تزداد درجة حرارة الكرة الأرضية يوما بعد يوم…يحاول البعض الحد من تلك الزيادة…والبعض الآخر لا يفعل شيئا.وكل ما يبذل من جهد غير كاف وغير فعال تجلي, هذا بوضوح في قمة كوبنهاجن الأخيرة التي عقدت بالدنمارك وانتهت بالفشل..هكذا بدأراسموس فينستز الخبير الدنماركي في مشروعات الطاقة والتغير المناخي حديثه بالصالون العلمي بنقابة الصحفيين, والذي عقد تحت عنوان ماذا بعد قمة كوبنهاجن؟ وقال:كوبنهاجن 2009 أكبر لقاء في تاريخ البشرية استهدف مواجهة التغيرات المناخية.وضم250 دولة منها الدول التي وقعت علي اتفاقية التغير المناخي عام92 والمعروفة باسم بروتوكولكيوتو وهي الاتفاقية الوحيدة الموجودة عن التغير المناخي حتي الآن.وكان أهم بنودها أن تتعاون كل الدول لوضع حدود الانبعاثات الحرارية, وحددت فترة تحقيق هذا البند من عام 2008 حتي عام 2012. والوقوف علي ما حدث لتحقيق هذا البند وكيفية إمداد المرحلة الأولي من البروتوكول كان ضمن أهداف قمة كوبنهاجن.
اختيرت الدنمارك لعقد القمة بالرغم من أنها ليست من الدول الكبري كي تكون وسيطا بين الدول المتقدمة والدول النامية. وأخذ العالم في إعلاء سقف توقعات القمة, ثم جاءت الاجتماعات الممهدة للقمة بطيئة مما أكد لنا أننا لن نخرج بحلول نهائيه. وكانت بداية المشكلات إلغاء التوصيف القانوني لنتائج القمة واستبداله بالتوصيف السياسي.فالقانوني سيجعل الاتفاقية ملزمة للجميع ولا رجعة لها, أما الاتفاقية السياسية فمن الممكن أن تتراجع عنها الحكومات, وتسبب تحويل التوصيف إلي غضب الجمعيات والمعاهد المهتمة بهذه القضية.
أسباب الفشل
ثم ظهرت المشكلة الثانية وهي أن محرري اتفاقية القمة أعدوها في ملفات وصلت إلي أكثر من 300 صفحة, فكان من الصعب أن توافق الدول عليها, فحاولت حكومة الدانمارك بتجهيز نص آخر للاتفاقية, ولكنها أدخلته إلي القمة بطريقة خاطئة, مما أدي إلي تسربة للإعلام قبل عرضه علي القمة, وأغضب مضمون النص الدول النامية, مما أدي إلي عدم استقرار النقاشات بين الدول.
أصدقاء القمة
بعد ذلك قدمت الدنمارك خطة أخري لإنجاح المؤتمر, وهي عمل مجموعات مختارة من الدول لتمثلها,وأطلقت عليهاأصدقاء المؤتمر وكان عددها 25دولة.فمثلا تم اختيار ممثل عن أفريقيا وممثل عن الجزر الصغري وممثل عن أمريكا وهكذا…وسار العمل حتي اليوم قبل الأخير من القمة, حيث جاء رؤساء الدول ليوقعوا علي الاتفاقية ولكنهم لم يجدوا نصا محددا يمكن أن يوقعوا عليه, فقرروا أن يجتمع الرؤساء لوضع النص.وبالفعل قدمت الحكومة الدانماركية دعاوي الاجتماع للرؤساء فأرسلتها بتسلسل الحروف الهجائية, مما أثار غضب الدول التي وصلتها الدعاوي في وقت متأخر, وكان من أهمها الصين, لذا أرسلت ممثلا غير معروف علي الإطلاق عنها في الاجتماع الذي حضره أكبر رؤساء العالم.
كتب الرؤساء النص بأنفسهم, وبذل الرئيس الأمريكي باراك أوباما جهدا في التواصل واللقاء بالآخرين لتجهيز النص. وفي يوم ختام القمة أعلن أوباما أن القمة لن تتوصل لشئ قوي, ولكن هناك شيئا ما يمكن الاتفاق عليه وهو ما وقعت عليه الدول الخمس والعشرون والتي عرفت بأصدقاء القمة.ولكن كان لابد بعد ذلك أن توقع كافة الدول المشاركة في القمة علي نص الاتفاقية, كل دولة علي حدة.وهناك دول رفضت نص الاتفاقية ولم يوقع عليها حتي الآن سوي 100دولة من أصل 250 دولة مشاركة بالقمه.
كانت نتيجة القمة وجود ملف سيؤخذ في الاعتبار (في القمة التالية مكون من ثلاث صفحات) لايحمل أي الزام قانوني- أهم بنوده عدم ارتفاع الحرارة عن درجتين مئويتين ووضع مواعيد محددة لتقليل الانبعاثات, وخطط للتكيف مع التغير المناخي وأموال ستذهب للدول النامية للتكيف مع التغيرات المناخية.لكن وجود دول معارضة للاتفاقية يعرقل تحقيق نتائجها.
أضاف الخبير الدنماركي قائلا: في النهاية فشلت القمة وفشل نظام الأمم المتحدة في التوصل لاتفاقية سواء كان ذلك بسبب إهمال الدول الكبري والمسئولة عن التغير المناخي, أو بسبب عراقيل وضعتها الدول النامية في طريق المفاوضات, أو بسبب تغيير الجغرافيا السياسية للنقاشات بعد ظهور الدول القوية كالبرازيل والهند وجنوب أفريقيا, أو بسبب فشل حكومة الدانمارك المستضيفة للمؤتمر. ففي النهاية أصاب الإحباط الكثيرين. لكن الحركة السياسية في قضية التغير المناخي مازالت مستمرة, فعقد مؤخرا اجتماع في مدينة بون بألمانيا لإعادة بناء الثقة بين الدول المتقدمة والنامية, وهناك اجتماعات كثيرة عقدت في الهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا, واجتماعات أخري في المكسيك.فالخط السياسي مازال مستمرا حتي وإن كان ببطء, وبدلا من أن ننتظر نتائجة يمكن أن نفعل نحن كأفراد وهيئات ومؤسسات شيئا, ويمكن أن نقوم بأدوار كثيرة.
دور القطاع الخاص
فالقطاع الخاص يمكن أن يساعد في مواجهة مشكلة التغير المناخي من خلال الابتعاد عن مبدأ الربح فقط.
الثورة الخضراء
الثورة الخضراء…أي تغيير طريقة تفكيرنا باتجاه استخدام الطاقة وهناك دول تدعي إنها تتجة نحو الطاقات النظيفة, في حين إنها مازالت تركز علي الطاقات الملوثة.توجد دراسة علمية أشارت إلي إننا لا يجب أن نستخرج أكثر من 60% من كمية البترول والفحم التي نحتاجها لنوقف التغير المناخي, والنقاشات الدولية يجب أن تتناول وتحدد الدول التي تستمر في استخراج الوقود من الأرض الدول التي يجب أن تتوقف وكيف يمكن تعويضها عن ذلك.