 لسنة 2010 من محافظة أسوان وكانت أعداد من الأهالي قد احتشدت أمام الطريق المؤدي للكنيسة للمطالبة بإزالة القباب بعد خمسة أيام من عقد جلسة عرفية بين الأقباط والمسلمين بحضور قيادات أمنية بموجبها تم الاتفاق علي عدم وضع أجراس أو صلبان أعلي الكنيسة ورغم موافقة رجال الكنيسة علي هذه المطالب إلا أن أهالي القرية عادوا ليجددوا مطالب أخري بإزالة القباب بدعاوي عدم اعتيادهم علي رؤيتها بالقرية.
صرح القمص صليب كاهن كنيسة مارجرجس بقرية المريناب أن الكنيسة قامت بالاتصال بالحاكم العسكري لمدينة أسوان بعد تفاقم الأزمة وقيام متشددين صباح الأربعاء الماضي بغلق مداخل ومخارج القرية ومنع الأقباط من الخروج لأعمالهم أو الذهاب لأراضيهم الزراعية وفرض حالة من الحصار حول منازلهم واستمرار التهديد والوعيد لهم بالانتقام والتهديد بهدم الكنيسة في حالة عدم إزالة القباب.
وطلب القمص صليب سرعة تدخل القوات المسلحة لإنهاء الأزمة قبل تفجرها بما يؤدي لعواقب وخيمة تهدد وحدة وسلامة المدينة ومنع تكرار ما حدث في أطفيح في ظل حصار القرية من المتشددين وخوفا من اندلاع أعمال عنف ضدهم في ظل حالة الانفلات الأمني الحالي لاسيما أن قوات الشرطة بأسوان تواجه تحديات ضخمة خلال الفترة الأخيرة بعد تزايد اعتصامات المزارعين والنوبيين, وهو ما جعل الحالة الأمنية بأسوان تسير في إطار حالة الانفلات.
وانتقلت قوات الأمن إلي موقع الكنيسة وتم تطويقها لمنع نشوب أعمال عنف كما تمركزت قوات أخري علي الطريق الرئيسي للقرية بعد قيام بعض المتشددين بدعوة أنصارهم من قري مجاروة للحشد أمام الكنيسة والتهديد والوعيد بهدمها.
وأمام هذه التهديدات رفضت الكنيسة الأرثوذكسية تقديم أي تنازلات جديدة بعد الموافقة علي عدم وضع صلبان أو أجراس بالكنيسة رغم أنها وضعت ضمن الرسومات الهندسية للمبني الحاصل علي تصريح رسمي بالإحلال والتجديد.
* كنيسة بتصريح رسمي
وقال القمص مكاريوس كاهن الكنيسة إن كنيسة مارجرجس يعود بناؤها إلي أكثر من مائة عام وأنه خلال عام 2009 تقدمت مطرانية أسوان بطلب ترميم الكنيسة نظرا لتهالك حالتها وتعريض حياة المصلين للخطر, فتم تشكيل لجنة هندسية من المحافظة التي رفعت تقريرها بعدم صلاحية الكنيسة للترميم وأوصت بإحلالها وتجديدها, فتم تشيكل لجنة أخري من الإدارة الهندسية وقامت بالمعاينة وأوصت بالإحلال والتجديد فصدر قرار من محافظ أسوان في يونية 2010 بإحلال وتجديد الكنيسة علي نفس المساحة القديمة, وتم تقديم الرسوم الهندسية للبناء بكامل المواصفات وتأخرت عملية الإحلال إلي ما بعد ثورة 25 يناير نظرا للظروف التي كانت تمر بها البلاد وفي شهر يونية الماضي تم بدء بناء الكنيسة علي مساحة 270 مترا.
