لم تفتح قلبها إلي .. لكنني شعرت بوجعها الذي رشق في نفسي كالسيف .. لم تتحدث لكنها بعثت برسالة هاتفية قالت فيها كلمتين فقط ## أنا واثقة إن ربنا معايا ## .. لم تنتظر الرد إذ اختارت منهج ## أنتم تصمتون والرب يدافع عنكم ## .. إنها الصديقة الرقيقة الرائعة والصحفية الموهوبة ماريانا عبده التي تجمعني بها صداقة منذ عشر سنوات .. والتي تعرضت للاعتداء بالضرب في ميدان التحرير من قبل بعض البلطجية إثر انتشار شائعة مفادها أنها إسرائيلية .. ساعد علي تصديق الشائعة الملامح الأجنبية التي تتمتع بها ماريانا من عيون ملونة وبشرة بيضاء وشعر بني اللون .. فصدق البعض ما أشيع عن جنسيتها .
ماريانا 28 سنة .. طموحة بطبيعتها دؤوب في عملها إذ إنها تعمل في جريدة وطني منذ عشر سنوات صحفية مسئولة عن صفحة الشباب بالجريدة .. وتعمل مراسلة لقناة سي تي في المسيحية .. متزوجة ولديها طفل و طفلة .. في عمر الزهور ..ربما لم تشأ الحديث عن نفسها لكنني وجدت أنه من منطلق المسئولية الإنسانية أن نتحدث نحن عنها .. فرغم تكذيبها لكل الروايات الملفقة التي نشرت عنها في بعض الصحف الصفراء و تناولت الموضوع فقط علي أنه تحرش جنسي بها وهذا ما نفته ماريانا تماما مؤكدة أن ما حدث محض اعتداء بالضرب لكن بعض الصحف والمنتديات التي نقلت عنها لا تريد أن تصدق ماريانا وكأنهم كانوا حضورا .. وإلي هؤلاء أقول اتقوا الله فسوف يجازيكم عن كل كلمة تبعثون بها إلي الناس .
تجربة قاسية مرت بها الحبيبة ماريانا ..لكنها تجربة جعلتنا نشعر علي حد تعبير ماريانا أننا محمولون علي الأكتاف بالفعل .. ماريانا لم يمسسها أذي ولا أي سوء ولم تصب بخدش .. ولم تتمزق ملابسها .. ولم تحاول الانتحار .. فهي قريبة الصلة بالله ونحن نلمس هذا في تعاملاتها معنا طيلة عشر سنوات .. ماريانا لم تنزل إلي الميدان مرتدية ملابس غير محتشمة .. بل كانت ترتدي بنطلون وبلوزة حشمة .. وما يدعيه البعض عما كانت ترتديه محض إفتراء .. فأنا أشهد شهادة حق أنني علي مدار عشر سنوات من المعرفة والتواجد اليومي لم أر ماريانا عبده ولا مرة واحدة بملابس خارجة ولا حتي متوسطة بل هي دائما محتشمة حتي أنني شخصيا كنت ألومها و أقول لها ## يا عزيزتي لماذا ترتدين ملابس أكبر من سنك فسيأتي وقتها عندما تكبرين ## كانت تبتسم ابتسامة رائعة ملؤها الاقتناع الشخصي وتقول : انا بحب كده ##..مع التحفظ علي حق أي امرأة في الملبس .. ولا يمكن أن تكون الملابس ذريعة للاعتداءات الهمجية أو ذريعة لإفلات الجناة بفعلتهم القذرة .
ماريانا صديقتي الحبيبة ….. بعثت إليك برسالة فحواها أنك لابد أن تظهري عبر القنوات لتوضحي بنفسك ما ينسب إليك كنت حينها أحثك للحصول علي حقك وإخراس الأفواه المتصيدة لكل قبيح ولم أكن أتهمك يا عزيزتي أبدا بأنك أخطأت أي خطأ .. ربما خانني التعبير .. فعذرا واغفري لي .. آه.. لو تعلمين كم شق الحزن صدري حال سماعي خبر تعرضك لذاك الاعتداء الهمجي .. و كم لمت نفسي ألف مرة أنني لم أنزل إلي الميدان في هذه الجمعة وهي المرة الوحيدة التي لم أتوجه إلي هناك فيها .. فمن فرط حبي يا حبيبتي الغالية كنت أتصور أنني لو كنت متواجدة هناك لمنعت عنك الاعتداء ..
ماريانا … اطرحي عن نفسك كل هم .. كل كرب .. كل ضيق .. اطرحي الذكري المريرة والتجربة بعذاباتها .. ولتخرجي منها بخلاصة الحكمة والقوة والعلم اليقين أنك محمولة علي الأذرع كما وعدنا الله .. ماريانا ربما لم أملك أن أقول لك تلك الكلمات بعدما أغلقت هاتفك فترات طويلة فلم أجد وسيلة لتصلك كلماتي إلا أن أكتب إليك من هنا حيث تنفتح القلوب و ترتاح النفوس .. وتستكين الأسرار وتستقيم الحقائق ..فاقبلي أن نشاركك آلامك ووجعك حتي يرحل حزنك عنك فمصر كلها تألمت لآلامك يا بريئة المشاعر .. يا نقية القلب والشكل والجوهر.