الهدف الوحيد الذي أجمعت عليه كل التيارات والقوي السياسية بغير اختلاف علي الإطلاق هو تطهير وتطوير الشرطة. تأملت هذه الظاهرة وخرجت بعدة أسباب منها أن العمل الأمني بالذات ركزت عليه السلطة العليا في مصر تحت عباءة قانون الطوارئ الذي ظل جاثما علي كل مناحي الحياة وفي كل الأنشطة المدنية, والأهم من ذلك أن النشاط الأمني ركز علي أمن السلطة وليس الأمن العام, وأصبح في الدرجة الثانية أمن المرور والأمن ضد المجرمين وضد الفساد. وأدي ترسيخ قانون الطوارئ إلي سلطات غير محدودة ونفوذ هائل لرجل الشرطة ليصبح فوق القانون, وتربت أجيال من رجال الأمن علي مدي ثلاثة عقود وهي تتغذي علي هذا المفهوم ليصبح قاعدة للممارسة,فالصفع والضرب والسب للمواطن بات مألوفا ليس داخل أقسام الشرطة فقط…بل في الشوارع أمام الجماهير أيضا.
أدت هذه المفاهيم المغلوطة إلي فرض ضرائب غريبة ومنها ضرائب علي تذاكر السينما والملاهي وكثير من الأنشطة لصالح رجال الشرطة, وانتشرت بشكل مرضي ظاهرة الإتاوات والرشاوي بين جميع الرتب من أصغرها إلي أكبرها.
الأهم من ذلك أنه وصل التعدي إلي مستوي ضرب رجال القضاء في الشارع كما حدث أمام نادي القضاة أثناء أحد اجتماعاتهم منذ فترة قريبة وتم التقاط صور لهذا الحدث وأذيعت علي مواقع التواصل الاجتماعي.
أصبحت الشرطة في تلك الفترة أحد أهم الأسباب التي عبأت الرأي العام ضد النظام كله.
كان في يوم من الأيام أجمل أحلام الأطفال أن يرتدي الواحد منهم ملابس ضابط الشرطة وتؤخذ له صور تفرح بها الأسرة…والسؤال الذي يطاردني: هل تتمني أية أسرة حاليا أن تحتفظ بصورة لصغيرها وهو يلبس بدلة ميري؟