تستيقظ صباحا لتجد آلاما في عدة أجزاء من جسمك,العمود الفقري المفاصل, لاتستطيع وضع قدميك علي الأرض, قد يكون هناك صداع,ليس لديك أي رغبة في الذهاب إلي عملك ولكن في النهاية تقاوم آلامك,وتمارس حياتك اليومية بشكل روتيني لتعود إلي منزلك في آخر اليوم تتستلقي في الفراش,ويتكرر المشهد في اليوم التالي,وكل من حولك يعطيك نصائح جرب الدواء الفلاني له مفعول السحر المسكن ذو الحبة الزرقاء أور الصفراء لايؤثر علي نعدتك وخيخليك زي الحصان آخر الحلول الذهاب إلي الطبيب عندما نصرخ من الألم!!ولكن هل هناك علاج للألم وما أسباب الألم وهل الصيدلي يمكن أن يحل محل الطبيب؟… قرأ هذا التحقيق…
توجد الآن عيادات متخصصة في علاج الآلام ولكن أيا كان الألم الذي تعاني منه فلابد ألا تأخذ حبة دواء واحدة دون أن تعرف أسباب الألم.
أنواع الألم
في حديث مع الدكتور ماهر فوزي أستاذ التخدير وعلاج الألم بطب القاهرة تحدث موضحا ما هو الألم وأنواعه قائلا:
الألم شعور حسي ونفسي غير مستحب يصاحب أنسجة الجسم أو هو تعبير عن إصابة في عضو من أعضاء الجسم ويتوجع معها الإنسان وقد يكون الألم في أكثر من جزء من أجزاء الجسم في وقت واحد والتفاعل النفسي للإحساس بالألم, يختلف من شخص لآخر,تبعا لعدة عوامل منها السن,النوع,الاستعداد النفسي للشخص المستقبل للألم والتعامل معه,والذي يشمل الحالة النفسية والمزاجية للشخص وهناك أشخاص بمجرد شعورهم بألم أو صداع بشكل تلقائي يلجأون إلي الأدوية المسكنة أو المهدئة وقد يقلل هذا من الإحساس بالألم بشكل مقت وينسي الشخص الأمر ولا يسعي لمعرفة أسباب الصداع أو الألم.
وكلما قلت قدرة الإنسان علي التعبير عن الألم زاد تأثير الألم علي الشخص وينطبق هذا علي الأطفال فالطفل يتأثر بشدة من أي ألم يصيبه ويحس بالخوف ,فإذا لبم يروض الطبيب الطفل ويتعامل معه نفسيا أولا فقد لايعرف السبب الحقيقي لشكواه وقد لايخطيء في علاجه فلابد أولا أن يعالج الشخص المتألم نفسيا ليشعر بحنان ولطف ممن حوله اهتمامهم بآلامه حتي يتم فحصه طبيا وعلاجه كما يجب .
وهناك نوعان من الألم آلام حادة وآلام مزمنة آلالام الحادة قد تزول بمجرد زوال السبب وفقا للتشخيص السليم كما هو الحال في آلام الأسنان وهنا يكون الألم السبب الأساسي الذي يدفع المريض علي الذهاب للطبيب طلبا للعلاج أما الألم المزمن فتعود مسببات استمراره في معظم الحالات لأسباب غير معلومة.
فقد يكون لدي الشخص آلام في المفاصل أو العمود الفقري ويتعايش معها ولايفكر في الذهاب إلي الطبيب وكما ذكرنا يعتمد علي المسكنات فتتحول الآلام الحادة إلي آلام مزمنة ودون أن يشعر المريض تحدث عنده تغيرات في الجهاز العصبي فتحدث تغيرات في الأنسجة مكان الاصابة والعضلات المحيطة ومستقبلات الألم الطرفية والجهاز العصبي المركزي وهنا نصح أمام حالة مرضية جديدة مستقلة ولذلك فمعظم حالات الألم المزمن يؤثر علي الحالة النفسية والعصبية للمريض ويتحول الإنسان لشخص عصبي المزاج .
