قبل أن نتطرق للوضع في مصر نؤكد أن المشاكل التي يواجهها التمريض في دول إقليم شرق المتوسط هي بعينها ما تعاني منه مصر ولكن المشكلة هنا قد تكون أكبر.
وخاصة أن من أبرز المشاكل التي تواجه قطاع التمريض ,هجرة الممرضات إلي دول مجلس التعاون الخليجي مثل الإمارات العربية المتحدة ,الكويت,المملكة العربية السعودية وأيضا الهجرة إلي أوربا خاصة المملكة المتحدة ,فرنسا,السويد,الولايات المتحدة الأمريكية,كندا,وبصفة خاصة الممرضات خريجات المعاهد العليا للتمريض أي الحاصلات علي بكالوريوس التمريض وذلك نظرا لارتفاع مستوي الأجور في البلاد التي يذهبن إليها,وإتاحة الفرصة لهن للتطوير المهني الصحي وأيضا التطوير الوظيفي ووجود بيئة عمل مأمونة والنظرة هناك..تتسم بالاحترام والمساواة مع سائر العاملين في الحقل الصحي فالممرضة في البلاد المتقدمة تعامل بكل احترام مثل الطبيب تماما.
حلول
ذهبنا بكل هذه الحقائق عن الوضع في الجهاز التمريضي وطرحناها للمناقشة وسماع الردود من الدكتورة هدي زكي وكيلة وزارة الصحة للتمريض التي قالت:
لا أنكر أن وضع التمريض في مصر ليس علي مايرام تماما وحتي تتضح الصورة ويكون هناك تعديل في الخدمات التمريضية بما يعود في النهاية بإصلاح الوضع الصحي وتحسين الحالة الصحية للمرضي لابد من التغلب علي أمرين:
أولا:أصلاح التعليم الخاص بالتمريض.
ثانيا:التغلب علي قلة الأعداد في قطاع التمريض ووقف التسرب به والذي يحدث إما بالسفر إلي الخارج أو الجلوس في المنزل وترك العمل أو ترك العمل الحكومي للعمل بالمستشفيات الخاصة .
وبدأنا بإصلاح التعليم التمريضي منذ أن توليت قطاع التمريض بالوزارة في يناير 2007 حيث إنني أعمل أساسا أستاذة بكلية التمريض جامعة القاهرة.
فكان في مصر ثلاثة مستويات لخريجي التمريض وهي:دبلوم تمريض متوسط ويتم الحصول عليه بعد دراسة 3 سنوات عقب الشهادة الإعدادية وهو للذكور والإناث.
المستوي الثاني وهم خريجو المعهد الفني الصحي وهو دبلوم فوق المتوسط يحصل عليه الخريج بدراسة عامين بعد الثانوية العامة.وكان المتخرج منه يعمل بالعناية المركزة والحالات الحرجة.
المستوي الثالث وهو التعليم العالي ويحصل الخريج علي درجة بكالوريوس التمريض بعد دراسة 4 سنوات عقب الثانوية العامة وسنة امتياز.
وبدأنا منذ فبراير عام 2007 بإدماج المستويين الأول والثاني في تعليم تمريض واحد حيث ستصبح الدراسة لمدة خمس سنوات في المعاهد الفنية الصحية فيلتحق بها خريجو الإعدادية ويستمرون بالدراسة لمدة خمس سنوات ويلتحق بهذه المعاهد خريجو الثانوية العامة ليدرس بها لمدة سنتين فقط أي سيلتقي خريج الإعدادية مع خريج الثانوية العامة في السنة الرابعة من الدراسة بالمعهد ,وستتخرج أول دفعة من هذه المعاهد في شهر يونية من هذا العام وتم تطبيق هذا النظام في 20 معهدا حتي الآن والمخطط أن يصل عدد هذه المعاهد إلي 60 معهدا علي مستوي الجمهورية بمعدل من 2 إلي 4 معاهد في كل محافظة ,وذلك حتي يتم سد العجز في الخدمات التمريضية في المستشفيات والمراكز الصحية في المحافظات والقري.
وسيكون الخريج أو الخريجة بدرجة فني ثالث,أما الحاصلون علي بكالوريوس التمريض من كليات التمريض والبالغ عددها 14 كلية حتي الآن علي مستوي الجمهورية فهو بدرجة أخصائي.
