##اليوم تكون معي في الفردوس## (لو 43:23).
حينما ارتفع رب المجد يسوع علي خشبة الصليب, وسفك دمه من أجلنا غفرانا لخطايانا, انفصلت نفسه الإنسانية من جسده, غير أن لاهوته لم ينفصل قط, لا من نفسه, ولا من جسده.
ذلك لأن الرب يسوع – كونه الله ظاهرا في الجسد – كان لاهوته متحدا بناسوته منذ لحظة تجسده في أحشاء العذراء مريم. وناسوته مكون مثلنا من نفس وجسد…
فلما مات الرب يسوع علي الصليب, مات طبعا بحسب ناسوته, لأن اللاهوت لا يموت. ولما حدث ذلك, انفصلت نفسه الإنسانية من جسده (كما يحدث للإنسان عموما)… لكن.. لأنه الإله المتجسد, ولأن لاهوته لم ينفصل قط عن ناسوته لحظة واحدة, ولا طرفة عين (القداس الباسيلي), استمر لاهوته متحدا :
1- بالجسد المسجي في القبر.
2- وبالنفس التي نزلت إلي الجحيم كما كانت تنزل أنفس الأبرار, قبل إتمام الفداء.
نزول الأنفس الإنسانية إلي الجحيم
قبل الصليب, كانت كل الأنفس الإنسانية تنزل إلي الجحيم, سواء كانت نفوسا بارة أو شريرة! وهذا كان واضحا في العهد القديم, كما ذكر لنا السيد في قصة الغني ولعازر, حيث لما مات الغني البعيد عن الله, ثم لعازر المسكين, ذهبت نفساهما إلي الحياة الآخرة, الغني في الهاوية يتعذب, ولعازر في حضن إبراهيم يتعزي. وكان الغني يري من بعيد أبانا إبراهيم, وفي حضنه لعازر, أما هو فكان ##معذبا في اللهيب##.
ولكن كان من الممكن أن يتحدث الغني إلي أبينا إبراهيم, ويجري معه حوارا حول لعازر, وطلب منه أن يرسل لعازر إليه ##ليبل طرف أصبعه بماء, ويبرد لسانه##. لكن إبراهيم قال: ##اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك, وكذلك لعازر (استوفي) البلايا. والآن هو يتعزي, وأنت تتعذب. وفوق هذا كله بيننا هوة عظيمة قد أثبتت, حتي إن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون, ولا الذين من هناك يجتازون إلينا##. فلما طلب الغني من أبينا إبراهيم أن يرسل لعازر إلي إخوته علي الأرض, ليشهد لهم, لكيلا يأتوا إلي موضع العذاب. قال له أبونا إبراهيم: ##عندهم موسي والأنبياء… إن كانوا لا يسمعون من موسي والأنبياء, ولا إن قام واحد من الأموات يصدقون## (لو 19:16-31).
كانت ##الهاوية## أو ##الجحيم## (مكان انتظار الأرواح الشريرة) مكانا يجمع الأرواح البارة والشريرة معا – بصفة مؤقتة – لحين إتمام الفداء, لأن ##الفردوس##, وهو مكان انتظار الأرواح البارة, كان مغلقا, وتحرسه الملائكة (تك 24:3).
لذلك يذكر الكتاب المقدس أن: ##الأشرار يرجعون إلي الهاوية## (مز 17:9), والأبرار أيضا كانوا ينزلون إليها – مؤقتا لحين الفداء – لذلك قال يعقوب: ##إني أنزل إلي ابني نائحا إلي الهاوية## (تك 35:37), وقال داود: ##لأنك لن تترك نفسي في الهاوية## (مز 10:16), وذلك علي أساس إيمانه بالفادي الذي سيخرجه من هذا المكان, وكذلك كنبوة عن السيد أنه سيعبر في الهاوية _ مؤقتا – ليأخذ الأبرار المسبيين هناك, وينتقل بهم إلي الفردوس.