السكن الكريم يرتبط بحقوق الإنسان وتمكينه واحترام إنسانيته
فازت مؤسسة الحياة الأفضل للتنمية الشاملة بالمنيا بجائزة هابيتات العالمية عن برنامجها حركة الإسكان المحلية عن أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بعد منافسات صعبة مع عشرات المؤسسات الأهلية من دول عديدة متقدمة في العمل الأهلي من أبرزها:الهند والبرازيل والأرجنتين وبيرو وكوبا وغيرها.والجائزة مقدمة من مؤسسة البناء والإسكان الاجتماعي بلندن وتبلغ قيمتها 10 آلاف جنيه إسترليني وكأس من الفضة منقوش عليه اسم المؤسسة والبرنامج الذي فازت من خلاله.
تسلم الجائزة ماهر بشري رئيس مجلس أمناءمؤسسة الحياة الأفضل للتنمية الشاملةبالمنيا في احتفال عالمي أقيم بمدينةشنغهايالصينية في 4 أكتوبر الماضي في احتفالية الأمم المتحدة تحت شعار مدينة أفضل حياة أفضل.
وبرنامجحركة الإسكان المحليالذي تنفذه مؤسسة الحياة الأفضلبالمنيا بدأ عام 1997 في العديد من القري بالمنيا,لتحسين المساكن والخدمات الأساسية بها وتأمين الملكية وبناء مهارات البناء وتطوير فرص التدريب بهدف تحسين نوعية حياة السكان وفرص كسب العيش ورفع وعي الأهالي بالحقوق القانونية فيما يتعلق بملكية الأراضي.
ويعمل البرنامج مع عمال المحاجر والصيادين والمزارعين محدودي الدخل والأسر التي تعولها النساء في أفقر المناطق في قري المنيا حيث حالة المساكن غير ملائمة فالمنازل مبنية من الطين وعمرها يزيد عن خمسين سنة ولايمكنها الصمود أمام تقلبات الطقس والأحوال الجوية وحيث لاتصل مياه الشرب ولا الكهرباء إلي كثير من المساكن التي تفتقر إلي أبسط الخدمات الأساسية.
بناء وتحسين 7 آلاف مسكن
وحتي الآن تم بناء 400 منزل وتحسين حوالي 600 منزل وتوصيل المياه وتركيب مراحيض صحية لنحو 6 آلاف أسرة تضمنت التحسينات التي أدخلت علي المنازل الفصل بين الحظائر والمنازل,وصب أسقف وتوصيل الكهرباء وتركيب أبواب وشبابيك ويعمل البرنامج علي تمكين النساء ودعم الحقوق الاجتماعية والصحية للمرأة وتنمية الوعي القانوني بحقوق المساكن والملكية.
يقول ماهر بشري رئيس مجلس أمناءمؤسة الحياة الأفضل للتنمية الشاملةبالمنيا:نقصد أن نؤثر في حياة الناس وأن نغير حياتهم إلي الأفضل ونعمل مع أفقر الفقراء نسمع لهم ونفكر معهم ونخطط معهم من أجل التغيير ونخطط لسد احتياجات أفقر الفقراء مكن السكن الملائم والمياه النقية والمراحيض الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية,نعمل معهم بشكل دؤوب وهم يشاركون معنا مشاركة فعالة لحل المشاكل بطرق إبداعية غير تقليدية.
ويضيف:سنخصص قيمة الجائزة لخدمة الفقراء في تحسين مساكنهم من أجل حياة أفضل للناس والمجتمعات التي يعيشون فيها ومن أجل المزيد من الشعور بالسلام والأمن والكرامة الإنسانية.