وسيصبح خريجو المعاهد الفنية مساعدين للممرضين الأخصائيين وتقول إن الذي دعانا لتطبيق هذا النظام عدة أسباب:أولا:كان خريجو الدبلوم المتوسط بعد الإعدادية في مرحلة سنية صغيرة حوالي 18 عاماويتم إلحاقهم بالعمل بالمستشفيات ليواجهوا أعباء كبيرة بدون تدريب وكان تعليمهم أصلا غير كاف وكان معظمهم يفر من العمل التمريضي أو لايقومون بعملهم بشكل جيد وحتي تعاملهم مع المرضي غير مقبول ولايفي بحاجة المريض الصحية.
ثانيا:ستتوافر الكوادر التمريضية في جميع محافظات مصر فانتشار المعاهد علي مستوي الجمهورية سيجعل الملتحقين بهذه المعاهد من أبناء المحافظات التابعة لها هذه المعاهد ولاتضطر الممرضة للغربة والسفر بعيدا عن منزلها.
كذلك طورنا المناهج بهذه المعاهد بكل ماهو حديث بمساعدة إرشادات وكتب منظمة الصحة العالمية وسيتم زيادة التدريب العملي أثناء الدراسة.وفي نفس الوقت وحتي نغطي العجز في الخدمات التمريضية ونجعل الممرضة تتفرغ للخدمة التمريضية وحدها دون شغلها بأعباء إدارية,نقوم حاليا بخلق وظيفة مساعدة خدمات تمريض وهم من خريجات الدبلومات العامةتجاري أو صناعيونقوم بعمل تدريب تحويلي لهن لشغل وظيفة مساعدة خدمات تمريض وأهمية هذا أن كثيرا من الممرضات كن يتهربن من الأعمال التمريضية بحجة إحضار الأدوات أو الأعمال الإدارية .وبسد هذه الفجوة سيكون الشغل الشاغل للتمريض هو خدمة المريض نفسه وتلبية احتياجاته الصحية.
وللارتقاء بالمستوي المهني والوظيفي للمرضة الحاصلة علي بكالوريوس تمريض تم عمل مايسمي بدرجة الزمالة المصرية للتمريض حيث يدرس الحاصلون علي البكالوريوس لمدة سنتين ويتم التركيز علي المهارات الفنية المتخصصة خاصة لمن يعمل في العناية المركزة والحالات الحرجة وحاليا تخصص التمريض في مجال طب الأسرة.
أما المشكلة الثانية والكبري فتتعلق بتسرب التمريض…والمقصود هنا الهجرة إما بالسفر لإحدي الدول العربية أو الهجرة من المستشفيات الحكومية إلي المستشفيات الخاصة والاستثمارية أملا في الحصول علي مرتب وامتيازات مادية أفضل,ولدينا حاليا 4% نسبة تسرب في الجهاز التمريضي وهي نسبة كبيرة .
والمفترض أن أجمالي عدد المنتمين لقطاع التمريض في مصر204 آلاف ممرض وممرضة يعمل منهم بمستشفيات وزارة الصحة والرعاية الأولية والمراكز الصحية حوالي 164 ألف والباقي بالقطاع الخاص,ولكن الذين يعملون بالفعل في القطاع الحكومي 90 ألفا فقط والباقي معظمهم حاصلون علي إجازات بدون مرتب للسفر إلي الخارج أو للعمل الخاص.
ونحاول التغلب علي هذه المشكلة بتحسين الأوضاع المادية والحوافز للممرض وتقديم خدمات بإنشاء دور حضانة لأطفالهم بالمستشفيات الكبري وتوفير وسائل مواصلات مريحة,وهناك بند في قانون التمريض الجديد الذي من المنتظر تقديمه قريبا بمجلس الشعب يفيد أنه لن يتم تجديد عضوية نقابة التمريض إلا بالتأكد من أن العضو يمارس المهنة كل خمس سنوات في جهة صحية حكومية بمصر وإلا ستشطب عضويته من النقابة.
وكان هناك اقتراح مقدم من الدكتورة هدي بإنشاء معاهد تمريضية بالمستشفيات الخاصة الكبري حتي لا تأخذ التمريض من الهياكل الصحية الحكومية.
وأكدت د. هدي زكي علي هذا الكلام بأن الوزارة ترحب بكل من يريد إقامة معهد تمريض بمستشفي ,وهناك مواصفات فنية ومناهج دراسية موجودة لدينا في الوزارة ,ومن أبرز هذه المواصفات أن يقام المعهد في مبني مستقل عن مبني المستشفي وألا يتم العمل بالمستشفي بالنسبة للدارسين في المعهد إلا في السنتين الأخيرتين من الدراسة حيث يكون هناك بالفعل تدريب عملي,ونحن نرحب بكل من يقوم بإنشاء معهد تعليمي تمريضي,ولكن بشروط موجودة بقطاع التمريض بالوزارة.