لأول مرة خرج مئات وملايين متجهين إلي الصناديق ليصوتوا علي الاستفتاء وكانت الطوبير طويلة والرجال والنساء واقفين كل واحد, وواحدة في انتظار دوره ليدلي بصوته لأنه يعرف أن لصوته قيمة ولن يتم تزويره.كان الاستفتاء بنعم أو لا علي التعديلات الدستورية, الذين قالوا نعم لهذه التعديلات كانوا يرون أن هذه التعديلات كافية وبناءة. والذين قالوا لا كان لهم رأي آخر كانوا يرون أن هذه التعديلات غير كافية.
لم يكن لنعم أو لا أي علاقة بالدين. ولكن خرج علينا من أفتوا أن نعم تعني دخول الجنة وأن من قالوا لا مصيرهم النار, وادخلوا الموضوع في الشرع والدين والثواب والعقاب وأفسدوا علينا فرحتنا بالمشاركة وكثيرون ممن شاركوا كانت مشاركتهم لأول مرة في حياتهم.
أما هذه الفتاوي فلا علاقة لها بالصدق الذين قالوا نعم والذين قالوا لا كان هدفهم واحدا هو وضع دستور جديد يحقق ما يرجونه من التعديلات وماينشدونه من الإصلاحات التي تحقق الاستقرار والتي من خلالها يمكن اختيار رئيس الجمهورية الجديد وإتمام انتخاب أعضاء مجلسي الشعب والشوري.
فما علاقة هذه الإصلاحات بالدين وعلاقتها بالجنة والنار فمن حق كل إنسان أن يختار ما يريد وأن يعبر عن رأيه بحرية كاملة وأن يمارس الديموقراطية وأن يتقبل الرأي والرأي الآخر دون تهديد أو تخوين أو ترهيب وأن الذين قالوا لا عليهم أن يخرجوا من البلد ويرحلوا إلي بلاد أخري ليتركوا مصر للذين قالوا نعم بإدعاء أن البلد بلدهم.
هكذا كانت رؤية المتشددين هل هذه هي البداية التي نرجو بها أن تصلح أحوال البلد وأن يحقق أبناء الثورة أهدافهم المنشودة والتي ثاروا من أجل التغيير في السلوك والفكر والرؤية. هل تترك هذه الفتاوي بالتخوين والرفض تفسد وتعطل التغيير والتقدم إلي الأمام. وهل يليق أن يخرج علينا بعض الشيوخ بفتاواهم العجيبة ليلزمونا بقبولها وتصديقها.
علينا أن نسأل أنفسنا: إلي أين تسير مصر. إلي أين تتجه. هل يقودها السفليون إلي الخلف والتأخر والدمار؟! إلي أين نحن ذاهبون؟!