تحقيق الخصوصية والكرامة للأسر
حقق البرنامج آثارا طيبة حيث نجح في إجراء تحسينات علي مساكن كثير من الأسر مما قلل من معدل انتشار الأمراض وحقق الشعور بالاستقرار والسلامة والخصوصية والكرامة للأسر,بالإضافة إلي تمكين المجتمع المدني المحلي من المناداة بحقوقه في السكن الملائم والأرض,كما أثر البرنامج في الممارسات الحكومية التي تغيرت إلي الأفضل حيث بدأت محافظة المنيا في توفير مياه الشرب لمن لايستطيعون تحمل تكلفتها في بعض المدن,وألغت بعض السياسات الضريبية للمحليات حيث تم إعفاء الفقراء من دفع ضرائب ورسوم جزافية.
التنمية المتكاملة للمجتمعات المحلية
ومن الجوانب الابتكارية لبرنامج الإسكان المحلي مشاركة الأسر المعيشية منخفضة الدخل في تحمل مسئولية تحسين مساكنهم, استخدام منهج التنمية المتكاملة الذي يتضمن تحسين ظروف المعيشة المادية وتقديم المساعدة القانونية ورفع الوعي بالصحة والقضايا البيئية وتمكين النساء وتفعيل دورهن في المجتمع ,تدريب عمال البناء المحليين علي استخدام مواد البناء وتقنياتها الملائمة بيئيا,وإقامة شراكة مع القطاع الخاص لتمويل تنفيذ توصيل المياه وخدمات الصرف الصحي وتحسين المنازل وبناء قدرات منظمات المجتمع المدني لضمان استمرارية المشروع ورفع وعي الفئات المهمشة وتمكينها من المطالبة بحقوقها القانونية في ملكية الأرض والسكن.
ومن الشهادات الحية لبعض المستفيدات من البرنامج تقول سيدة تم تحسين مسكنهاالبيت كان من الخوص وكنا قاعدين تحت القش,صبينا مسلح وأخذنا قرض 3 آلاف جنيه لبناء السكن والبيت بقي ميه ميه.
وتقول سيدة أخري:كان البيت مبنيا من طين وطوب ني اتصب وبقي باشا.تقول سيدة أخري:كنا نخجل عندما يأتي لزيارتنا ضيوف وكان البيت قبلا عبارة عن حجرة واحدة وحاليا أصبح نظيفا وأوسع.
سيدة أخري من قرية بني خالد التابعة لمركز سمالوط تقول:البيوت بدأت تنضف وبناء البيت سترنا لأن عندنا بنات وبدأنا نشرب ميه نظيفة وصحية بعد أن كنا نشرب من النيل تركيب الحنفيات داخل البيوت فرق معانا كتير وارتحنا كلنا.
أما عن الآثار البيئية للبرنامج فهي كثيرة حيث يستخدم البرنامج مواد بناء من البيئة المحلية مما يقلل من تدهور الأراضي الزراعية المحيطة والبيئة إلي الحد الأدني مكنت التصميمات التي نفذها البرنامج من دخول ضوء النهار والتهوية إلي المنازل قل معدل تلوث موصلات المياه والأراضي الزراعية بالمخلفات البشرية,درب البرنامج الصيادين علي الحد من تلوث النيل والصيد الجائر.
ومن أهم الآثار الاقتصادية للبرنامج توظيف عمال من المجتمعات المحلية للقيام بأعمال البناء وتدريب 25 عامل بناء محلي علي استخدام المواد المتوافرة محليا مما أتاح فرص عمل جديدة وأسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي,تقليل تكلفة البناء حيث يمكن البرنامج الأسر الفقيرة من الحصول علي تمويل عن طريق قرض من الصندوق الدوار.
