بينما كنت أشارك نيافة الأنبا كيرلس آفا مينا, ونيافة الأنبا رافائيل, في صلاة الجنازة علي أرواح أربعة من شهدائنا الأبرار, ضحايا الهجوم الإرهابي علي كنيسة القديسين بالإسكندرية, كنت أتحدث عن عقيدة القيامة, وجسد القيامة النوراني, وأمجاد القيامة العتيدة, ووجدتني أصرخ في الحاضرين قائلا: لا تفسدوا فرحة الشهداء!! ذلك لأننا كنا نحس جميعا بفرحة عارمة تجتاح نفوسنا, ونحن نتأمل شهداءنا في فردوس النعيم, بعد أن سمعوا الصوت المملوء فرحا: ادخل إلي فرح سيدك (مت25:21).. وكنا نحس جميعا بأرواحهم الطاهرة وهي ترفرف حولنا في سماء الكنيسة, فنحن لا نتذكر موتي طواهم النسيان, بل أرواحا حية ستظل في سعادة الفردوس حتي يوم القيامة المجيد. حينئذ ستعود الأرواح الطاهرة من الفردوس, إلي الأجساد المسجاة في القبور, ليقوموا جميعا بأجساد نورانية, روحانية, سمائية, وممجدة.
ولعل أهم الأمجاد التي دخل إليها أحباؤنا هي:
1- مجد القداسة : فليس لدي الله قدوس القديسين, سوي القداسة الكاملة, يهبها لكل أولاده, حيث لا يطاولهم شيطان ولا خطيئة.
2- مجد الفرح : إذ نحيا في فرح سمائي, لا ينطق به ومجيد, مع الرب الذي قال لنا: سأراكم أيضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم (يو16:22).
3- مجد الشركة المقدسة : مع الله, والملائكة, والقديسين, والقديسات… شركة تسبيح وصلاة وسجود متواتر أمام الحي, إلي أبد الآبدين.
4- مجد الشهادة : وهذا مجد خاص بالشهداء, الذين ارتفعوا بالاستشهاد فوق القديسين, لأنهم سفكوا دماءهم من أجل المسيح… وصاروا شفعاء لنا أمام إلهنا المحب.
5- مجد الخلود فها هم أحياء في الفردوس بأرواحهم, ثم أحياء بأجسادهم النورانية بعد القيامة, في أورشليم السمائية, إلي أبد الآبدين… لقد دخلوا إلي الحياة الأبدية, حيث عدم الموت.
فإن كان هذا هو ما وصلوا إليه, فكيف نفسد فرحتهم المقدسة بأعمال غير لائقة بالمسيحيين؟! نعم.. هناك ألم وحزن بسبب هذه الجريمة البشعة, ولكن هناك رجاء وفرحا بالرب, وثقة أنه سيحول الشر إلي خير. أعرف أن شبابنا الكنسي يستحيل أن يشارك في أمر سلبي, وإن خرج في مظاهرات تعبيرا عن الغضب, وإن تضامن معهم إخوتهم المسلمون في وحدة طيبة ضد الإرهاب والفتنة, إلا أن بعض المندسين قد يفسدون نبل مشاعرهم, وبالتالي يفسدون فرحة الشهداء.
تعالوا نهدأ ونصلي, ونطلب من الرب زوال هذه التجربة, بحسب وعده الأمين: أنه سيجعل مع التجربة أيضا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا (1كو10:13).
وكلنا طاعة لراعينا الحبيب قداسة البابا شنوده الثالث, الذي نلمح في أعماقه الألم لما حاق بأولاده, ولكنه حزن برجاء, رجاء القيامة والخلود, والثقة المطلقة في أن:
##ربنا موجود – كله للخير – مسيرها تنتهي##