من السهل أن نقصر في تقدير حلفائنا حق قدرهم أحيانا لاعتيادنا وجودهم أو أن ينتابنا الشك حول ما إذا كانوا علي مستوي التحدي في مكان كأفغانستان. وتساهم اليوم في المهمة هناك 25 دولة حليفة في منظمة حلف شمال الأطلسي و14 دولة أخري بالإضافة إلي قوات الولايات المتحدة والقوات الأفغانية. ولم يكن هناك قبل ثلاث سنوات سوي حفنة منا تقاتل طالبان. وقد أفسح الـ28 ألف جندي غير أمريكي وعناصر الـ13 فرقة إعادة تعمير أقاليم غير أمريكية المنتشرون في جميع أنحاء أفغانستان المجال أمام القوات الأمريكية والأفغانية كي تركز علي ساحات المعارك الشديدة في شرق أفغانستان. إن القتال صعب ولكنه كان سيكون أصعب بكثير بدون مساعدة الحلفاء لنا.
لقد حمل القرار الذي اتخذه حلف شمال الأطلسي قبل ما يزيد قليلا علي عام بتولي مسئوليات أمنية في جميع أنحاء أفغانستان 10 آلاف جندي كندي وبريطاني وأوربي آخر إلي جنوب أفغانستان, حيث تشاركوا في العمل مع ألف جندي أسترالي تقريبا. وأتاح ذلك للقوات الأمريكية المشاركة في عمليات حلف شمال الأطلسي (ناتو) وفي عملية الحرية المستديمة التركيز في المقام الأول علي التصدي للتمرد في الشرق علي محاذاة الحدود الباكستانية وزيادة تدريب الأفغان. وقرر الرئيس بوش في العام الماضي, لتعزيز هذا الجهد, إرسال 3 آلاف و500 جندي أمريكي إضافي و 2,10 مليار دولار من الدعم التنموي والأمني لأفغانستان. وقد انضم الكثير من الحلفاء إلي هذا الجهد.
وبعد ما يزيد قليلا علي العام, أصبحت الأقاليم والقري في جميع مناطق أفغانستان الشرقية والجنوبية, في غزني وخوست وبكتيكا ونورستان وكونار; وفي وادي سنجين في هلمند; وفي المنطقة الواقعة جنوب قندهار, أكثر أمنا مما كانت عليه وأصبح الوصول إليها أسهل مما كان عليه طوال سنوات, وفي بعض الحالات طوال عقود. وقد ارتفع عدد الجنود الأفغان المدربين من 35 ألفا إلي 50 ألفا, وأصبح الأفغان أنفسهم يتصدرون القتال في بعض العمليات القتالية المهمة. وسوف ترسل الولايات المتحدة هذا الربيع 3200 عنصر إضافي من مشاة البحرية للاستفادة من المكاسب التي تم تحقيقها والمحافظة علي الزخم, 2000 منهم للمهمات القتالية في الجنوب و1000 مدرب إضافي لعملية الحرية المستديمة, يركزون في المقام الأول علي تدريب قوات الشرطة الأفغانية. وسوف نحث حلفاءنا مجددا, خلال قمة ناتو في بوخارست, برومانيا, في أبريل القادم, علي أن يكونوا ندا لنا ويقدموا عددا مماثلا من الجنود وكمية مماثلة من المال.