وأضاف كاهن الكنيسة أنهم فوجئوا يوم الجمعة 2 سبتمبر بتجمهر بعض أهالي القرية حول الكنيسة وتقدموا بعدة طلبات فتم عقد جلسة عرفية بحضور اللواء عادل حسن رئيس قطاع شمال والعميد أيمن فتحي رئيس مباحث إدفو ورجال الدين الإسلامي وكبار رجال القرية ورجال الكنيسة حيث طالب بعض أهالي القرية بعدم وضع صلبان أو أجراس أو ميكروفونات أعلي الكنيسة.. وبعد مناقشات طويلة وافقت الكنيسة علي المطالب احتواء للأوضاع وعدم إثارة الفتنة الطائفية ولم يتم وضع صلبان أو أجراس وفي الوقت نفسه فالكنيسة لا تعلق ميكروفونات بالخارج, ومرت الأوضاع حتي مساء الثلاثاء حيث بدأت التجمهرات مرة أخري من المتشددين الذين تقدموا بطلب بإزالة قباب الكنيسة وعددها ست قباب وحسب ما قاله كهنة الكنيسة فإن إزالة القباب تعني انهيار المبني كله.
* كنيسة تثير مشاعر المسلمين!!
قال الشيخ محمد موسي مأذون القرية إن أهالي القرية يعترضون علي إقامة الكنيسة لأنهم لم يعتادوا علي هذا المسمي لأن الأقباط كانوا يصلون دائما في مضيفة ويقمون بها أفراحهم ولكنهم حصلوا علي ترخيص بإحلال وتجديد الموقع علي اعتباره كنيسة رغم أنها لم تكن كذلك, مشيرا إلي أن وجود كنيسة بالقرية أمر يثير مشاعر المسلمين ويستفزهم.. وأضاف أن المكان كان متفقا عليه منذ 1985 أن يكون مضيفة وأنهم حصلوا علي ترخيص الكنيسة في موقع آخر في قرية خور الزج وهو الأمر الذي ينفيه القمص مكاريوس كاهن الكنيسة مؤكدا أن كنيسة قرية خور الزج كنيسة منفصلة ليس لها علاقة بالمريناب وكان لها ملف بالمحافظة في نفس الوقت مع المريناب وأن المعاينة من قبل الإدارة الهندسية بالمحافظة تمت علي موقع الكنيسة القديمة وكانت هناك لجنة هندسية تشرف علي عملية البناء للكنيسة الصادرة بترخيص رقم 42 لسنه 2010 ببناء كنيسة مستويين الدور الأول صحن الكنيسة والمستوي الثاني للسيدات.
موضحا أن الأقباط يصلون في هذا الموقع منذ سنوات طويلة ولم يعترض أهالي القرية وتساءل ما الخوف أو الضرر علي أهالي القرية من بناء كنيسة تمت بالطرق الرسمية والشرعية دون أي التفاف أو مخادعة وتمت الاستجابة لأهالي القرية.. بعدم تعليق جرس أو صليب لاحتواء الأوضاع والحفاظ علي التعايش المشترك مع الإخوة المسلمين.
* تهديد بهدم الكنيسة
وقال ثابت كامل أحد أهالي القرية الأقباط إنهم يشعرون بخوف نتيجة حالة الشحن ضدهم مشيرا إلي أنهم يصلون في هذا الموقع منذ سنوات طويلة والكنيسة تخدم 700 قبطي وأن هناك محاولات للعقلاء للتدخل في ظل إصرار البعض علي قيام الأقباط بهدم القباب.
* لا لتنازلات أخري
وأمام هذه المستجدات رفض الأنبا هدار مطران أسوان تقديم أي تنازلات جديدة وحذر من مثيري الفتنة الطائفية الذين يهدفون إلي تعكير صفو العلاقات الطيبة بين الأقباط والمسلمين بأسوان, الذين يتعايشون منذ سنوات طويلة في حب وإخاء.. وأن ما يحدث الآن لا يتفق مع طبيعة الشعب الأسواني لاسيما أن الكنيسة تم إحلالها وتجديدها بالطرق القانونية, وما تنازلت عنه الكنيسة جاء بدافع المحبة من أجل الظروف التي تمر بها البلاد.
