كلما أقبلت أعياد الطفولة يتجدد تساؤل داخلي, هل قدمنا للطفولة كل ما تحتاجه ليعيش الطفل حياة سعيدة تبنيه وتنمي قدراته وتعطيه فرصة كاملة ليعيش مرحلة آمنة سعيدة ويستمتع بها مشمولا بعناية أسرته الكاملة جسديا وعقليا وعاطفيا, وتعتبره أسرته أنه أهم شئ في حياتهم.. أهم من العمل والمال وجمع الثروة وباقي نواحي الحياة, فسنوات الطفولة الأولي وما يقدم للطفل خلالها هي الأساس القوي والمتين الذي يبني حياة الطفل ويؤهله لكي يكون إنسانا سليم العقل والفكر والمشاعر والسلوك, فالبدايات الصحية تنتهي إلي نهايات سليمة.
لذلك تهتم السيدة الفاضلة سوزان مبارك بهذا الطفل اللبنة التي تحتاج إلي الرعاية والبناء والمساندة, وتهتم باقي أجهزة الدولة المنوط بها رعاية الطفولة بأن تحمي الطفولة وتقوم مسارها وتسن القوانين التي تؤكد علي أن يحصل الطفل علي كل حقوقه غير منقوصة.
والمحزن حقا أن يأتي الإيذاء الجسدي والنفسي من الأشخاص المفروض أن يحيطوا الطفل بالرعاية والحب والحماية وهم أسرته وأهله وسنده. وعندما يفتقد الطفل كل هذا داخل أسرته يلتمس مشاعر الحب خارج نطاق الأسرة. تتشوه أفكاره ومشاعره وتصبح أسرته عامل طرد بدلا من الاحتواء. ويتصور الطفل أن الخروج إلي الشارع هو الحل, وفي الشارع يواجه المجهول من كل نوع, ويكتشف أنه خرج إلي الضياع الكامل. وأنه فقد فرصته الحقيقية في الحياة, ويتحول بفعل الظروف إلي إنسان آخر.. لص, نشال, مدمن, مخرب, إرهابي, قاتل, ناقم علي المجتمع, يتفنن في إيذاء الآخرين, وكلما كبر زادت جرائمه وعنفه وقسوته.
والبداية الحقيقية كانت أسرته داخل جدران بيته مع محبيه. هل نلومه. أم نلوم أسرته؟ إننا لا نلوم أحدا. بدلا من اللوم نذكر وننبه الأسرة أن من داخلها البداية, وأن البدايات السليمة تنتج إنسانا سويا. والعكس بالعكس.