الآثار الاجتماعية للبرنامج من أهمها:يدير المشروع القادة المحليون والمتطوعون مع المواطنين و16 منظمة قاعدية لزيادة المشاركة ,وإنشاء حركة للإسكان للدفاع عن حقوق الإنسان فيها,يقدم المشروع أعمال تطوير وإعادة إنشاء لضمان استمرارية العلاقات الاجتماعية والممارسات الثقافية ,دمج جميع فئات المجتمع في المشاركة حيث يعمل معا الرجال والنساء والأطفال والشباب,كما تم تجاوز الفواصل الدينية حيث شارك المسلمون والمسيحيون في بناء مساكن بعضهم البعض,تنمية وعي أكثر من مائة امرأة ودعم حقوق النساء الاجتماعية والصحية في المجتمعات المحلية,وتدريبهن علي التواصل الاجتماعي والتعبير عن الرأي,تراجع حالات العنف الأسري وزيادة الاستقرار بعد تحسين نوعية حياة السكان,بناء القدرة المؤسسية لمنظمات غير حكومية أخري مثل جمعية وادي النيل لرعاية عمال المحاجر وجمعية الأمل لتنمية المرأة وتقديم التدريب للدعم الفني والمهني لهذه المؤسسات,تنظيم السكان وتمكينهم وتبني أفكارا واتجاهات وسلوكيات جديدة تناهض الختان وتشجع علي المشاركة في الحياة العامة.
الدروس المستفادة
يمكن الاستفادة من برنامج الإسكان المحلي واستلهام العديد من الدروس من خبراته في تمكين الفقراء من تخطيط منازلهم وبنائها,وتمكينهم من الاقتراض ومساعدتهم علي سداد قروضهم,العمل التعاوني مع الجيران والدعم المتبادل يقلل التكاليف ويزيد من الإحساس بالتضامن والتكافل الاجتماعي ,خفض تكاليف البناء من خلال تدريب العمال المحليين علي استخدام المواد المتاحة محليا وتقنيات البناء البسيطة بالإضافة إلي أن ذلك يؤدي إلي الحد من التدهور البيئي والثقافي,دعم حقوق الفقراء وتقديم المساعدة القانونية لهم ووضع أولويات سليمة لخطط التنمية يسهم في تحسين أوضاع الفقراء كما يساعد علي محاصرة الفساد,السكن الكريم ليس مجرد قروض أو مواد بناء بل يرتبط بحقوق الإنسان وتمكينه واحترام إنسانيته.
وعن كيفية التقدم للمنافسة علي جائزة هابيتات يقول ماهر بشري:سافرت إلي كندا لحضور مؤتمر عن حركة البناء والإسكان وألقيت كلمة نيابة عن مؤسسة الحياة الأفضل وبعدها بشهور ترجمت إلي اللغة الإنجليزية ووضعت علي موقع هابيتات علي الإنترنت,ثم وصلنا إعلان عن تخصيص جوائز تقدمها مؤسسشة البناء والإسكان الاجتماعي بلندن,وقد قررنا أن نجتهد ونخوض التجربة ولن نخسر شيئا وقد قمنا بتوثيق برنامج الإسكان المحلي بشكل جيد,نجحنا في تجاوز المرحلة الأولي للتصفيات ثم زارنا وفد من المحكمين العالميين وأقام لمدة أسبوع لتقييم تجربة مؤسسة الحياة الأفضل للتنمية الشاملة,وكان يقضي معظم ساعات اليوم في تقييم البرنامج بجميع تفاصيله وجزئياته الدقيقة,وكان لدينا أمل في الفوز وقد تحقق بعد قيام لجنة المحكمين الدوليين التابعة للأمم المتحدة بتقييم تجربتنا وتقديم تقاريرها الفردية والجماعية وفزنا عن أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وهذا شيء جيد ومفيد أن مؤسسة صغيرة في المنيا تعمل في بعض القري تستطيع أن تحصل علي هذه الجائزة العالمية التي فازت بها مصر.وقد أدركت أن العمل الجيد يسوق نفسه ويمكنه المنافسة والفوز وقد نشر عن المؤسسة العديد من التقارير باللغة الصينية والإنجليزية وهذا شرف كبير لنا ودافع لنا لمزيد من العمل والإنجاز من أجل حياة أفضل للناس والمدن,فكلما بنينا مساكن كلما أسهمنا في بناء السلام والأمن والكرامة للناس.