احتشدت في ميدان التحرير الملايين يوم الجمعة الماضي. جمعة الإرادة الشعبية وتوحيد الصف, ووصل إلي القاهرة الآلاف من جميع بلاد مصر للمشاركة في هذه الجمعة التي كان متصورا أن تتكاتف فيها الجماهير من أجل التوحيد والتفاهم والقضاء علي الانقسامات وإنقاذ الثورة من الخلافات وأنه تم الاتفاق علي ذلك من جميع الفئات. كان من أول ما تم الاتفاق عليه عدم رفع الشعارات الدينية المختلفة.
ولكن الذي حدث انقسام حاد بين القوي الشبابية ومن التيارات الدينية بسبب الشعارات الإسلامية التي رفعها السلفيون والإخوان والتي اعتبرتها مخالفة لما تم الاتفاق عليه.
شاهدنا طول اليوم وتابعنا ما حدث. علم مصر طويل طويل رفعت منه أونزعت صورة النسر من وسطه وكتب عليه لا إله إلا الله, وإسلامية إسلامية, وغلبت هذه الشعارات علي الميدان, ومن هذه الهتافات مهما تلف ومهما تدور القرآن هو الدستور, وقررت 33 حركة وتيارا ائتلافيا سياسيا الانسحاب من المليونية مع استمرار الاعتصام السلمي بالميدان, وأصدرت القوي السياسية المنسحبة بيانا احتجاجا علي ما وصفته بانتهاك عدد من القوي الإسلامية الصارخ لجميع الاتفاقات التي عقدت مع القوي السياسية المدنية والمجموعات الثورية والائتلافات الشبابية وذلك بالبعد عن التقاط الخلافية وتأكيد النقاط التوافقية ووحدة الصف الثوري.
وأرجع البيان قرار الانسحاب إلي حرص الكيانات المعتصمة بالميدان علي مبدأ السلمية وحفاظا علي أن يظل ميدان التحرير رمزا لدور الثوار.
ومع ذلك فقد أشعلت اللافتات والهتافات الخلافات, وبدت أزمة تلوح في الأفق عند ما طاف عدد من الشباب المعتصم الميدان مرددين مدنية مدنية فاندفعت أعداد غفيرة من السلفيين تجاهم مرددين إسلامية إسلامية, الله وأكبر, بالروح بالدم نفديك يا إسلام, الله أكبر. الإسلام قادم.
وقدم إلي الميدان الليبراليون ومجموعة من الأحزاب الجديدة والذين تحدثوا عن ضرورة احترام إرادة الأحرار ورؤيتهم وضرورة أن تكون الدولة مدنية سلمية وديموقراطية حرة… وبعدد ذلك انسحبوا من الميدان.
وقد تواجد الأقباط في الميدان كما تواجد القمص بولس عويضة ملمحا أن الشعارات التي تطالب بتطبيق الشريعة يقودها الإخوان المسلمون, وقد كان الأقباط ضد ما نادت به الجماعات الإسلامية المختلفة من شعارات معتبرين أنه بهذه الشعارات والهتافات خرجوا علي السياق الرئيسي لمطالب الثورة.
لقد كان المأمول أن تتوحد القوي وتتقارب الرؤي ويلتزم المتواجدون في الميدان بما اتفقوا عليه قبل وجودهم يوم الجمعة في الميدان حرصا علي الثورة والثوار وعدم تشرذمهم, لكن المأمول لم يحدث, وظهر عمق الاختلافات, ورغبة كل فصيل في أن يحقق أهدافه وليس أهداف الثورة, ونحن في انتظار أن يتم تحقيق الصعب حماية لمصر ولثورتها التي كانت واعدة.