علي مدار يومين حاول عدد من الخبراء ونشطاء المجتمع المدني الإجابة علي هذا التساؤل بالمؤتمر السنوي الثاني لحالة الديموقراطية, والذي عقدته الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية, وحاول المشاركون تقديم رؤيتهم الخاصة لتداول السلطة بشكل سلمي من خلال العملية الانتخابية في ظل قدوم الانتخابات البرلمانية في نهاية العام الحالي والانتخابات الرئاسية في العام المقبل..
أكد الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الإصلاح لن يأتي في مصر إلا إذا نجحت الضغوط الشعبية في الحصول علي تعاطف قطاع واسع من إدارة مؤسسات الدولة, فالإصلاح ليس عملية هدم للوضع القائم إنما هو إصلاح لها, ولكي تتم خطوات الإصلاح فإنها تحتاج إلي توافق قوي الاحتجاج الاجتماعي, والتيارات السياسية القديمة والجديدة, والإصلاحيين الموجودين داخل النظام وفي قلب مؤسسات الدولة.
أضاف الشوبكي أن المواطن المصري يعيش في ظلال دولة, لا تحافظ علي أمنه ولا كرامته ولا تقدم له تعليما ولا صحة ولا خدمات وتختفي حين ينتظر دوره, ويجدها حاضرة بقوة حين لا يكون مطلوبا حضورها مشيرا إلي أن أزمة النظام السياسي المصري تكمن في غياب الديموقراطية وتدهور أداء مؤسسات الدولة.
أوضح الشوبكي أن أزمة النظام السياسي المصري لا تكمن فقط في عدم قيامه بأي إصلاحات سياسية وديموقراطية إنما أساسا في إضعاف قدرة أي مؤسسة سياسية أو غير سياسية علي الفعل المنظم والمؤثر.
انتقد الشوبكي الحركات الاحتجاجية التي ظهرت في مصر في السنوات الأخيرة مثل حركة كفاية مشيرا إلي أنها انتهت فعليا ولم يعد لها وجود يذكر في الواقع العملي وحركه 6أبريل والتي شهدت انشقاقات واتهامات متبادلة بين أعضائها أسوأ من التي تشهدها الأحزاب, بالإضافة إلي حركة جماعة الإخوان المسلمين التي قدمت نموذجا في التنظيم علي مدار أكثر من 80عاما ولكنها عجزت عن أن تلعب أي دور حقيقي في إصلاح الوطن.
أشار النائب حمدين صباحي عضو مجلس الشعب إلي أنه بعد النجاح في رفع سقف مطالب القوي السياسية, وكسر الكثير من الخطوط الحمراء, وانتزاع حريات التظاهر والإضراب والاعتصام وانتقال مظاهر الاحتجاج إلي قطاع اجتماعية ومهنية جديدة وواسعة صار واجبا علي القوي الوطنية أن تقدم بدائل واضحة وصالحة عن النظام الحالي.
أوضح صباحي أن التعديلات الدستورية التي جرت عامي 2005 و2007 جاءت لتعود بالتحول الديموقراطي السلمي في مصر خطوات عديدة إلي الخلف فإن فكرة خوض الانتخابات الرئاسية رسميا في مصر تكاد تكون محصورة بين 24 شخصا بحد أقصي وهم من يمثلون 24 حزبا رسميا من بين ما يزيد علي 80مليون مواطن. هذا إذا استكملت تلك الأحزاب الشروط المنصوص عليها دستوريا لتقديم مرشيحها لرئاسة الجمهورية…أما المستقلين ففرصهم معدومة تماما في التقدم للترشيح بسبب القيود الدستورية التي تطالب أي منهم بجمع تزكيات من أعضاء مجالس الشعب والشوري والمحليات.
وفي طرحه سيناريوهات التغيير قال الصباحي إن أغلب التحليلات للأوضاع السياسية في مصر تري احتمالية استمرار نظام الحكم ذاته وسياساته, حتي إن تم تعديل في شخص الرئيس…وهو سيناريو مهدد بالانهيار السريع في حالة حدوثه نظرا لحالة الاحتجاج السياسي والاجتماعي المتصاعد في مصر.
اختتم صباحي أن فكرة طرح أسماء محتملة للترشيح لموقع رئاسة الجمهورية جاءت لتحقق عدة أهداف رئيسية فهي من ناحية تطرح بدائل حقيقية لهذا النظام بسياسات وأفكار وبرامج متنوعة ثم أنها في الوقت ذاته تكشف العوار الدستوري الذي يقيد حق العديد من الشخصيات والرموز الوطنية المحترمة التي لا تستطيع الترشيح للرئاسة في ظل النص الحالي للمادة 76.
