ألحت علي كثيرا في سؤالها:هل سيعلم أحد باسمي؟وكررت إجابتي مرات ومرات نافية ذلك,وألحت. هل يمكن أن يعلم خطيبي بمجيئي إليك هنا؟وأجبت نافية ومؤكدة أن زيارتها سر بيني وبينها لن يعلمه شخص سوانا..طلبت مني الانتظار بضع دقائق وتركتني وخرجت ثم عادت ومعها سيدة في منتصف الثلاثينيات ورجل عجوز أحني الفقر ظهره وأثقل كاهليه فما عاد قادرا علي أن يستقيم بقامته..ثم قالت إنه أبي وها هي أختي التي تتولي رعايتي بعد أن توفيت والدتي منذ سنوات علي أثر مرض خبيث لم نتمكن من السيطرة عليه,الفقر يا سيدتي كانت له اليد العليا في حياتنا..الفقر كان القاسم المشترك الأعظم بيني وبين إخوتي لكنهم كانوا أوفر حظا مني في التعليم إذ حصلوا علي دبلومات صنايع وتجارة..إذ أنني لي ثلاث أخوات وإخوة منهم أخت معاقة ذهنيا..كان والدي يعملسماكرزق اليوم بيومه..لم يكن لدينا ما نستند إليه من مال ولا علم ولاعزوة..ومرت الحياة ترفعنا تارة وتضعنا تحت أقدامها تارة..ونحن راضون لانتمرد.
أكملت قائلة:أنا فتاة أبلغ الخامسة والعشرين من عمري لم ألق أي حظ من التعليم وكما ترين لست جميلة حتي أنتظر من يطلب يدي ويقول لأبي الجملة الشهيرةعايزها بشنطة هدومهاولا أخفيكي سرا يا سيدتي فحتيشنطة هدومي مش موجودة..منذ خمس سنوات تقدم لخطبتي شاب يكبرني بعشر سنوات ارتحت إليه وتمت الخطبة, إنه رجل بمعني الكلمة ويقدر ظروفنا لكنه لايعلمها بأكملها فهو يعلم تماما أننا لانقوي علي النفقات العادية لتجهيز عروس مثل بقية الأسر لكنه يعلم أنني علي الأقل أستطيع أن أفي بما علي من حجرة النوم والتنجيد وملابسي ولكن للأسف حتي هذه المسلمات التي علي أي عروس الوفاء بها لا نستطيع شراءها فمن أين لنا آلاف الجنيهات؟نحن نقتات اليوم بيومه ولولا أن أخواي كل منهما يعمل عملا بسيطا فيتمكن من تحمل مصروفاته الشخصية ربما لفقدنا حتي القوت اليومي لأسرتنا.
أنا لا أطلب سوي الستر, الستر أمام خطيبي حتي أوفي بما علي كأي عروس الستر أمام أسرته التي إذا علمت سوف أصبح معيرتهم العمر كله,الستر الذي يحفظ لأبي ماء وجهه ويحفظ لي فرحتي بليلة العمر.
لكن هل يمكن أن أحصل علي ما أتمناه من ستر دون علم خطيبي؟هكذا سألتني للمرة المائة وأجبتها:ثقي أنه لن يعلم أحد لا خطيبك ولا أي شخص آخر بما تطلبين ولا بما ستحصلين عليه, تنهدت وقالت:نفسي أفرح زي أي عروسة نفسي أجيب أوضة نوم ولبس وتنجيد بس مافيش فلوس ومش قادرة علي تأجيل تاني للفرح.. خمس سنين يا أستاذة وأنا مستنية الظروف تتحسن.. خمس سنين وأنا كل يوم أقول بكره يتفتح لي باب جديد ربنا يساعدني من خلاله وأتحجج كل يوم بحجة شكل علشان الفرح يتأخر ميعاده لكن بقي صعب جدا إن خطيبي يصدق أي حجة تانية لازم أحدد ميعاد الفرح وعلشان أحدد الميعاد لازم يبقي معايا فلوس أجيب التزاماتي.. تفتكري فيه حل لمشكلتي؟
أنهت الفتاة كلامها وانتظرت مني ردا سريعا لكنني لم أملك الرد السريع وخذلتها قائلة:في باب افتح قلبك ننشر ما تقصينه علينا وليطمئن قلبك بدون أسماء أو أية إشارات لشخصيتك الحقيقية وننتظر أن يفتح الله بابا جديدا نساعدك من خلاله فها نحن وأنت في انتظار رد الله علي كلينا ولأنك لا تطلبين سوي الستر فأنا علي يقين أن الله سوف يستجيب سريعا.. عادت تكرر سؤالها:يعني إمتي أقدر أرد علي خطيبي بتحديد ميعاد للفرح؟فأجبتها:انتظرت خمس سنوات طوال تجرعت فيها معني الصبر قطرة ورا قطرة فهل تبخلين ببعض أيام علي الله نري فيها عمل يديه في حياتنا.. استثمري صبرك ولو شهرا واحدا والله قادر أن يمد يديه ويحل الموقف ساترا أمرك وأمر أسرتك.