ويختتم د. ماهر نصائحه مطالبا بأهمية معرفة طبيعة الألم وتحديد مكانه فهي الوسيلة المثلي للتشخيص السليم وهذا يرجع إلي الشخص المتألموالذي يجب أن يذهب للطبيب للفحص المبدئي.
سلاح ذو حدين
أما الدكتور محمد عبد الشافي أستاذ علاج الألم بكلية الطب جامعة الزقازيق فيقول:
الألم يبدأ بآهات متكررة يطلقها المريض بعدها يذهب إلي الصيدلي لإعطائه مسكنات أو يستشير بعض الأقارب والأحباء وتكثر الفتاوي تبعا للموروثات الشعبية المتمثلة في تناول العقاقير الدوائية المتاحة ولايعي المريض خطورة أي حبة دواء يتناولها فالدواء سلاح ذو حدين والمسكن غالبا ما يضر أكثر مما ينفع وانتشرت في السنوات القليلة الماضية علي مستوي العالم عيادات متخصصة لعلاج الآلام,وموجودة الآن في مصر خاصة في معهد الأورام والمستشفيات الجامعية والخاصة وأصبحت مهمتنا التشخيص السليم خاصة مع انتشار أفكار عشوائية غير علمية في أوساط المجتمع المصري,تؤدي إلي فقدان الثقة لدي بعض المرضي في علاج الطبيب ولذلك يحاول بعضهم في البداية الهروب إلي العلاج الشعبي مع أن اكتشاف المشاكل الصحية في بدايتها يسهل كثيرا من إمكانيات علاجها ويعطي للمريض شفاء تاما والأفضل ألا يصل الإنسان إلي مرحلة الألم ولابد أن يجري فحوصا دورية علي الأقل كل ستة أشهر, ومن الأمور المهمة وأنا أعرف أن هذا صعب التنفيذ ولكن لابد من تفعيل الضوابط القانونية التي تلزمالصيدليبعدم صرف أي دواء دون روشتة الطبيب.
خطر المسكنات
وحول فوضي العلاج بالمسكنات وخطورتها كان الحديث مع الدكتور عز الدين الدنشاري أستاذ الأدوية الإكلينيكية بكلية الصيدلة-جامعة القاهرة يقول:
إن التساهل في صرف الأدوية وبالأخص المسكنات دون الرجوع إلي طبيب متخصص في منتهي الخطورة فالمسكنات تنقسم إلي قسمين الأول مسكنات الألم من مشتقات المورفين ونطلق عليها مسكنات الألم الأفيونية وتستخدم في شكل أقراص أو حقن وتستخدم في الآلام الشديدة وبعد إجراء العمليات وآلام مرضي السرطان وتعد هذه المجموعة هي الأخطر في المسكنات واستخدامها بدون استشارة طبيب أو تناولها بمعدلات تزيد عن المعدل المصرح به تجعل المريض مدمن,ومن أشهر هذه الأدويةالترامادول وهو بالفعل يستخدم في حالات الإدمان ولأغراض جنسية أيضا والمفروض أنه مدرج علي جدول ولايصرف إلا بروشتة طبيب وله أعراض جانبية تصل إلي الوفاة أو فشل التنفس أما النوع الثاني من المسكنات هو مسكن الألم المضاد للالتهابات ويشمل الأسبرين,الفولتارين,الكيتوفان وغيرها,هذه المجموعة لها تأثيرات مختلفة في تسكين الآلام ومنها ما يؤدي إلي خفض درجة الحرارة ومضاد قوي ضد الالتهابات ورغم أنها لاتسبب الإدمان مثل المجموعة الأولي لكن الاستمرار في تعاطيها خاصة إذا أخذها المريض بجرعات زائدة تؤدي في النهاية إلي حدوث إصابات في المعدة أو الإثني عشر قد تصل إلي حد القرحة ومشاكل في الجهاز الهضمي وتناولها مع أدوية أخري أو كحوليات يؤدي إلي نزيف في المعدة وتلف في بطانة وأغشية المعدة خاصة تناولها علي معدة فارغة لايوجد بها طعام.
