قال الرئيس بوش في أحدث إعلان له عن أسبوع رسمي احتفالا بالمؤسسات الأمريكية السوداء ”إن التعليم هو جزء أساسي من تحقيق الحلم الأمريكي وتساعد الكليات والجامعات الأمريكية السوداء تاريخيا علي ضمان أن تتوفر لكل طالب الفرصة للحصول علي تعليم جيد.”
جدير بالذكر أن لدي الولايات المتحدة اليوم 105 كليات وجامعات سوداء عبر البلاد. وهي تخرج أكثر من 50 بالمائة من الاختصاصيين وأساتذة المدارس الثانوية الأمريكية _ الأفريقية, و 70 بالمائة من أطباء الأسنان الأمريكيين الأفارقة, وفقا لصندوق الكليات السوداء الموحد.
وينتقل نصف الأمريكيين الأفارقة الذين يتخرجون في كليات وجامعات سوداء تاريخيا إلي مدارس احترافية. وتقدم الكليات والجامعات السوداء تاريخيا أكثر من ثلث الشهادات التي يحملها أمريكيون أفارقة في العلوم الطبيعية ونصف الشهادات في الرياضيات. وبالإجمال, فإن معدل نسبة التخرج في الكليات والجامعات السوداء تاريخيا هي أعلي من نسبة التخرج للأمريكيين الأفارقة في المؤسسات التعليمية ذات الغالبية البيضاء.
لكن معظم مؤسسات التعليم السوداء تاريخيا ترحب اليوم بجميع الطلاب, بصرف النظر عن العرق. غير أنه حتي قيام حركة الحقوق المدنية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي, لم يكن ممكنا لمعظم السود الذين أرادوا الحصول علي تعليم في مستوي الكلية, الحصول عليه إلا من كلية أو جامعة سوداء تاريخيا, وعليه أصبحت هذه المؤسسات المصدر الأساسي أمام قادة المجتمع فضلا عن مراكز للحياة الفكرية للأمريكيين الأفارقة.
وقد تأسس بعض هذه الكليات والجامعات قبل الحرب الأهلية الأمريكية (1861 – 1865) – فجامعة ويلبرفورس مثلا في ويلبرفورس, أوهايو, تأسست عام 1856 في مكان تحت الأرض تابع للسكة الحديدية, وهو شبكة من الطرق السرية والملاجيء الآمنة لجأ إليه العبيد طلبا للحرية. وقد اعتمدت جامعة ويلبرفورس علي التمويل الخاص وانتسبت أولا إلي الكنيسة المنهجية الأسقفية وبعد ذلك إلي الكنيسة الأفريقية المنهجية الأسقفية.
وقد أنشيء الكثير من الكليات والجامعات الأمريكية السوداء بعد الحرب الأهلية مباشرة, عندما شكل الكونجرس مكتب اللاجئين, والرجال المحررين, والأراضي المهجورة لمساعدة 4 ملايين أمريكي أسود كانوا يتحولون من العبودية إلي الحرية. فقد بنيت أكثر من 1000 مدرسة سوداء وأنفق أكثر من 000,400 دولار _ وهو مبلغ كبير في ذلك الحين _ لإنشاء معاهد لتدريب المعلمين.
ويستمر الدعم الحكومي اليوم عبر مبادرة من البيت الأبيض طلب لها الرئيس بوش مبلغ 402.8 مليون دولار من ميزانية السنة المالية 2008 لتقوية مؤسسات التعليم العالي التي تخدم نسبة كبيرة من طلاب الأقليات والفقراء بما فيها الكليات والجامعات السوداء تاريخيا.
غير أن معظم هذه المؤسسات يعتمد بصورة رئيسية علي مصادر التمويل الخاصة والكنائس. وهي تركز الآن بصورة خاصة علي تعليم لا الأساتذة فحسب بل أيضا قادة المجتمع.
خريجون متميزون من الكليات والجامعات السوداء
كلية مورهاوس في أتلانتا, التي تأسست عام 1867, هي الكلية الوحيدة الخاصة, السوداء تاريخيا التي تحتوي علي كلية فنون ليبرالية للرجال ومدة لتعليم فيها أربع سنوات. وتمنح كلية مورهاوس التي تضم أكثر من 3000 طالب, عددا من شهادات البكالوريوس لرجال أمريكيين أفارقة أكثر من أية مؤسسة أخري في الولايات المتحدة. ومن بين خريجها الفائز بجائزة نوبل للسلام مارتن لوثر كنج الابن, فضلا عن الفائز بجوائز إخراج الأفلام المشهور سبايك لي, وكلية سبيلمان الأوليمبية, الموجودة أيضا في أتلانتا, هي أقدم مؤسسة تعليمية للفنون الليبرالية للنساء السوداوات ومدة الدراسة فيها أربع سنوات, وتصنف دائما من قبل مطبوعات وطنية علي أنها من أفضل الكليات في الولايات المتحدة.
وقد صنفت مؤخرا كلية سبيلمان, التي تأسست عام 1881بـ 11 طالبا في الطابق الأرضي لإحدي الكنائس, علي أنها الكلية رقم واحد من قبل استفتاء وطني لأن نسبة المتخرجين فيها وهي 77 بالمائة تفوق بكثير ما يتوقع من مؤسسة تضم ذلك العدد الكبير من الطلاب من عائلات ذات دخل محدود. ومن بين خريجيها أليس ووكر ومؤسسة صندوق الدفاع عن الأطفال ماريان رايت ايدلمان.
غير أن الحجم ليس مقياسا جيدا لنفوذ أي مدرسة. فجامعة فيسك في ناشفيل, تنيسي, التي تأسست عام 1866, تضم 825 طالبا فقط, لكنها لعبت دورا مهما منذ أن خرجت في القرن التاسع عشر دبليو.إي.بي. دوبوا, الذي أكد بأن الحقوق المدنية والقوة السياسية ضروريان للسود, والذي شارك في تأسيس الجمعية الوطنية لتقدم الملونين. وتضم هيئة التعليم والطلاب في فيسك تلك الشخصيات الكبيرة في الأدب الأمريكي أمثال آرنا بونتمبس, وستيرلنج براون, وروبرت هايدن وجيمس ويلدون جونسون; والمؤرخ الشهير جون هوب فرانكلن, وزعيم الحقوق المدنية جون لويس, وهو الآن عضو في قيادة الحزب الديمقراطي في الكونجرس, والشاعرة المعاصرة الفائزة بجوائز نيكي جيوفاني.
وكان خصم دوبوا في ما أصبحت أعظم مناظرة في المجتمع الأمريكي _ الأفريقي, بوكر واشنطن, مؤسس ورئيس ما تسمي اليوم جامعة تاسكيجي. وقد جادل واشنطن بالقول إن العمل الشاق والتعليم في العلوم الصناعية, وليس القوة السياسية, هما المفتاح لتقدم السود. ومن بين أفضل خريجي تاسكيجي الروائي رالف أليسون, الذي ينتقد ضمنا واشنطن في روايته الشهيرة ”إنفيزيبل مان” (أي الرجل الخفي); والموسيقي الفائز بجائزة جرامي خمس مرات لايونيل ريتشي; وطيارو تاسيكيجي, وهم مجموعة من الطيارين القتاليين الأمريكيين الأفارقة الذين مثل أداؤهم الباهر أثناء الحرب العالمية الثانية حدثا مهما في اتجاه دمج القوات الأمريكية المسلحة.
يو إس جورنال