من قبل أن يسقط النظام السابق ونحن في شد وجذب حول مياه نهر النيل. فلمصر قدر محدد من مياه النيل ولكن الدول الأفريقية عند منابع النهر احتجت وقررت أن تغير هذه الكميات وتحرم مصر والسودان من حقهما في هذه الكميات. وبدأت المتاعب والمناقشات. وأصبحت مصر في مواقف قد لا تحصل معها علي ما يكفي احتياجاتها من هذه المياه. وقد قررنا من أجل هذا أن نقلل من المحاصيل التي تحتاج في ريها إلي قدر كبير من المياه. وزرعنا محاصيل لا تحتاج إلي المياه الكثيرة. وقررنا أن نتقصد قدر الإمكان في استخدام المياه والتذكير بالست سنية إللي سايبة الميه تخر من الحنفية. إننا بالفعل نحتاج إلي كل قطرة ماء. وارتفع سعر المياه إلي عدة أضعاف ما كنا ندفعه أجرا لها في محاولة لتقليل الكميات التي نحتاجها للشرب والاستحمام والغسيل والأنشطة المختلفة.
وزادت توعية المواطنين بالاقتصاد في استخدام المياه وأن تكون في حدود الضرورة ولكن ما نشاهده كل يوم لايدل علي فهم أو توعية أو ترشيد في استخدام المياه. مع صباح كل يوم وفي طريقنا للإصلاح نشاهد عجب العجاب. الأمور قائمة علي قدم وساق. جرادل المياه ممتلئة ومعدة لغسل السيارات التي تشغل الشوارع علي الجانبين. وبعض الموكل إليهم هذا العمل لايكتفون بالجرادل. ويحملون في أيديهم خرطوما للمياه موصول بحنفية مفتوحة لآخرها ويغسلون العربية بالخرطوم المتدفق إلي جد إغراق الشارع بالمياه الغزيرة والتي يتعثر معها السير في أماكن في الشارع والبعض يزيد من العناية والنظافة ويغسل الرصيف بمياه الخرطوم. هذا المشهد يحدث يوميا وبلا أدني مبالاة أو اهتمام بهذه المياه المتدفقة.
مشهد آخر لا يقل إثارة وضيقا وينبئ بعدم الاهتمام بالمياه فيقوم به أصحاب المحلات والدكاكين في الصباح الباكر يطلقون خراطيم المياه للرش أمام محلاتهم ودكاكينهم اعتقادا منهم بأن رش المياه يجلب الرزق ويجمع الزبائن. وعند الظهرية وعز الحر في أيام الصيف يقومون بجولة ثانية من رش المياه لترطيب الجو الحار وترطيب الأرض.
ولا أستطيع في هذه الظروف الصعبة. وحرماننا من القدر الذي يكفي احتياجاتنا من المياه أن يتصرف الناس بهذا السفه واللامبالاة بالمياه. ولايبدون قدرا من الفهم والتقدير والتصرف بوعي في استخدام المياه النظيفة والتي لا تصل إلي كثير من المحافظات ومحروم منها سكان تلك المحافظات والذين يلجأون إلي المياه الجوفية والمياه غير النقية وغير الصالحة للاستخدام الآدمي.
والغريب أن هذا يحدث بشكل دائم وأمام عيون الآخرين الذين يرون ولايستطيعون الاعتراف علي مايحدث وإذا نبهوا أو اعترضوا يسمعون مالا يرضيهم من الألفاظ النابية والشتيمة البذئية في الوقت الذي تموت فيها زراعات محرومة من احتياجاتها الضرورية لإتمام نموها.
هل نتخذ وقفة مع هؤلاء اللامبالين وأن نتخذ إجراءات لمنع التفريط في هذه المياه وتوقيع عقوبات رادعة عليها؟!