رحلت الفتاة عني وتركتني تتقاذفني الأفكار.. إنها شابة في ريعان شبابها لم تنل من التعليم قسطا لكنها راضية.. لم تتمكن من الزواج بعد خطوبة دامت خمس سنوات لكنها راضية.. لاتطلب سوي الستر والفرحة بليلة العمر.. يتيمة.. فقيرة.. معدمة لكنها لاتطمع إلا في القليل بل والأقل من العادي وتواردت علي ذهني ذكري لبطلات قصص مررن عليافتح قلبكربما لاتتسع مساحتنا لنشر قصصهن وكن نساء علي قدر من الجمال والعلم ومن ذوات النفوذ وتمتلكن المال لكنهن فقدن ماهو أهم من المال إنها نعمة التي تحول الشعور بالحرمان إليكلمة الحمد للهوالإحساس بالضياع إلي النداء الذي لاينقطع ياربوامتلاك القليل وأقل القليل إلي قبلة تنطبع علي ظهر اليد وباطنها ممزوجة بكلمةمستورة.
نعمة الرضا تلك العصا السحرية التي جعلت من بطلة قصتنا اليوم لاتطلب إلا الستر وغيرها لديهن الكثير لكنهن فقدن الستر وحتي الرغبة في الستر التي ساندتها حتي احتملت خمس سنوات تنتظر في كل يوم حدوث المعجزة لتتحقق أمنيتها وتأتي ليلة العمر التي أصبحت بالنسبة لها مجرد فرحة مؤجلة.. نعم فكل منا لديه أفراح مؤجلة في حياته لكن عندما ترتبط الأفراح المؤجلة بقرار تكوين أسرة يكون الأمر عسيرا جدا فهل تجد صاحبة الفرحة المؤجلة تلبية لمطلبها لدي من يتقنون رسم الابتسامات فوق الشفاه الحزينة فننتزع الفرحة من بين فكي التأجيل وننتشلها من بين كفي الفقر الذي أحاط بها؟.. ربما.
رد خاص:
إلي السيد م.م.ع: ثق أن زوجتك علي علم ويقين بكل ما رويته لي في رسالتك لكنها تأبي الاعتراف أمامتك ففي اعترافها حط من كرامتها وإهانة لأنوثتها فالنساء يا عزيزي لا تعترفن أبدا بالهزيمة في الحب حتي وإن حدثت ودائما يحركهن دافع الثأر للكرامة واستعادة الزوج الخائن ليس حرصا علي البناء الأسري فقط وإنما ثأرا ممن أرادت انتزاعه منها لكن نصيحتي لك ألا تواجه زوجتك فرغم علمها إلا أنها تحتفظ بجزء من كرامتها وهو عدم الدخول معك في مواجهة فإحرص ألا تدخل معها في مكاشفة قد تكون النتيجة فيها هي انهيار ما تبقي لديها من مشاعر تجاهك للأبد واستثمر إظهارها عدم المعرفة في بداية جديدة.. كن حنونا عليها.. لا تبخل بكلمات المدح وعبارات الإطراء بلمسة رقيقة أو ابتسامة صافية وتذكر أن اللمسات الحنونة لها مفعول السحر في قلوب النساء,ولها القدرة علي محو الذكريات السوداء أو علي الأقل إنزالها إلي قاع الذاكرة ليطفو الصفاء إلي السطح مرة أخري.
===========
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
1000جنيه عصام فتحي
350 جنيها د.عبد المسيح