مكتبة الإسكندرية ليست مجرد مبني مبهر أشاد بتصميمه العالم أجمع,وإنما هي تمثل مجمعا ثقافيا ضخما ينبض بالحياة كونها معقلا للحوار والتفاهم ومنذ نجاح ثورة 25 يناير البيضاء,أصبح التخبط سمة واضحة في المجتمع المصري,فهناك قوائم سوداء وأخري بيضاء ولم تكن مكتبة الإسكندرية أو العاملون بها بمنأي عن تلك القوائم,ومازالت حتي الآن تواجه اتهامات شتي ,ونحن هنا بصدد رصد لتلك الاتهامات والتحقق من مدي صحتها.
موخرا أثيرت قلاقل ووجهت اتهامات تندد باستضافة المكتبة لقيادات الشرطة السابقين وتكريمهم,وتعالت الأصوات والتظاهرات مطالبين بالقصاص للشهداء..وتوجهنا إلي الأستاذ أشرف مرقص رئيس مجموعة شباب الحياة وهي الجمعية التي نظمت لهذا الحدث..يقول أشرف مرقص:كل ما أتمناه هو تصحيح للصورة المغلوطة التي تناقلتها وسائل الإعلام,جمعية شباب الحياة تضم مجموعة من الشباب السكندري لدينا مشاريع وأهداف طالما تمنينا تحقيقها بل وتعميمها في باقي المحافظات,وكان لابد من تعريف المجتمع بنا عن طريق بعض الأنشطة,وأول تلك الأنشطة كان مؤتمرا بعنوانالشرطة والشعب معا لعودة الأمن والاستقراروكان الهدف عقد مصالحة بين الشرطة والشعب,حتي يعود الأمن والاستقرار للشارع السكندري إضافة إلي أن الحدث في مضمونه كان يتخلله تأكيد علي سلامة الوحدة الوطنية من خلالنا كأعضاء للجمعية ومن خلال الحضور الذين تعدي عددهم مايقرب من 1600 شخص,منهم سبعة من القمامصة ممثلون للكنيسة, وممثل عن المجلس الملي والدكتور جورج يوسف رئيس أقباط المهجر بسويسرا وممثلون عن الأوقاف والأزهر إلي جانب دعوة صفوة المجتمع السكندري ورجال الأعمال والشباب,ومتحدثي المنصة وهم مدير أمن الإسكندرية ورئيس محكمة الجنايات وممثل عن النيابة الإدارية والأستاذ طلعت السادات..
.. ومادامت النوايا طيبة فلماذا كان التعنت والإصرار علي عدم دخول المتظاهرين مما أدي لإشعال الموقف؟
يجيب مرقص قائلا: لتجنب الفوضي حرصنا علي أن يكون الحضور بدعوات ومن لايحمل بطاقة دعوة لايسمح له بالدخول, إلا عندما وصلت إلي مسامعنا الاتهامات الكاذبة أبديت رغبتي في استضافتهم والمشاركة في الحوار حول المستقبل في مصر إلا أن الأمر ازداد سوءا واندست مجموعة من البلطجية كان هدفها إحداث شغب وعمليات تخريبية داخل المكتبة ولهذا اتخذنا القرار بإلغاء المؤتمر,وقمت بالاعتذار لكافة المدعوين.
وماذا كان دور المكتبة؟
يقول أشرف مرقص:المكتبة كانت الجهة التي استضافت المؤتمر في إحدي قاعاتها فقط, إلا أن هناك من ادعي أن المكتبة كانت علي علم بأن قائمة الحضور تضم أسماء بعينها وضعتها الثورة في القائمة السوداء..وتساءل..هل يعقل أن أكرم مثلا وائل الكومي وهو بالسجن؟!ويضيف:لم نكن نهدف إلا للخير وكان هذا جزاءنا.
كلام فارغ..وأكاذيبتلك الكلمات جاءت علي لسان الباحث سامح فوزي نائب رئيس منتدي الحوار بمكتبة الإسكندرية,واصفا اتهاما آخر يؤكد أن سيطرة الإسلاميين علي الحوارات داخل المكتبة أصبحت ظاهرة إلي الدرجة التي يتم الفصل فيها بين النساء والرجال داخل القاعات خلال الندوات واللقاءات التي تعقد.
يقول سامح فوزي:يعمل منتدي الحوار داخل مكتبة الإسكندرية علي دعم كافة الأنشطة التي تقوم بها المؤسسات والمجتمع المدني لخدمة قضايا الحوار والاستنارة,ومنذ قيام الثورة كانت مكتبة الإسكندرية منبرا لشباب الثورة ويشاركون في كافة أنشطتها وتتميز المكتبة بانفتاحها علي كل الاتجاهات والتيارات فنحن لانستبعد أحدا ولانغلق باب الحوار في وجه أحد,وأتحدي أن يقدم أحد أي دليل علي استحواذ أي تيار داخل المكتبة.
