تحقيق: ميري وصفي- مريم عدلي
تحتوي مياه الصرف الصحي علي العديد من الملوثات التي تؤدي إلي نفوق الأسماك أو تراكم المواد السامة في أجسامها وانتقالها إلي الإنسان, مما يؤدي إلي انتشار الأمراض, كما أن التلوث بمخلفات الصرف الزراعي من مبيدات وأسمدة متبقية قد يؤدي بصورة كبيرة إلي حدوث التسمم, عن طريق استخدام المبيدات, والمخصبات الزراعية, خاصة وأن جزء كبير منها يتبقي في التربة, وتنتقل للماء ومن ثم الأسماك, وأثرها يبقي زمنا طويلا, ويصبح ساما علي الأسماك والإنسان معا.
عن تلوث مزارع الأسماك وخطورتها, والقوانين المتعلقة بذلك أجرت وطني هذا التحقيق.
قال النائب عبد الرحمن خير عضو مجلس الشوري إن البعض يحاول استخدام مياه الصرف الصحي لعمل المزارع السمكية لعدم وجود بدائل فجميعها منتشرة علي طول الساحل من دمياط إلي بورسعيد وعند مصب نهر النيل, وأكد النائب علي إنه لا يوجد تفعيل أو احترام للقوانين نظرا لفساد الإدارة وعدم مراقبة تنفيذها وتفعيلها, وأهمية تفعيل دور جمعيات حماية البيئة لحماية المواطن من الاعتداءات التي تؤثر علي حقه في أن يعيش في بيئة نظيفة, ويأكل طعام نظيف.
من جانبة قال الدكتور محمد مرزوق رئيس قسم أمراض الأسماك بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة إنه يوجد مصرفا بحر البقر, والذي يصب في القاهرة والجيزة والقليوبية وبدوره يصب في بحيرة المنزلة, مشيرا إلي أن المصارف عبارة عن قناة توجد فيها المياه التي تتكون من ثلاثة أنواع من المياه كالصرف الزراعي والصحي والصناعي, وتستخدم المصارف لاستقبال نفايات المياه.
أشار إلي أن المصارف وملوثاتها بالصرف الصناعي تشتمل علي العديد من المركبات الكيمائية, سواء العضوية أو غير العضوية, ومشتقات المركبات العطرية, مؤكدا أن هذه الملوثات تؤدي إلي تدمير الجهاز المناعي للأسماك لتجعله عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض المعدية.
السمك ينقل الميكروبات!
أشار الدكتور مرزوق إلي أن تلك القضية لها مردود اقتصادي, حيث ينتج عنها نفوق الأسماك وانخفاض معدلات النمو, فبعض هذه الملوثات تختزن في أحشاء السمك, كما أكد أن استخدام الأسماك الملوثة علي المدي الطويل يؤدي إلي تدمير الجهاز المناعي والفشل الكلوي والكبدي والآورام السرطانية.
أكد الدكتور مرزوق أن السمك يلعب دور الوسيط في نقل الميكروبات من إنسان إلي آخر خاصة المختلط بمياه الصرف غير المعالج, ففي الوقت الراهن توجد أمراض التيفود والكوليرا, فهي تتواجد في إخراجات المريض في مياه الصرف الصحي, فيصل هذا الميكروب إلي السمك, فهو لا يؤثر علي السمك ذاته, بل يكمن في أحشائه ولا تظهر أي اعراض مرضية ظاهريا.
أسماك غير آمنة!
قال الدكتور محمود نخلة مدير الإدارة المركزية لصحة البيئة بوزارة الصحة إن مشكلة الصرف الصناعي المتواجده في العاشر من رمضان في الشرقية, تكمن في وجود بحيرة صناعية, يصرف فيها المصانع ويتم أيضا استزراع الأسماك في هذه البحيرة, وكشف أن الأسماك الناتجة في هذه البحيرة غير آمنه للاستخدام.
أضاف الدكتور نخلة أن وقت السدة الشتوية لفترة عدم الاحتياج للمياه بكثرة, يوجد ثلاثة مصارف, فيها مصرف الدهاوي وهو يلقي مخلفاته أو ترفع المياه منه علي فرع النيل في رشيد سواء المعالج أو غير المعالج, ,مصرف ثلا, ومصرف سيل.