وحذر أهالي القرية الأقباط من تزايد عملية الشحن الطائفي بالمدينة لاسيما بعد ظهور تيارات دينية متشددة تسعي لجذب أهالي المحافظة إلي طريق لا يتفق مع طبيعتهم, وتسعي هذه التيارات لإعلاء النبرة الدينية وعدم مراعاة الأوضاع التي تمر بها البلاد عامة وأسوان خاصة بعد تزايد الاحتجاجات والمصادمات بين أهالي أسوان والمسئولين وتزايد احتجاجات النوبيين.
وكانت مصادر أمنية طلبت من الكنيسة عدم الصلاة يوم الجمعة 9 سبتمبر نظرا لانشغال قوات الأمن بالاستعداد لجمعة 9 سبتمبر التي تستعد لتشهد احتجاجات جديدة في مصر تحت مسمي جمعة تصحيح المسار وطالبت الجهات الأمنية الكنيسة أن تمر هذه الجمعة بسلام وبعدها سيتم استعادة الأوضاع ومحاسبة المخطئين لاسيما أن الأوضاع في البلاد لا تسمح بتشتيت الجهود.
* الحاكم العسكري يؤجل حل الأزمة
لم تنجح وساطة الحاكم العسكري بأسوان والمجلس العسكري في إنهاء أزمة كنيسة مارجرجس بالمريناب بعد جلسة عرفية عقدت مساء الخميسبديوان القرية بحضور أقباط ومسلمين وفشلت مساعي الجلسة في إنهاء الأزمة وفك التجمهر حيث هتف المسلمون أثناء الجلسة بضرورة هدم الكنيسة بالكامل فقام الحاكم العسكري بانتهارهم, وأمام المشادات بين الطرفين وإصرار المتشددين علي ذلك رفعت الجلسة دون أي حلول وتم الاتفاق الأمني مع كهنة الكنيسة علي عدم الصلاة يوم الجمعة 9 سبتمبر تحسبا لأي أعمال عنف.. وقالت الجهات الأمنية إنها ستقابل الأنبا هدرا مطران أسوان لبحث الحلول معه ودراسة الأوراق المقدمة بشأن بناء الكنيسة من الجانبين حيث قالت مصادر كنسية إنهم يخشون أن يلجأ المسئولون إلي تلبية مطالب المتشددين بهدم قباب الكنيسة لإرضائهم رغم حصولها علي ترخيص رسمي برقم 42 لسنة .2011
* لجنة العدالة الوطنية بمجلس الوزراء
تقدم الدكتور منير مجاهد منسق مجموعة مصريون ضد التمييز الديني بشكوي للدكتور سيف عبدالفتاح رئيس لجنة العدالة الوطنية بمجلس الوزراء للتحقيق في الواقعة ووقف مسلسل الطائفية ضد المواطنين المسيحيين وحقهم في ممارسة الشعائر الدينية حيث قامت اللجنة بإجراء اتصالات بوزير الداخلية والمجلس العسكري الذي قام بإرسال سيارات وجنود من الشرطة العسكرية لتأمين القرية ومحاولة الوصول لحل لإنهاء الأزمة.
قام الدكتور شريف دوس رئيس هيئة الأقباط العامة بإرسال رسالة لمجلس الوزراء تحذر من الأوضاع في أسوان التي تقف ضد مسيرة التنمية والمواطنة والمساواة ورفض مسلسل الإرهاب ضد حرية العقيدة وطالب بحماية دور العبادة مستشهدا بوثيقة الأزهر الشريف التي نصت علي حماية دور العبادة من المساس بها وحرية الاعتقاد, وأضاف أن مجلس الوزراء أجري اتصالا بالمجلس العسكري لاتخاذ الإجراءات الاحترازية ضد أي محالات لإثارة الفتنة الطائفية.