ويسترسل فوزي قائلا:عندما نظم منتدي الحوار في مارس الماضي مؤتمرا بعنوانمصر تتغيركانت منصة الحوار تعبر عن كافة التيارات فهناك كان الليبرالي والماركسي والإسلامي ونظمنا ندوات استضفنا فيها شخصيات عديدة منها علي سبيل المثال دكتور عمرو حمزاوي,سعد هجرس,تهاني الجبالي,دكتور قدري حفني…وغيرهم ممن يمثلون تيارات مختلفة داخل المجتمع المصري إضافة لما نقوم بتنظيمه من لقاءات عامة داخل بيت السناري بالقاهرة التابع لمكتبة الإسكندرية.إلي جانب أنشطة المكتبة هناك الكثير من الأنشطة التي تستضيفها مكتبة الإسكندرية وقد يكون بعض هذه الأنشطة يثير القلاقل كما حدث مؤخرا في مؤتمر المصالحة بين الشرطة والشعب..مما يودي إلي اتهام المكتبة بالتواطؤ؟
يجيب سامح فوزي:تشكلت داخل المكتبة لجنة خاصة يرأسها السفير.علي ماهر,وأتشرف بأنني عضو فيها, تقوم تلك اللجنة بفحص كافة الأنشطة التي تستضيفها المكتبة أو تنظمها, ونحن حريصون علي أن تكون كافة الأنشطة تعبر عن التنوع والتعددية وتفسح المجال لكافة الاتجاهات..ويكمل قائلا:الناس مش قادرة تستوعب أن التنوع يقتضي قبول كافة التيارات والاتجاهات ولكن في النهاية يكفي أن يتابعوا أنشطة المكتبة لمعرفة الحقيقة.
** وطني: استرسل سامح فوزي في استعراض أنشطة منتدي الحوارولكنه لم يتعرض بالرد علي السؤال المطروح حول سيطرة الإسلاميين علي الحوارات إلي الدرجة التي يتم الفصل فيها بين النساء والرجال داخل القاعات خلال الندوات…
الإعلام في قفص الاتهام
وفي نفس السياق يؤكد الدكتور خالد عزب مدير إدارة الإعلام بمكتبة الإسكندرية علي أن الإعلام هو المتهم الرئيسي في تداول مثل هذه الإشاعات,ويقول دكتور خالد:إن الإسلاميين أصبحوا محور الاهتمام الإعلامي فقد نظمت المكتبة عددا من الندوات من أبرزها ندوة للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وهو ينتمي لجماعة الإخوان, وبعدها ندوة للدكتور عمرو حمزاوي,وأخري للدكتور عمرو الشوبكي,وينتمي كل منهما للفكر الليبرالي,إلا أن الإعلام لم يقم بالتركيز إلا علي ندوة الدكتور أبو الفتوح وإبراز أهم ما جاء فيها وقد يعود السبب في ذلك إلي ما يسمي بفوبيا الإسلاميين في مصر,وهو ما يمثل هاجسا تجاه التيارات الإسلامية وهو ماخلفه النظام السابق في حين أن التيار الليبرالي الذي يمثل الشخصية الطبيعية المصرية لم يأخذ فرصته بعد.
وماذا عن الاتهام بأن أمن الدولة هو من كان مسئولا عن إدارة كل صغيرة وكبيرة بالمكتبة؟
يجيب الدكتور عزب قائلا:هذا كلام عار تماما من الصحة لم يكن في يوم من الأيام لأمن الدولة دور داخل المكتبة وجهاز أمن المكتبة من الموظفين المعينين من قبل إدارة المكتبة ويتقاضون مرتباتهم من المكتبة وليس من أمن الدولة,والمكتبة هي الجهة الوحيدة التي كانت تدعم الجامعات منذ عشر سنوات في تفعيل فكرة أن يكون جهاز الأمن بها من العاملين فيها.
علي الرغم من تبرئة ذمة الدكتور سراج الدين مدير المكتبة من التجاوزات التي لاحقت حسابات المكتبة إلا أن هناك بعض الأصوات التي طالبت بمحاكمة الدكتور إسماعيل سراج الدين ووصفته بأنهكان حاملا لحقيبة سوزان مبارك..؟
يقول دكتور خالد:نحن الآن نعيش فترة انتقالية تحمل آراء مختلفة وكل شخص له حق التعبير بحرية دون أي تحفظ, وقد قام المجلس العسكري ومجلس أمناء المكتبة بالتجديد للدكتور إسماعيل سراج الدين كمدير لمكتبة الإسكندرية وهذا التجديد مسئوليتهم واختيارهم.
إن الفكر المعماري العظيم دائما مايقودنا إلي إعادة التفكير في المغزي الذي يكمن وراء هذا الفكر وهذا بكل تأكيد ينطبق علي مبني مكتبة الإسكندرية فلا يوجد بالمكتبة أي تقليد للأعمدة الفرعونية أو الأقواس الإسلامية كما لايوجد بالمبني أي زخارف يونانية أو رومانية وذلك لأن المكتبة مبني معاصر يتعلق بالمستقبل أكثر من تعلقه بالماضي وهو ما ننادي به لتحرير العقول وتعزيز قيم الحوار.