ورغم بعض العناوين الصحفية المنذرة بكارثة, حقق الأفغان وشركاؤهم الدوليون الأربعون في مجال الأمن, بمن فيهم جميع الدول الأعضاء في حلف الأطلسي, نجاحات رئيسية في العام الماضي. فهجوم الربيع الذي طال التبجح به لم يحدث, وتم تشييد الطرق والمدارس والأسواق ومؤسسات الأعمال في جميع أنحاء البلد. إلا أن الصعوبات الشديدة التي تواجه هذه المهمة اتضحت هي أيضا للأفغان والأمريكيين والحلفاء الآخرين. لقد لجأ المتمردون إلي التكتيكات الإرهابية الفتاكة المستخدمة للعبوات المتفجرة المصنوعة محليا والمفجرين الانتحاريين وعمليات الخطف والاغتيالات المستهدفة; وهم يقتلون الأساتذة أمام تلامذتهم, وأعضاء البرلمان في مناطقهم الانتخابية والأجانب في وسط كابول. وفي المناطق ذات الوضع الأمني الضعيف, خصص تنظيم طالبان وكبار تجار المخدرات الممكنين له مزيدا من أفضل الأراضي الزراعية لإنتاج نبات الخشخاش (الذي يصنع منه الأفيون). وقد أخذ الفساد والجرائم في الازدياد وبدأ تلهف المواطنين الأفغان المتململ إلي اتخاذ زعمائهم المنتخبين إجراءات وإقامة العدل يزداد يوميا. وفي هذه الأثناء, كان المجتمع الدولي يكافح بجهد كبير لتنسيق جهوده.
وأصبح المواطنون الأفغان يرون اليوم, مع دعم العالم الديموقراطي لهم الآن, إمكانية العيش بحرية وأمن, متحررين من الخوف والفقر الساحق اللذين كانا سائدين في العقود الماضية. إلا أنه سيتعين عليهم, كي يحققوا أهدافهم, أن يواصلوا الكفاح, بالسلاح ضد طالبان وبالشجاعة السياسية ضد الظلم وزراعة الخشخاش والفساد والصعوبات الاقتصادية. ومن الضروري أن يعرفوا أننا سنظل إلي جانبهم.
ويواجه حلف شمال الأطلسي, هو أيضا, أعظم تحد واجهه خلال الـ69 سنة التي تشكل تاريخه. فالتحالف الذي لم يطلق طلقة واحدة خلال الحرب الباردة يتعلم في ساحة المعركة. وتماما كما فرضت الحرب في العراق تغييرات في التكتيكات والاستراتيجية التنموية والعسكرية الأمريكية, تفرض المهمة في أفغانستان الآن التغيير علي حلف شمال الأطلسي. ومع كل شهر ينقضي, يتعلم حلفاؤنا الكنديون والألمان والبولنديون والإسبان واللاتفيون والآخرون المزيد عما هو ضروري لشن عمليات ضد متمردين في القرن الحادي والعشرين- جهد من مزيج مدني-عسكري يضع المحاربين إلي جانب عمال التنمية والدبلوماسيين ومدربي الشرطة. وقد أخذ معظم حلفائنا في إعادة اختراع الطريقة التي يؤدون فيها مهمتهم, سواء كان ذلك بالتحليق بالطائرات المروحية عبر الصحراء أو دمج المدربين مع الأفغان أو عقد مجالس الشوري القبلية مع مشايخ القري أو تنظيم وإدارة فرق إعادة إعمار الأقاليم المؤلفة من عناصر عسكرية ومدنية. ويتطلب هذا, كما أوضح وزير الدفاع روبرت جيتس في الشهر الماضي, تدريبا جديدا ومعدات جديدة وعقيدة جديدة ومرونة جديدة في الجمع بين الجهود المدنية والعسكرية في نهج شامل حقا في مجال الأمن.
وستكون فترة الأعوام الثلاثة أو الخمسة القادمة حاسمة الأهمية بالنسبة لسكان أفغانستان ولحلف شمال الأطلسي ولأسرة الدول الديموقراطية. إن المهمة في أفغانستان استثمار في أمننا المشترك; وهي أيضا المادة الحفازة لتغيير حلفنا الديموقراطي جذريا في القرن الحادي والعشرين. وإذا ما نجحنا في جبال هندو كوش, سنصبح أيضا أقوي عندما ندعي في المرة القادمة إلي الدفاع عن أمننا وقيمنا في مكان بمثل هذا البعد عن وطننا.
سفيرة الولايات المتحدة لدي منظمة حلف شمال الأطلسي.
واشنطن بوست