ممثل كل العصور . هذا هو أفضل لقب يستحقه الراحل الجميل كمال الشناوي الذي أمتعنا من خلال مجموعة كبيرة من الأفلام السينمائية .تعد في حد ذاتها مجلدا ضخما لتاريخ الفن المصري . استطاع الشناوي بذكاء شديد ونادر أن يظل موجودا بنفس البريق والسطوة و التألق في صدر الشاشة البيضاء متقلبا بمهارة صياد بارع لكل الأدوار من الفتي الأول معشوق النساء إلي الكوميديان خفيف الظل إلي الصحفي صاحب القضية من المجرم الشرير إلي ضابط المخابرات المفتري وهكذا تاريخ من أدوار متناقضة .قدمها بأداء ينبع من الأعماق بلا تكلف وبلا تصنع.
بالتأكيد كان لمواهب كمال الشناوي الفنية الأخري دورا في ذلك فكمال كان أيضا فنانا تشكيليا وقد أقام مجموعة من المعارض . وشارك بالغناء في بعض الأفلام أي أن الفن بكل أشكاله كان مسيطرا علي كيانه وإذا كان من الصعب التقليب في مجلد أعماله منذ أن بدء في السينما بفيلم (غني حرب)عام 1947 فالمتاح هو أن نلقي الضوء علي بعض هذه الأعمال التي تكشف لنا عن قدرته علي البقاء رغم كل المتغيرات . وأنت بسهولة ترصد أفلامه التي اعتمدت علي كونه (جان) تعشقه النساء وتتمناه العذاري زوجا في عدد كبير من الأفلام مثل أدواره أمام شادية في (الهواء مالوش دوا)و(بشرة خير) وكذلك تميز في فيلم (الأستاذة فاطمة) أمام فاتن حمامة وهو فيلم اجتماعي كوميدي يناقش عمل المرأة في مجال المحاماة .ومن أدوار الشر التي قدمها في الفترة المبكرة دوره في فيلم (أمير الانتقام) فهو أحد الثلاثة الذين يخونون صديقهم ويتزوج خطبيته, وقد قدم نفس الدور بشكل عصري كصديق خائن يستولي علي حبيبة صديقه في فيلم (رسالة غرام )مع فريد الأطرش .
ولا يمكن أن ننسي دوره في فيلم (الرجل الذي فقد ظله) كصحفي متلون متغير وهو دور خالد لأن أمثال هذا الصحفي موجودون في كل مكان وزمان ولعلنا نصطدم بهذا النموذج كثيرا يعد ثورة 25 يناير . وقد قدم الشناوي شخصية معاكسة لهذه الشخصية في فيلم (نورا) حيث ظهر في دور صحفي مناضل شريف يتعرض للسجن من أجل آرائه .
ومن أعماله المتميزة دور ##رؤوف علوان## في اللص والكلاب حيث يقوم بتبرير سرقات اللص بالمنطق والسفسطة, ودور الزوج المقهور في فيلم المستحيل , ودور خالد صفوان – المأخوذ عن شخصية صلاح نصر رئيس المخابرات أيام عبد الناصر – في فيلم الكرنك وهو الدور الذي يعد نقله كاملة في حياة الشناوي فلم يعد الفتي المعشوق أو مجرد الشرير لمجرد الشر .بل جسد من الأعماق شخصية الضابط السادي الذي يقوم بالتعذيب لإشباع ذاته بحجة المحافظة علي الثورة من أعدائها .
وقد نجح الشناوي في تكسير محاولة حصره بدور معين ولم يصبح العمر أبدا قيدا علي موهبته الساطعة بل بهر الجميع في دور وزير الداخلية في فيلم الإرهاب والكباب ودور الوزير في فيلم الواد محروس بتاع الوزير .بل أن مجرد وجوده في أفلام قليلة القيمة الفكرية مثل أعماله مع فيفي عبده (الصاغة)و(ضربة جزاء) يجعلها مقبولة المشاهدة.
تواجد الشناوي أيضا في العديد من الأفلام العالمية والعربية مثل فيلم دكتور بالعافية (المغرب) وفيلم علي ضفاف النيل (مصري – ياباني)وفيلم (البدوية العاشقة – لبنان) وفيلم (الرجل المناسب – سوريا )و فيلم (الملائكة – تونس) .كذلك أخرج الشناوي فيلما واحدا هو فيلم (تنابلة السلطان)
أما أعماله التليفزيونية يأتي علي رأسها المسلسل المتميز (هند والدكتور نعمان) ومسلسل (أولاد حضرة الناظر) وغيرها الكثير .رحم الله سجل الفن المصري وتطوره المبدع البديع كمال الشناوي.