أكد زهير جرانة وزير السياحة أن أهم العوامل لاستمرار السياحة كصناعة حيوية ومؤثرة هو إيجاد طريقة لإنماء هذه الصناعة والاستفادة منها دون إغفال لأهمية الحفاظ علي الأخلاقيات مع الاستدامة في التنمية السياحية.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها وزير السياحة في المؤتمر التاسع للجنة أخلاقيات السياحة التابعة لمنظمة السياحة العالمية والذي عقد بالتعاون مع وزارة السياحة مؤخرا بمدينة بالأقصر.
استهل جرانه كلمته بالتأكيد علي أن العالم يشهد في الوقت الراهن تغيرات جذرية سواء علي المستوي الاقتصادي أو البيئي وهو ما يبدو من خلال التغيرات في التوجهات والسياسات التي تحكم الأسواق والعملاء وأيضا البيئة من حولهم, مشيرا إلي أنه بالرغم مما يشهده العالم من تغيرات إلا أن هناك ثوابت لا يمكن تغييرها ومن بينها الأخلاقيات, مدللا علي ذلك بأن يتم عقد هذا المؤتمر في مدينة الأقصر خاصة وأن هذه المدينة التي نجحت علي مر السنوات في تحدي التغيرات.
وأضاف جرانة أن السياحة أصبحت الآن واحدة من أهم الصناعات,مشيرا إلي أنه في أعقاب التعافي من الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية فإن المساهمة الفعالة للسياحة في هذا التعافي أدت إلي إضفاء المزيد من الأهمية لهذه الصناعة.
أشار وزير السياحة إلي أن السياحة تعتبر من أهم وسائل نشر السلام وتبادل الثقافات بين الشعوب, أما علي المستوي المحلي فالسياحة لها العديد من المساهمات مثل نمو الدخل من العملة الأجنبية وزيادة دخل الأفراد وخلق العديد من فرص العمل, إلي جانب دعم القطاعات الاقتصادية الأخري, علاوة علي دورها المهم في المساهمة في تحقيق أهداف التنمية للألفية الحالية والتي تشمل محاربة الفقر والحفاظ علي البيئة.
أوضح أن للسياحة وجها آخر سلبيا يظهر عندما تنمو صناعة السياحة وتتوسع دون النظر إلي حماية البيئة أو الحفاظ علي التراث والتأثيرات المجتمعية,ويتعين اتباع أسلوب مسئول حتي يتسني تجنب ظهور هذا الوجه السلبي,علاوة علي ذلك فإنه في وقت الأزمات الاقتصادية يعتبر الحفاظ علي معدلات التنمية بشكل مستديم وأخلاقي تحديا حقيقيا.
وتطرق جرانة للحديث عما حققته السياحة المصرية حيث أصبحت خلال الستة أعوام السابقة من أسرع الصناعات نموا, مشيرا إلي أن السياحة تساهم بـ 11.3% من إجمالي الناتج المحلي علاوة علي 19% من الدخل من النقد الأجنبي و12.6% من إجمالي القوي العاملة المصرية. وعن عام 2009, أوضح جرانة أنه بالرغم من تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية فإن السياحة المصرية استطاعت تحقيق 10.7 مليار دولار كدخل سياحي و12.5 مليون سائح, ومصر تسعي لتحقيق هدف 25 مليون سائح و250 مليون ليلة سياحية بحلول عام 2020, مشيرا إلي أنه من الممكن تحقيق هذه الأرقام قبل حلول .2020
أشار إلي أنه من أصعب التحديات التي تواجه الوزارة جذب عدد أكبر من السائحين لزيارة مصر دون التأثير علي الحياة الطبيعية وهو توازن ليس من السهل تحقيقه نظرا لحساسية صناعة السياحة حيث تتأثر بعدد كبير من العوامل المحيطة مما يجعل مهمة المحافظة علي أخلاقيات السياحة ليست سهلة لتحكم عدد كبير من القطاعات بها, مضيفا أن ذلك لا يعني التوقف عن المحاولة بل بذل المزيد من الجهد وابتكار طرق جديدة والسعي حتي يتم تحقيق النتائج المرجوة وهي الزيادة في أعداد السائحين مع الحفاظ علي الاستدامة, مؤكدا علي أن الوزارة تسعي جاهدة لحل هذه المعادلة الصعبة.
وأكد أن إصدار الميثاق العالمي لأخلاقيات السياحة كان نقطة تحول حيث وضع الإطار الذي تعمل من خلاله المقاصد السياحية لتحقيق ##السياحة المسئولة##, وأكد أن مصر لا تألو جهدا في أن يكون الحفاظ والترويج لأخلاقيات السياحة يسير جنبا إلي جنب مع تطور هذه الصناعة والتماشي مع متطلباتها المتغيرة.
