دق جرس التليفون وسمعت صوتها من أمريكا…هي عزة قناوي صديقة أولادي وربيبتي فهي جزء من أسرتنا وتعمل مترجمة في الأمم المتحدة بعد أن رحلت عن مصر هي وزوجها محمد عطية الذي يعمل في الإذاعة الأمريكية الناطقة بالعربية. في ليلة ليلاء كان هو المذيع المسئول في الإذاعة المصرية وأحاط به بعض قادة مراكز القوي في بداية حكم السادات وطلبوا منه إذاعة بيان بعزل السادات…وفشلت المحاولة وقبض علي المتآمرين وعزل محمد عطية من عمله. المهم أن الزوجين رحلا إلي أمريكا وفتحت لهما الأبواب بسبب نبوغهما.
أقول جاءني صوت عزة وفيه مزيج من الفرحة والقلق وهي تقول إن مها ابنتها الوحيدة وجدت عملا ثابتا بعد أن قضت سنتين تتنقل بين أعمال مؤقتة حتي وجدت وظيفة ثابتة في مدينة غير بعيدة. وذهبت الأسرة إلي هذه المدينة لمساعدة الابنة في اختيار الشقة والأثاث اللازم…وأصرت مها علي اختيار شقة صغيرة وبعض الأثاث بالتقسيط لأنها أضمرت في نفسها أن تدفع كل التكلفة فلديها رصيد قليل من المال الذي ادخرته من أعمالها المؤقتة.الابنة كانت حازمة في رفضها أية مساعدة واستسلم الوالدان.
بدأت مها مشوار حياتها معتمدة تماما علي نفسها لتصبح محامية بعد زمن طويل أو قصير…وكما قالت عزةإنها الآن حصلت علي استقلالها الكامل…ابنتي مها خرجت تماما من رحم الأسرة ليس جحودا أو تمردا ولكن بسبب اكتمال نضجها…أنا سعيدة بها ولها, ولكني أم وأشعر بقلق شديد.
استكملت عزة انفعالها العاطفي وهي تقول:أبناؤنا في مصر يلتصقون بالأسرة تحت مسمي التواصل الأسري, والتلاحم غير التراحم فالأول فيه اعتماد واتكال, أما التراحم ففيه اكتمال نضج واستقلال وهذه ثقافة الغرب. وعلي فكرة يمتد هذا الاتكال إلي علاقة الناس بالحكومة, فالشباب في مصر لم ينضج بعد ليخرج من رحم الحكومة وتأكدت من هذا وأنا أتابع الانتخابات الحالية.
قلت لها قبل أن تنتهي المكالمةيا عزة…لهذا لم أذهب لأدلي بصوتي…ومبروك لمها.