غياب الأمن والقانون والفوضي والبلطجة كلها مسميات تعني أننا نعاني ونفتقد الاستقرار والهدوء والإحساس بالأمن. وقلنا إن هذه هي سمات الثورات إلي حين ونجحت ثورة 25 يناير في إسقاط رئيس الدولة ولكنها لم تسقط النظام. وأن فلول النظام القديم مازالت تعيش في الأرض فسادا. وأن البلطجية والمجرمين والهاربين من السجون وجدوا أمامهم فرصا سانحة لارتكاب كل أشكال الجرائم وترويع الناس في الشوارع والأماكن النائية والتجمعات وأسفل الكباري, ويمتد إجرامهم إلي إخراج الناس من بيوتهم والاستيلاء علي هذه البيوت واحتلالها والسكن فيها. وهكذا امتدت الفوضي والبلطجة في كل مكان. وافتقد الناس الإحساس بالأمان والطمأنينة والاستقرار. وأظن أن مرت أيام طويلة سمعنا أن الشرطة نزلت إلي الشوارع وتم قيام وزارة الداخلية بدورها المطلوب. ومع ذلك لا نستطيع أن نقول إن الأمن قد استقر والأمان ملأ القلوب والناس يعيشون في رضا وإحساس بالأمن. وأنهم يستطيعون أن ينزلوا إلي الشارع مع أولادهم دون أن يتعرضوا إلي المضايقات أو التحرش أو الخوف من مجموعة تحمل السلاح بأنواعه المختلفة وأنهم في لحظة يتعرضون للاعتداء والهجوم والترويع.
ومن يتبع أخبار المجتمع وأنواع الحوادث التي تطالعنا يوميا, وجرائم القتل والسرقة وخطف الموبايلات وخطف الأطفال والعنف وإشعال الحرائق وإطلاق النار العشوائي وأحيانا مراقبة المنازل والصعود إليها لترويع الأمنين وملء قلوبهم بالخوف وافتقاد الأمان.
وقد يكون ذلك مقبولا ومتحملا في بدايات الثورة. أما بعد أن انتصف الشهر الثالث منذ بداية الثورة والفوضي كما هي والخصام بين الشرطة والشعب مازال قائما. والمشاهد التي تثير الخوف لا تنتهي فإن هذا يزيد من القلق ويؤكد المخاوف ويحتاج إلي تواجد الشرطة في كل مكان ومطاردة الهاربين من السجون وإقماع البلطجية والمجرمين وقطاع الطريق.
الأسرة التي عانت طوال هذه الأيام والتي أغلقت علي نفسها وعلي أطفالها أبواب المنازل وارتضت أن تسجن في بيوتها تطلب بإلحاح واحتياج إلي الاستقرار والأمان وأعمال القانون وتأمين البيوت وحراسة المدارس وخاصة مدارس الأطفال وتأمين الشوارع والأماكن النائية من حق الأسرة أن تستعيد أمانها وأمنها وهدوءها واستقرارها وحياتها الطبيعية تنام ليلا بلا خوف وتصحو لاستقبال يوم جديد لا خوف فيه ولا قلق. تشعر بما استطاعت الثورة أن تحققه من تغيير إلي الأفضل.