ذهابنا للملاعب لمتابعة المباريات والأحداث الرياضية متكرر سواء علي المستوي المهني أو علي مستوي الممارسة والمتابعة الشخصية وعند دخولنا الاستاد الأسبوع الماضي لمتابعة مباراة الزمالك والأفريقي في دور الـ32 لدوري أبطال أفريقيا كان هناك أعداد غفيرة تسعي للدخول أيضا ولكن لفت نظرنا قلة أعداد رجال الأمن والمنظمين مقارنة بمثل هذه المباريات التي تشهد عادة ترقبا وتواجدا جماهيريا كثيفا ولم تجد أي دقة في تفتيش المشجعين للتأكد من عدم حملهم لأي أسلحة أو أشياء قد تضر بالآخرين.
ما زرع الطمأنينة في نفوسنا الجو الأسري الرائع والروح الرياضية الجميلة بين المصريين والتوانسة عند دخولهم وفي تعليقاتهم الحميمية وقد كنا نحن ضمن هؤلاء إلي أن تفرقنا للدخول كل في المدرج المخصص له.
وفي داخل الملعب كانت المدرجات تضج بالمشجعين بقيادة رابطة محبي نادي الزمالك التراس الوايت نايتس ولكن في صورة مثالية كرنفالية لم تكن تنبئ إطلاقا عن وقوع أي تجاوزات فالدخلات رائعة والهتافات مهذبة تفخر بالثورتين المصرية والتونسية بل تحمل تحية وحبا جارفا لفلسطين.
ولكن ما كان يدعو للدهشة أيضا ندرة رجال الأمن داخل المدرجات وما بينها وبين الملعب مع عدم تواجد لأي من رجال البحث الجنائي الذين كانوا يتواجدون ما بين الجماهير بملابسهم المدنية العادية وأجهزتهم سريعة الاتصال بقياداتهم عند بداية وقوع أي شغب حتي يتم تلافيه بسرعة, فتوجست خيفة.
نعم قد كان هناك شماريخ وإشعال للنيران بل وماكينة صواريخ وطلقات قد تكون فشنك ولكنها حتي تلك اللحظة في نهاية المباراة لم تتسبب في أزمة وإن كان الجو العام غير معهود من قبل إلي أن احتجت الجماهير علي الحكم الجزائري محمد مكنوز فكانت الشرارة الأولي نزول أحد المشجعين لأرض الملعب وأثناء محاولة اللاعبين والجهاز الفني إخراجه كانت الجماهير تتدافع بكثرة إلي الملعب وبعضهم يحمل عصيا كبيرة الحجم ورايات الملعب واندفعوا ناحية الحكم ولاعبي الأفريقي شارعين في الاعتداء عليهم ولولا الموقف المشرف والبطولي للجهاز الفني ولاعبي الزمالك خاصة أحمد جعفر وهاني سعيد لحدث خسائر في أرواح اللاعبين وأجهزتهم والحكام ولم يسلم بعض لاعبي الزمالك من الاعتداء ونظرا لقربنا من الملعب في آخر نقطة من المقصورة الأمامية فكان باب النزول للملعب بجوارنا فشهدنا مشادة حادة بين مشجع يريد النزول لابنه بأشبال الزمالك والمتواجد بالملعب وضابط شرطة برتبة رائد أسقط في يده فلم يستطع أن يخالف التعليمات بفتح الباب وفي نفس الوقت المشجع علي وشك الاعتداء عليه لهفة علي ابنه لولا أننا تدخلنا لنزوله هو فقط لإنقاذ ابنه وبعدها بدأ إلقاء العصي والحجارة تجاهنا فتدافعنا مع باقي الجماهير خارج الاستاد.
علي الجانب الأمني أكد اللواء فؤاد علام وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق أن ما حدث من تجاوزات يؤكد علي حالة الانفلات الأمني التي تعاني منها البلاد حتي الآن مشيرا إلي أن التواجد الأمني قليل بالفعل إلي جانب خوف رجال الشرطة في استخدام العنف ضد المخربين لأن الصورة الذهنية السيئة للجهاز تخلق تعاطفا مع الجمهور العادي حتي لو كان مخربا وأشار علام إلي أنه يجب أن تشارك القوات المسلحة في تأمين المباريات المقبلة مع جهاز الشرطة وتقليل أعداد الجماهير مع الخضوع لتفتيش دقيق علي البوابات.
أما التحليل النفسي لما حدث فيقول الدكتور ناصر لوزا أمين عام الصحة النفسية إن ثقافة المجتمع لا تتمشي مع حجم الحرية الحالية فعلو الصوت أصبح شطارة بعدما كانت هذه الأجيال محكومة بعنف منذ سنوات فالحرية تأتي معها مسئولية تجاه الآخرين وهذا ما كانت تقوم به الشرطة التي بقلة تواجدها أصبحت الجماهير تتعامل مع بعضها دون احترام, وأهم شيء يجب أن نبدأ به الآن وبقوة هو إصلاح التعليم المتدهور وهذا يحتاج من 3 سنوات إلي 20 سنة لكن يجب أن نبدأ فورا.
ومن مجلس إدارة نادي الزمالك يؤكد الدكتور عبدالله جورج عضو المجلس أن شيئا مدبرا قاد هذه الأحداث المؤسفة التي وضعت نادي الزمالك في موقف عصيب ينتظر بعدها عقوبات نأمل أن ينظر بها الاتحاد الأفريقي بعين الرأفة لظروف البلاد ولما قامت به إدارة نادي الزمالك وجماهيره ولاعبوه وجهازهم الفني بقيادة حسام وإبراهيم حسن – اللذان هما بعيدان كل البعد عن اتهامات التحريض – وهو ما قوبل بالشكر والعرفان من الأشقاء التوانسة وأكد جورج علي نظافة تاريخ الزمالك أفريقيا ملقيا كل المسئولية علي الأمن.
أما الكابتن عزمي مجاهد مدير الإعلام باتحاد الكرة فيؤكد أن ما حدث هو انفلات وقصور أمني وخروج علي النص قد يكون مرتبا ولكن بعيدا عن اتهامات مسئولي الجهاز الزملكاوي مشيرا إلي أن عودة الدوري ستكون أبلغ رد علي البلطجية بعد تأكيد الجيش والداخلية علي الضرب بقوة علي الخارجين علي القانون والأعراف الرياضية.