صلاح عيسي الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة القاهرة تحدث عن نظام القوائم النسبية في الانتخابات, وأشار عيسي: إلي أن نظام القوائم النسبية يقضي علي التصويت علي أسس طائفية ولا يهدر إرادة الناخبين بإهدار أصواتهم لكنه استطرد قائلا إن الخبرة الدستورية كشفت عن أن القوائم الحزبية غير دستورية كما أن المستقلين والإخوان المسلمين يمكنهم تكوين قوائم وهذا ما جعل النظام المصري يرفض نظام القوائم النسبية بحسب رأيه.
تحدث رجائي الميرغني مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط عن الانتخابات النقابية واختيارات الواقع وقال إنه يفرض الحديث عن الانتخابات وكيفية تفعيلها كآلية للتغيير الديموقراطي علامات تعجب واستفهام عديدة بمجرد النظر إلي الوضع الراهن للنقابات في مصر…ففي أجواء الحصار والتجميد المفروض علي النقابات, ومع انحسار التمثيل النقابي إلي حدود تقل عن ربع قوة العمل من العمال والمهنيين, يبقي التساؤل مشروعا ومنطقيا عن طبيعة وأهمية الدور أو المهمة التي يمكن للانتخابات أن تؤديها لاستنهاضالحالة النقابية وإنقاذها مما ألت إليه خاصة أن 24 نقابة عمالية معزولة كليا عن الأغلبية الساحقة من القواعد العمالية صاحبة المصلحة.
تطرقت الصحفية كريمة كمال إلي كوتة المرأة والأقباط والجدل الذي دار بين من يؤيد ومن يعارض سواء كانت الكوتة للمرأة وهي التي تم إقراها أو كانت للأقباط وهي التي لم يتم إقراها لكنها باتت مطروحة بعد تخصيص كوتة المرأة حيث أثارت موافقة مجلس الوزراء علي تخصيص مقاعد للمرأة التساؤلات حول مدي دستورية المشروع وكانت أهم الاعتراضات تنصب علي أن نظام الكوتة يتعارض مع المادة 40 من الدستور التي تقر بأن المواطنين لدي القانون سواء ومتساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
أشارت كريمة كمال إلي أن كوتة الأقباط إما تصطدم بحساسية الوضع الطائفي أو تصطدم بفكرة التعامل مع الأقباط كفئة أو أقلية.
قال الدكتور يسري مصطفي الناشط الحقوقي حول طبيعة النظام السياسي والحالة الانتخابية لأنه لا يخفي علي أحد أن الآراء السائدة عن النظام السياسي أو الحالة الانتخابية أو البيئة الثقافية في مجملها سلبية كما أن هناك ما يشبه الإجماع علي أن مسئولية تردي الحالة الانتخابية أو البيئة الثقافية تقع علي عائق النظام السياسي.
وأكد عبدالله خليل المحامي والناشط الحقوقي أن هناك فرقا بين الإشراف الدولي علي الانتخابات والرقابة الدولية للانتخابات فالإشراف الكامل يعني أن تقوم منظمة دولية بتنظيم وإجراء الانتخابات في دولة ما بحيث تتولي عمليا كل جوانب العملية الانتخابية, بينما هناك ما يطلق عليه الإشراف الجزئي بأن يتولي المندوبون الدوليون عملية الإشراف علي عمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتائج في يوم الانتخاب, ثم تأتي المحكمة الدولية للانتخابات وتتمثل في المشاركة في الرقابة القضائية من خلال مشاركة قضاة دوليين في المحاكم الانتخابية التي يفصل في الطعون والتظلمات علي مدار العملية الانتخابية.
أما الرقابة فهي الأنشطة التي يقوم بها شخص أو منظمة مخول له جميع المعلومات والأدلة فيما يخص عملية الانتخابات والنظام الذي تجري في إطاره, ولا يجوز له التدخل في العملية.
تحدث أحمد فوزي مدير مشروع الديموقراطية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية عن التشريعات المنظمة للانتخابات في مصر وتمتعها بحالة فريدة واستثنائية مشيرا إلي تعدد التشريعات التي تنظم العملية الانتخابية الواحدة, ووجود أكثر من قانون مما يخلق تناقضا وإزادواجا بين تلك التشريعات ويعدد من الجهات المشرفة المسئولة عن إدارة العملية الانتخابية الواحدة وهو ما يؤدي إلي تدخل السلطة التنفيذية في سير العملية الانتخابية.
تطرق الدكتور مجدي عبد الحميد رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية إلي دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات باعتبارها أحد مظاهر السيادة بمفهومها الحديث والتي تعطي الفرصة لتأسيس نظام الحكم علي أسس ديموقراطية عريضة تعتمد علي توسيع قاعدة نظام المشاركة السياسية في الحكم لكل أفراد الشعب ومن خلال مؤسساته غير الرسمية التي صارت شريكة فاعلة في آلية الحكم وتحديد أهدافه.