الرجل ابن أمه. في المرة الأولي التي سمعت فيها هذا التعبير لم أستوعب ما يفيد وما المقصود به. ولكن مع الأيام وخبرة الزمن والأحداث اليومية والعلاقات الأسرية المتشابكة والكلمات المتناثرة عرفت ما يعنيه أن الرجل أو الابن هو ابن أمه… فهي التي تحتضنه وتحمله علي صدرها ويجلس دافئا ومستريحا علي حجرها,يتفحص وجهها ويراقب عن كثب تفاصيل ملامحها ويستمع إلي هدهدتها وكلماتها وتوصياتها ونصائحها,ويحاول أن يفهمها ويخبئها داخل قلبه, ويحاول أن يستوعبها ويفهمها بعقله. ومع الأيام والسنوات تعشش كلماتها داخل وعيه ووجدانه… ويختزنها لتخرج في الوقت المناسب حينما يكبر وينضج ويصل إلي مرحلة الرجولة ويبدأ في التفكير أن يختار له زوجة تشابه أمه التي رضع لبنها وفكرها ومعتقداتها وآراءها وتوصياتها,وما غرسته في عقله. لقد جاء وقت التنفيذ والاستفادة مما نام سنوات داخل فكره. إنه بالقطع تأثر بكلماتها وصدقها وجاء الوقت الذي ينفذ فيه توصيات والدته,ومن أجل هذا يطلقون هذه المقولة وهي أن الرجل ابن أمه.
لقد هيأته وهو في المهد كيف يري زوجة المستقبل وكيف يتعامل معها, وكيف يحبها ويصدقها أو يحذر منها ويخشي دهاءها ويكون يقظا مع كل مسلك معها,كيف تكون حياته معها وتمضي أيام الزوجية. كيف يصغي لها أو يرفض أن يستمع لآرائها. كيف يكون سيد البيت أو سي السيد في معاملته لها. هل يكون حنونا ومحبا وبلسما ومحاولا إسعادها وتلبية طلباتها وإدخال البهجة علي قلبها أو يتجاهل آمالها ورغباتها ويتشدد معها ويحذر من أفراد أسرتها ولا يحسن مقابلتهم,ويدخل الشك إلي قلبه من أي مسلك لها,ولا يصدقها. بالعربي الفصيح هل يكون زوجا محبا يسعدها أم تكون أيامه معها تتعسها وتشقيها وتنفرها منه؟..
وهكذا ما تزرعه المرأة تحصده,وما تبثه الأم في أذني ابنها تجنيه زوجته في حياتها معه. لذلك تصدق المقولة الذي تري أن المرأة ضد المرأة, ضد نفسها,فهي التي تبث معتقداتها ومخاوفها وعقدها في ذريتها… وهي التي تعد رجلا كاملا ناضجا مؤهلا لأن يسعد زوجته,وهي التي تفعل العكس وتعد رجلا يحطمه الوسواس وينغص عليه حياته وحياة زوجته.
هل تفطن المرأة إلي خطورة ما تفعله وتكف عنه ولا تكون ضد نفسها؟!.