التعايش مع الألم
كيف يمكن للمريض أن يتعايش مع ألمه؟ بهذا السؤال بدأ حديث الدكتور نيفل شون أستاذ علاج الألم بجامعة تكساس الأمريكية مؤكدا أن الألم عبارة عن علاقة مباشرة بين الجسم والمخ عن طريق الأعصاب ولذلك فهناك أشياء إذا جعلها الإنسان في نمط حياته تجعله يواجه الألم وقد لايتعرض له بسهولة مثل ممارسة المشي لفترة كبيرة يوميا فأحد العوامل التي تزيد آلام الإنسان أو ما نطلق عليها الآلام الناتجة عن الأمراض النفسجمانية كثرة الضغوط وعدم القدرة علي التنفيس والتفكير المتواصل في مشاكل الحياة والمشي أو ممارسة رياضة ما يقلل من شحنة الضغوط داخل الإنسان,أيضا التحدث مع أشخاص لطفاء المعشر وخفيفي الظل لايشكون باستمرار من متاعب الحياة أو أشخاص هادئين ينعكس هذا علي نفسية الشخص ويعطيه دفعة لمواصلة الحياة أو كما نقول الدنيا لسه بخيركذلك الطبيب المعالج له دور مهم فلابد ألا يعطي فقط تعليماته للمريض بل يعطيه الفرصة للسؤال عن مرضه ويطمئنه علي مراحل علاجه بل لا أبالغ إذا قلت إن الطبيب لابد أن يسأل المريض عن الأدوية الأخري التي يأخذها ويعرفه التفاعل الذي قد يحدث بين الدواء الذي سيأخذه وبين هذه الأدوية والآثار المترتبة عن عدم أخذ العلاج في المواعيد المحددة وكيف يتغلب المريض علي ذلك في حالة حدوثه أي قد ينسي المريض أخذ جرعة من الدواء فكيف يتصرف عندئذ؟وينصح د. نيفل المرض بضرورة الحذر من اتباع الكم الهائل من الحملات الإعلانية التي تقدم الخدمات والمنتجات التي تعمل علي تسكين الألم سواء كان عقارا أو عشبا ولابد من استشارة الطبيب أولا.
الأكثر شيوعا
أما الدكتورة أماني عزت منسق عيادة الألم بدار الفؤاد فتقول:
آلام العمود الفقري من أكثر الأمراض شيوعا فحوالي 70 إلي 85% من المصريين يصابون به في مرحلة من مراحل حياتهم وبعض هذه الآلام خاصة المزمن منها يتحول إلي عبء علي حياة المريض ويعوقه أحيانا عن نشاطه اليومي ويؤثر في النوم مما يدفع المريض إلي الاكتئاب والمعاناة مع المحيطين به لذلك شهدت عيادات الألم طفرة منذ أواخر التسعينيات من مرضي آلام العمود الفقري وأيضا آلام العظام,وعيادات علاج الألم أصبح لها دور مؤثر في علاج هذه الحالات عن طريق العلاج التداخلي بالحقن فيتم حقن مكان الألم أو مكان العلة بمخدر موضعي وجرعة صغيرة من الكورتيزون الذي يعد أقوي مضاد للالتهاب وأشد أنواع الحقن التداخلي هو الحقن فوق الجافية بالكورتيزونوأحيانا يتم حقن العصب الذي يضغط عليه الغضروف المنزلق أو مكان المفصل الملتهب بحقنه مباشرة مما يزيد من دقة الإجراء التداخلي ويؤدي إلي تحسين نتائج العلاج وأحيانا يتم استخدام تقنية التردد الحراري الذي يتم معه تحديد مكان العصب المصاب وتكثيف تردد حراري عليه بشكل معين يعطي نتائج لإسكات الألم لفترات طويلة.
الحبة القاتلة
موضوع الألم مرتبط ارتباطا كبيرا بعشوائية أخذ الدواء وأتذكر رد الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة عند سؤاله عن فوضي تناول الدواء حيث قال:يكفي لتدليل علي خطورة تلك القضية أن نعرف أن مصاب بالبرد قد يذهب إلي الصيدلي ويطلب منه مجموعة الإنفلونزا ويتناولها فإذا كان هذا الشخص مريض قلب إذا تناول هذه المجموعة والتي في مكوناتها حبة تعمل علي تضييق الشرايين فلايستطيع الإنسان التنفس وقد يموت!!