أكد أن مصر لها السبق في العديد من المبادرات العالمية المؤثرة مدللا علي ذلك بالحملة التي أطلقت في العديد من القنوات التليفزيونية وعلي رأسها CNN تحت عنوان ## أوقفوا الإتجار بالبشر فورا## وهي الحملة الأولي من نوعها ويرعاها حوالي 11 ألف شركة عالمية وأطلقتها حركة ##السيدات العالمية للسلام## والتي ترأسها السيدة سوزان مبارك والتي كان لها الفضل في دعوة مجتمع الأعمال الدولي لبذل الجهد في مكافحة الإتجار في البشر وإنشاء شبكة متكاملة لمساعدة وتقديم الخدمات لضحايا الإتجار وذلك بالرغم من عدم تأثر مصر بهذه المشكلة بشكل كبير حيث إن مصر تؤمن بأهمية تولي دور مؤثر وفعال تجاه المجتمع الدولي, مشيرا إلي أن النظام التشريعي في مصر وضع تشريعات في العمل علي التصدي لهذه الظاهرة والتي تحمل في ثناياها استغلال الأطفال والتحرش الجنسي. كما تقوم أيضا حركة ##السيدات العالمية للسلام## بالعمل علي بناء مجتمعات آمنة عن طريق تمكين المرأة من أن تكون عضوا مؤثرا إيجابيا في المجتمع وذلك عن طريق تنمية مهاراتها وتعظيم دورها اقتصاديا.
أضاف أن القواعد التي تم وضعها للحفاظ علي استدامة السياحة في مصر يتم تطبيقها حاليا بشكل فعال وهناك تقدم كبير تم إحرازه في هذا المجال حيث قامت وزارة السياحة بفرض قواعد صارمة علي جميع القطاعات التابعة ويتم تطبيق أقصي العقوبات علي من يخالف هذه القواعد سواء كان من منظمي الرحلات أو الفنادق والتي قد تصل لإيقاف النشاط الكامل وسحب التراخيص , مشيرا إلي أن هناك خطة للتنمية السياحية المستدامة موضوعة ويجري العمل بها حتي عام 2025 حيث يتم من خلالها التعرف علي المناطق الواعدة سياحيا وكيفية تطويرها بشكل مناسب بيئيا واجتماعيا وثقافيا,فمثلا قامت مدينة الجونة وهي أحد المنتجعات السياحية الواعدة التي تقع علي البحر الأحمر بإطلاق مبادرة ##النجمة الخضراء## وهي التي خلقت أول نظام متكامل لإدارة الفنادق, بهدف التوسع فيها محليا وعلي مستوي الشرق الأوسط, مؤكدا علي أن الجونة الآن في طريقها لتكون أول مقصد للطاقة المتجددة في العالم. كما أشار إلي الخطوات التي تم اتخاذها لتحويل شرم الشيخ إلي مدينة خضراء بحلول عام 2020 وذلك من خلال تقليل انبعاثات الكربون وإدارة المخلفات الصلبة والتأكيد علي الحفاظ علي جودة الحياة البحرية, علاوة علي ذلك فإن هيئة تنشيط السياحة تقوم بتنشيط وترويج المنتجات والمقاصد الجديدة والخاصة بالسياحة البيئية, كما تم إنشاء غرفة للغوص والرياضات المائية تحت مظلة الاتحاد المصري للغرف السياحية حيث تقوم هذه الغرفة بمتابعة تطبيق المعايير العالمية للرياضات المائية والغوص حتي يتسني توفير الأمن والسلامة لجميع الغواصين وذلك بالتعاون مع الجانب النمساوي وتماشيا مع معايير الأيزو.
وتقوم الوزارة بدعم ومؤازرة المبادرات التي تساعد في الحفاظ علي الهوية المحلية مثل مهرجان شخصيات مصرية السنوي الذي تم تنظيمه ثلاثة أعوام متتالية وضم سبع قبائل مصرية مختلفة, كما تم إطلاق حملة موسعة للمرة الأولي في سيناء والبحر الأحمر تهدف إلي خلق ثقافة الضيافة تجاه السائحين, علاوة علي ذلك فإن الوزارة تدعم وتؤازر أكثر من عشرين برنامجا تدريبيا وذلك بالتعاون مع أفضل المؤسسات العالمية وذلك ضمن الإستراتيجية طويلة المدي التي تنتهجها الوزارة في تنمية الموارد البشرية.
واختتم جرانة كلمته بالإشارة إلي أنه من خلال توليه رئاسة لجنة الأزمات بمنظمة السياحة العالمية فإنه شاهد التآزر والتكاتف الذي حدث من القائمين علي صناعة السياحة حول العالم لمواجهة التحديات أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية, مؤكدا علي أنه إذا كان هذا التآزر قد نجح في خلق ##خارطة الطريق للتعافي من الأزمة## فإنه يجب علي الجميع التكاتف لتطبيق ميثاق أخلاقيات السياحة.