ومن جانبه قال الدكتور عاطف حسين استشاري رئيس وحدة البكتروبولوجي بالمعهد القومي للتغذية إن مياه الصرف الصحي تتكون من مجموع المياه المستخدمة والتي تحمل فضلات المنازل مضافا إليها مياه الأمطار وغسيل الطرق والورش والجراحات ومياه الصرف الزراعي كما تساهم مياه الصرف الصناعي بقدر كبير في هذا التلوث كمركبات سامة مثل مبيدات D.D.T, وهي مواد سامه لأغلب الكائنات الحية, ومؤكدا علي أن هذه المركبات تؤدي إلي فتك الأسماك بطريقة مباشرة.
أشار إلي بعض الأبحاث التي أفادت بأن 12% من الأسماك والكائنات الحية وجدت بها أورام شاذة, ووجود بعض المعادن الثقيلة في الأسماك والكائنات الحية الأخري مثل الألومنيوم والزئبق والكادميوم والزرنيخ والرصاص,وأن المزارع السمكية وسيلة جيدة لإكثار وتربية الزريقه من الأسماك كغذاء جديد للإنسان ويغني عن اللحوم الحمراء لذلك يجب الاهتمام بهذه المزارع.
أزمة في تربية الأسماك!
وعلي الصعيد الآخر قال الدكتور محمد مسعد كمون رئيس هيئة الثروة السمكية سابقا إن القانون رقم 24 لسنة 1983 الخاص بالصيد والمزارع السمكية ينص علي أن هذه المزارع لا تروي بمياه عذبة بل توفر للزراعة, بيما تروي بمياه الصرف الصحي التي تلقي في البحيرات, والمادة (48) في القطاع الثالث للقانون 124 لسنة 83 تنص علي منع إنشاء أي مزرعة سمكية سوي علي أرض بور لا تصلح للزراعة علي أن تكون مياه الصرف أو مياه البحيرات هي المصدر الوحيد لهذه المزارع, ويمنع منعا باتا استخدام المياه العذبة, علي أن يستثني من ذلك المفرضات.
أكد الدكتور محمد أن هناك خطة من قبل وزارة الزراعة وهي تقليل وجود المبيدات ونسبتها الموجودة بالمياه, حتي تصبح صالحة للأسماك, فلولا وجود المزارع السمكية لحدثت أزمة رهيبة في تربية الأسماك, حيث إن انتاجنا من المزارع السمكية 62% من الناتج المحلي, ورغم ذلك نستورد 250 ألف طن من الأسماك.
أوضح الدكتور محمد أن الصرف الصناعي أخطر أنواع الصرف تأثيرا علي صلاحية الأسماك وتضر بالصحة العامة.
أين الرقابة وفاعلياتها؟!
أما الدكتور جمال النجار مدير المعمل المركزي للثروة السمكية بمركز البحوث الزراعية قال إن هناك رقابة من قبل وزارة الزراعة علي نوعية الخارج من المزارع السمكية من خلال جهازحماية المستهلك وهيئة الرقابة علي سلامة الغذاء, حيث تم أخذ عينات من الأسماك بطريقة عشوائية, وتتم الرقابة علي نوعية المنتجات والأسماك لثبوت صلاحيتها من عدمها.
اقتراحات…
قال الدكتور أحمد إسماعيل الأستاذ بكلية الزراعة بجامعة القاهرة إن هناك قانونا خاصا باستخدام مياه الصرف أو مياه البحيرات طبقا للمادة 14 من القانون 124 لسنة 83, يجب تعديله, والتي تنص علي: حظر إنشاء المزارع السمكية إلا في الأراضي البور غير الصالحة للزراعة, علي أن يقتصر أي المزارع علي مياه البحيرات والمصارف المجاورة لموقعها, ويحظر استخدام مياه الري للاستزراع السمكي, وهذا القانون يحتاج إلي إعادة النظر فيه, كما يمكن الاعتماد علي المياه الجوفية في الاستزراع, حيث تكون نظيفة وغير ملوثة.
أضاف: يجب منع صيد الزريعة البحرية بكميات كبيرة أثناء عودتها من الهجرة وتفعيل القوانين الخاصة بذلك, مشيرا إلي أهمية تقنين الأوضاع في المزارع السمكية, وعمل لجنة مشتركة من الثروة السمكية والزراعة والري لتقصي الحقائق عن مخلفات تراخيص الثروة السمكية, مع أهمية وجود لجنة لمراقبة الأعلاف التي توضع للأسماك, سواء مصانع خاصة أو حكومية.